“لست مقتنعًا بأن فيروس كورونا الجديد جاء من الطبيعة”، “من المرجح أن يكون فيروس كورونا الجديد قد جاء من الطبيعة”، “لا أعتقد أن فيروس كورونا الجديد قد تسرب من معهد ووهان الصيني لعلم الفيروسات”، “اطلب من الصين نشر السجلات الطبية لـ 9 أشخاص ومواصلة التحقيقات”… في الآونة الأخيرة، قام مدير المعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية أنتوني فاوتشي “بتغيير موقفه مرارًا وتكرارًا” بشأن مصدر فيروس كورونا الجديد، وكانت هناك سلسلة من الملاحظات المتناقضة المحيرة إزاء ذلك.
ماذا حدث لعالم الأوبئة المعروف بـ “الكابتن الأمريكي لمكافحة الوباء”؟
دعونا أولاً نلقي نظرة على ما يحدث في الولايات المتحدة. في الوقت الحالي، يواجه وباء فيروس كورونا الجديد في الولايات المتحدة موجة جديدة من التفشي الخطير، حيث بلغ إجمالي الحالات المؤكدة أكثر من 35 مليون حالة، والوفيات أكثر من 610 ألف حالة. في هذه اللحظات الحرجة، يصرخ بعض الساسة ووسائل الإعلام الأمريكية مرارًا وتكرارًا بشأن نظرية”التسرب المختبري” لفيروس كورونا الجديد، وينخرطوا في “توجيه أصابع الإتهام” نحو الصين في محاولة لإلغاء الاستنتاجات العلمية لتقرير منظمة الصحة العالمية عن المرحلة الأولى من تحقيقات تتبع مصدر كورونا وتحدي الإجماع العام للمجتمع العلمي الدولي بشكل علني. في الوقت نفسه، كانت هناك موجة من مناهضة العلم في الولايات المتحدة، وكثيراً ما واجه العلماء الذين تبنوا موقفًا عقلانيًا وموضوعيًا القمع السياسي أو الإساءات اللفظية وحتى التهديدات الشخصية.
في هذه البيئة السياسية المشوهة، أصبح المشهد مروعا. من ناحية أخرى، أصبح أنتوني فاوتشي الذي صرح بوضوح أنه “لا يوجد دليل يدعم نظرية التسرب المختبري” هدفًا رئيسيًا لانتقادات الساسة الأمريكيين. ووجهت إليه تهمة “خدع الكونغرس” و”تضليل الشعب الأمريكي”، وتم تهديده بوقف دفع رواتبه والإقالة وحتى توجيه المسؤولية الجنائية إليه، وتعرض للهجوم باعتباره “يدعم معهد ووهان الصيني لعلم الفيروسات لجعل الفيروس أكثر فتكًا” و”يجب أن يكون المسؤول عن تفشي الوباء في الولايات المتحدة “… من ناحية أخرى، استخدم السياسيون الأمريكيون فاوتشي مرة أخرى كأداة لتأييد “نظرية المؤامرة “الخاصة به. حيث اغتنمت بعض وسائل الإعلام المناهضة للصين الفرصة لاستخراج بضع العبارات من نصها، فقط لإثارة الضجة في ما يسمى بـ “فضيحة العلماء” و”التقارير البحثية غير المكشوف عنها”.
قد يكون فاوتشي عاجزًا أمام ذلك. لم يكن العالم البالغ من العمر 80 عامًا قادرًا على التخلي بهدوء عن الروح العلمية للدفاع عن الساسة الأمريكيين، ولم يكن قادرًا على تحمل الضغط للإصرار على الاقتراح الصحيح، وكان عليه أن يصبح “الدمية المتمايلة” التي تتأرجح يمينا ويسارا بين الحقائق والأكاذيب ليفقد مكانته كعالم. هذه هي مأساة فاوتشي، ومأساة المجتمع العلمي والولايات المتحدة. وما يوضح لنا أن ما يسمى بأبحاث تتبع مصدر كورونا في الولايات المتحدة ما هي إلا لعبة سياسية. من أجل توجيه أصابع الإتهام نحو الصين وتشويه سمعتها، حتى أن الولايات المتحدة لا تتردد في مد يدها السوداء إلى المجال العلمي والشروع في حملة لإسكات صوت العلماء.
في المسلسل الأمريكي “بيت من ورق”، قال سياسي من واشنطن هذه العبارة: “السياسة تتطلب التضحية. بالطبع إنها تضحية بالآخرين”. وفي الوقت الحاضر، كشفت سلسلة من الظواهر الغريبة للضغط السياسي على العلم في الولايات المتحدة عن القواعد القاسية للعبة “بيت الورق” في حرب الولايات المتحدة ضد الوباء: فتتجاوز المصلحة الشخصية السياسية كل شيء. ويمكن التضحية بـ “فاوتشي و أمثاله”، ويمكن التضحية بحياة الآلاف من الأمريكيين.