في ظل التصعيد المستمر للصراع بين روسيا وأوكرانيا، تحاول الولايات المتحدة، بصفتها الساعي وراء اشعال الصراع، بناء تحالف أكبر “مناهض لروسيا” بينما الولايات المتحدة تتأجج نيران الصراع، حيث تسعى إلى كسب الحلفاء الأوروبيين، وجذب بعض الدول الآسيوية إلى هذا التحالف، وحتى أنها تهدد هذه الدول قائلة: “من لن يشارك في العقوبات المفروضة ضد روسيا، سيعاني من عواقب وخيمة”.
إن تكوين “جماعات صغيرة” وصنع “أعداء وهميين” وخلق مواجهات بين المعسكرات المختلفة هي الاستراتيجيات المعتادة للولايات المتحدة. ففي السنوات الأخيرة، أصبح توجه الولايات المتحدة، بما في ذلك تكوين “تحالف العيون الخمس” و”الآلية الرباعية للولايات المتحدة واليابان والهند وأستراليا” و”الشراكة الأمنية الثلاثية بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا” وغيرها من “الجماعات الصغيرة”، إضافة إلى موجة إثارة المواجهات الأيديولوجية حول العديد من القضايا مثل حقوق الإنسان والاقتصاد والتجارة ومكافحة الوباء، ومحاولة المبالغة في “منافسة الدول الكبرى” و”نظرية التهديد الصيني”، وأنه يمثل أكبر عقبة أمام السلام والاستقرار الإقليميين.
أعلنت وثيقة “إستراتيجية الولايات المتحدة للمحيطين الهندي والهادئ” التي أصدرها البيت الأبيض في فبراير الماضي، أنها ستركز على جميع أركان منطقتي المحيطين الهندي والهادئ من جنوب آسيا إلى جزر المحيط الهادئ، مشددة على أهمية تعزيز علاقات التحالف والردع العسكري والادعاء دون خجل أن ذلك يعد تشكيل “قوة ردع شاملة” و” تهيئة البيئة الاستراتيجية المحيطة بالصين”، هذه قد كشفت عن أن “استراتيجية المحيطين الهندي والهادئ” التي تتبناها الولايات المتحدة هي عبارة عن تشكيل مواجهات بين المعسكرات المختلفة ، فقد أثارت الخدعة التي تستخدمها الولايات المتحدة والقائمة على سياسة الكتلة لاحتواء “المعارضين الاستراتيجيين” والحفاظ على هيمنتها، يقظة عالية الدول الآسيوية .
تدرك الدول الآسيوية جيدا أن المواجهة بين المعسكرات لن تؤدي إلا إلى نتائج مأساوية، حيث كانت آسيا غارقة في المواجهة بين معسكرين لفترة طويلة خلال الحرب الباردة، وظل الوضع الجيوسياسي متوترا، حتى اندلعت النزاعات الإقليمية، أما بعد الحرب الباردة، فطالما اتبعت الولايات المتحدة “دبلوماسية القيم” في منطقة الشرق الأوسط، حيث تم تشكيل تحالفات عسكرية وخلق صراعات إقليمية وتفريق دول الشرق الأوسط عمدا، مما جعل الصدمات والاضطرابات تستمر في المنطقة إلى يومنا هذا. وأوروبا لم تهرب من هذا المصير أيضا، حيث يستمر تحالف الناتو العسكري بقيادة الولايات المتحدة في التوسع شرقا، ويضغط باستمرار على الأمن الاستراتيجي لروسيا، ليؤدي ذلك في نهاية المطاف إلى اندلاع صراع بين روسيا وأوكرانيا.
الغالبية العظمى من الدول الآسيوية لا تتمنى تكرار المواجهات بين المعسكرات في آسيا، حيث لم تفرض دول آسيوية مثل الهند وإسرائيل وقطر والسعودية عقوبات على روسيا كما فعلت الولايات المتحدة، بينما أدركت المزيد من الدول الآسيوية أن عقلية الحرب الباردة والمواجهات بين المعسكرات تتعارض مع اتجاه العصر.
في الوقت الحاضر، تواجه المنطقة الآسيوية تحديات متعددة منها اعادة تفشي الوباء والانتعاش الاقتصادي البطيء وانتعاش سلسلة التوريد الهشة، فما تحتاجه الدول الآسيوية هو بناة السلام والمساهمون في التنمية والمحافظون على النظام، وليس التدمير وخلق الأزمات. يتعارض التوجه السياسي للولايات المتحدة في خلق المواجهات بين المعسكرات مع الرؤية المشتركة للتنمية السلمية لدول المنطقة، لذلك فهو محكوم عليه بالفشل.
*سي جي تي إن العربية.