شبكة طريق الحرير الصيني الاخبارية/
قدرة اليابانيين المذهلة على تجاوز الازمات
رؤية حرة
بقلم: الاستاذ منصور ابو العزم*
عندما تشاهد الجبال والغابات من نافذة الطائرة فى رحلة محلية بين اقاليم اليابان تصاب بالدهشة كما فعلت وتتساءل : كيف يمكن لهذا الشعب الذى يعيش ويأكل ويسكن فى مساحة لاتزيد على 29 % من مساحته البالغة 300 الف كيلو مترا مربعا – اى ثلث مساحة مصر – ان يبدع وينتج وتكون منتجاته الارقى والاجود ، وهو فى نفس الوقت يعيش على رعب الزلازل اليومية والبراكين والاعاصير والتيفون ؟!
وتندهش من مشاهد المناطق السكنية وانت تراها عبارة عن ممرات او وديان صغيرة بين الجبال واحيانا كثيرة فوق الجبال ، وتحاول تخيل المشهد عندما يقع زلزال بقوة 7 درجات مثلا لاقدر الله .
فاليابان تتعرض لكم هائل من الكوارث الطبيعية سنويا ، ربما لايوجد لها نظير فى العالم ، غير ان تقبل الشعب اليابانى لغضب الطبيعة وقدرتهم الفائقة على تجاوز تلك الكوارث والازمات والبدء من جديد وبصورة اكثر روعة من ذى قبل ، امر مذهل يثير الاعجاب والدهشة معا ، فاليابانيون لديهم طاقات كامنة مذهلة تدفعهم الى تحدى الازمات السياسية والاقتصادية وغضب الطبيعة والبدء من جديد بصورة افضل واروع مما كان الوضع عليه ، وينجحون فى تشييد نظم وابداعات مذهلة تثير الاعجاب والدهشة ..وتاريخ اليابان مليئ بالامثلة التى تبرهن على ان العوامل الطبيعية والمناخية قد اثرت بشدة على شخصية اليابانى ، وجعلته يراكم منظومة من القيم الراقية المادية والروحية التى ينفرد بها وتدفعه باستمرار الى تحدى الازمات وتجاوزها بصورة بارعة لاتتمتع كثير من الشعوب بمثلها حتى الشعوب الاسيوية المجاورة !
ويمكن بسهولة الى نشير الى مثالين على ذلك فى تاريخ اليابان الحديث :
الاول : زلزال طوكيو عام 1923 ، الذى يمر عليه العام بعد القادم 100 سنة ، ويطلقون عليه زلزال كانتو ، اى منطقة طوكيو الكبرى ، ففى ظهر اليوم الاول من سبتمبر ، فى مثل هذة الايام ، وقع « المدمر » كما يطلقون عليه ، وسوى العاصمة طوكيو ويوكوهاما بالارض ، ولم يترك مبنا قائما وقتل اكثر من 130 الف شخص ، وزرع هاجسا مرعبا لدى اليابانيين مفادة اعتقاد بان طوكيو سوف تتعرض لزلزال مدمر كل 60 عام ، ولذلك عندما تبدأ الارض فى الاهتزاز يتوجس اليابانيون قائلين : هل هو القاتل ؟
غير انهم نهضوا من غضبة الطبيعة واعادوا بناء البلاد بصورة اكثر رقيا وتحضرا مما كانت عليه قبل الزلزال .
المثال الثانى : الهزيمة فى الحرب العالمية الثانية والدمار الذى لحق كل شئ وكل مكان فى البلاد ، غير انه لم تمر 10 سنوات وقد تخلص اليابانيون من تداعيات الهزيمة نفسيا وماديا وتوثبت لديهم روح التحدى واعادوا بناء بلدهم بصورة رائعة ، بل انهم وبعد اقل من 20 عاما اصبحوا القوة الاقتصادية الثانية على العالم بعد الولايات المتحدة واسواق العالم تعج بمنتجاتهم التى تتميز بجودتها العالية ورقى تصميمها الانسانى !
*تعريف بالكاتب: حاصل على بكالوريوس الآداب في كلية الإعلام بجامعة القاهرة عام 1984، شهادة الماجستير في كلية العلاقات الدولية بالجامعة الدولية اليابانية عام 2000. وبدأ يشتغل في صحيفة ((الأهرام)) عام 1984، وتولى منصب نائب رئيس التحرير لذات الصحيفة عام 2005، وتولى منصب رئيس التحرير لجريدة ((الوسط)) الكويتية في الفترة ما بين عامي 2008 و2009، وفي عام 2010 تولى منصب رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة ((الأهرام)).