إذاعة الصين الدولية أونلاين/
منذ تفشي وباء كورونا المستجد (كوفيد-19)، تواطأت بعض وسائل الإعلام والسياسيين الغربيين مع بعضهم البعض، متجاهلين العلوم الطبية، ليروجوا نظرية المؤامرة التي تدعي بأن مصدر الفيروس مرتبط بمعهد أبحاث الفيروسات في مدينة ووهان الصينية.
وفي المقابل، رفض العديد من العلماء والباحثين في جميع أنحاء العالم نظرية المؤامرة، مشيرين إلى عدم صحة وثغرات هذا الحكم . رغم ضغط بعض السياسيين الأمريكيين، لم تتمكن وكالات المخابرات الأمريكية من العثور على أدلة تدعم مزاعم هؤلاء الساسة حول مصدر الفيروس، الأمر الذي تسبب في “خيبة أمل كبيرة” لدعاة نظرية المؤامرة.
في 30 أبريل، بالتوقيت المحلي، أصدر مكتب مدير المخابرات الوطنية الأمريكية بيانًا على الموقع الرسمي، جاء فيه أنه “يتفق مع الإجماع الواسع في المجتمع العلمي على أن فيروس كوفيد-19 ليس مصطنعًا ولم يتم تعديله وراثيًا.”ولكن، عندما سأل أحد الصحفيين في وقت لاحق من اليوم نفسه عما إذا كان هناك دليل على أن الفيروس نشأ في مختبر ووهان، رد الرئيس ترامب: “نعم، عندي أدلة”. وعندما سئل عن ماهية الأدلة، رد ترامب: “لا استطيع ان أقول لك”.خلال الأسابيع الماضية، دحض العديد من الخبراء والمؤسسات الموثوقة والمجلات الأكاديمية مثل هذه الشائعات.
قالت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، فضيلة الشايب، مؤخرًا إن هناك بعض الأساطير ونظريات المؤامرة حول مصدر فيروس كوفيد – 19 على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، ولكن جميع الأدلة تشير إلى أن الفيروس ينشأ من الحيوانات (على الأرجح من الخفافيش)، وليس من خلال التدخل البشري في المختبرات.
إن آراء الكثير من معاهد الأبحاث تتفق مع منظمة الصحة العالمية، حيث أشار معهد سكريبس الأمريكي للأبحاث في مقال نشره مؤخراً أن الهيكل الرئيسي لفيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) يختلف عن الهياكل الرئيسية لأي فيروس معروف لدى البشر.
وفي يوم 26 مارس، كان مدير معهد الأبحاث الصحية الأمريكي فرانسيس كولينز قد نشر مقالاً، أكد فيه أن فيروس كورونا الجديد مصدره الطبيعة.
وفي يوم 17 إبريل، صرح المكتب الرئاسي الفرنسي أنه لا توجد براهين مؤكدة تدل على صلة ظهور فيروس كورونا الجديد بمختبر ووهان.
وفي يوم 25 إبريل، ذكرت مدونة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي الأمريكية أن الحائز الياباني على جائزة نوبل للطب تاسوكو هونجو أعلن أن فيروس كورونا الجديد لم يصدر “من الطبيعة”، بل “تم تصنيعه في الصين”. وبعد ذلك دحض تاسوكو هذا الادعاء الذي لا أساس له من الصحة على الإطلاق، مشدداً على أهمية تركيز الجهود في علاج المزيد من المصابين، بدلاً من تحشيد الرأي العام إلى جهات خاطئة.
كما أشار أنطوني فوتشي كبير الخبراء الأمريكيين ومدير معهد أبحاث الأمراض المعدية مؤخراً أن التسلسل الجيني لفيروس كورونا الجديد يدل على أنه انتقل من الحيوانات إلى الإنسان، وليس مصطنعا في أي مختبر.
ذكرت صحيفة “بيزنس إنسايدر” الأمريكية يوم السبت (2 مايو) أن جونا مازيت خبير الأمراض الوبائية بمعهد ديفيس الفرعي التابع لجامعة كاليفورنيا، والذي كان درب العاملين في معهد بحوث الفيروسات بووهان، يرى أن فيروس كورونا المستجد من المستحيل أن يأتي من المختبر لأربعة أسباب: عينة المختبر غير متطابقة مع فيروس كورونا المستجد
تنفيذ المختبر اتفاقية الأمن الصارمة فيروس كورونا المستجد نوع من أحدث الفيروسات التي تصيب الإنسان والحيوان والإنسان العادي أكثر عرضة للإصابة بالفيروس الحي من الباحثين.
وبالإضافة إلى ذلك، ذكرت صحيفة ساينس ديلي الأمريكية مؤخرا أن تحليلا أظهر عدم وجود دليل على صنع الفيروس في المختبر أو التصميم بأسلوب اصطناعي وذلك لسببين: وجدت البحوث أن فيروس كورونا المستجد يمتلك هيكلا رئيسيا يمختلف عن جميع الفيروسات المعروفة.
يتمتع بروتين فيروس كورونا المستجد بقدرة قوية جدا للارتباط مع الخلايا البشرية وهذه القدرة لا تأتي من أي مكان إلا بالتطور الطبيعي.
متى وأين نشأ فيروس كورونا المستجد؟ لا يوجد استنتاج بعدفي 18 مارس، نشر الموقع الرسمي لجامعة تولين الأمريكية فيديو مقابلة لعالم الفيروسات روبرت جاري. قدم الأستاذ جاري في الفيديو بحث فريقه حول أصل فيروس كورونا المستجد: “هذا ليس سلاحا بيولوجيا، إنه نتاج الطبيعة. لا نعرف منذ متى تعايش الفيروس مع البشر، ربما بضعة أشهر فقط، أو بضعة سنوات، أو حتى عقود، وفي النهاية حدثت عليه طفرة صغيرة، مما سمح بانتشاره بشكل أسرع.
هناك بعض الحالات في ووهان بالتأكيد، لكنها ليست مصدر الفيروس بأي حال من الأحوال.”الآن، اكتشفت المزيد من الدول حالات ليس لها تاريخ اتصال مع الصين.
على سبيل المثال، وجدت ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة بعض المرضى الذين ليس لديهم تاريخ سفر في المناطق المصابة ولم يخالطوا المصابين السابقين. أول إصابتين مؤكدتين في إيران ليس لديهما تاريخ السفر إلى الصين. وتم التأكد من إصابة ياباني بعد عودته إلى اليابان من رحلة إلى هاواي ولم يقم بزيارة الصين منذ فترة.
يجب التخلي عن نظرية المؤامرة لتلفيق الفيروسات ولنعمل معا لمكافحة الوباء بالنسبة لبعض وسائل الإعلام والسياسيين الغربيين، يمكن استخدام مسألة أصل فيروس كورونا المستجد كسلاح سياسي ضد الصين. ويمكن بطبيعة الحال “تجاهل انتقائي” لهذه الآراء والبيانات المتعارضة معنظريات المؤامرة.
حذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس غيبريسيوس منذ فترة من أن استخدام الوباء لتحقيق أغراض سياسية معينة هو مثل اللعب بالنار،ومن الأفضل العمل معًا للوقاية من الفيروس والسيطرة عليه لإنقاذ المزيد من الحياة بدلا من تلفيق نظريات المؤامرات.