جريدة الدستور الأردنية/
الأكاديمي مروان سوداح*
سأبقى مُصرّاً على رأيي أن زعماء دول كبرى وأجهزة توسعية لبلادهم هي التي تقف وراء ويلات فلسطين وشعبها منذ تقسيمها وإلى هذه الثواني.
لم توافق تلك الدول على منح يهودها وطناً دينياً أو «قومياً» على أراضيها التاريخية، بل اتفقت على «تصديرهم» إلى بِقاع أجنبية تخلصاً من مشكلاتهم الكثيرة. آنذاك، بعد انتهاء الحرب الكونية الثانية (1945)، تقيأت العقلية التآمرية لدولٍ كبرى عن فكرةِ «إهداء» أرض فلسطين؛ المُستَعمَرة البريطانية السابقة؛ لصهاينة العالم للتخلص من يهودها الأوروبيين والأمريكيين، ولدفعهم إلى حروب وبغضاء مع القوميات والشعوب العربية والإسلامية؛ ولافتعال مواجهات خطيرة مع دول كبرى منها الصين وروسيا؛ التي أرادوا تفتيتها بإقامة دول يهودية صهيونية واسعة فيها (منشوريا و بيروبيجان).
حينها، عمل قادة الصهاينة والدول العظمى سوياً وبتناغم قل نظيره على هذه الأجندة الشيطانية، وها هم ما زالوا يشتغلون على إتمامها جغرافياً وسياسياً واقتصادياً.
الدول الكبرى المُنتصرة على النازية والفاشية والعسكرتاريا اليابانية في الحرب الكونية الثانية، تناغمت وتوافقت سياسياً وفكرياً على تسمية فلسطين «وطناً قومياً لليهود»، هادفةً بهذا التحرك البريطاني والأنجلوسكسوني الهوى للخروج من أزماتها والانعتاق من تحكّم اليهود بها، فتقدمت بقرار تقسيم فلسطن، ومنحت أراضينا الشرعية والتاريخية للحركة الصهيونية، التي اعتمدتها الإمبريالية في منطقتنا لتمزيقنا وتشريد شعبنا العربي الواحد في الوطن العربي الواحد.
لذلك كله وغيره الكثير، تتحمل مجموعة تلك الدول تبعات مأساة فلسطين المتواصلة حتى اللحظة، وخرق الشرعة الإنسانية وحقوق الإنسان والشعوب بأوطانها. كذلك نَعتبر أنظمة تلك البلدان مسؤولة عن تشريد شعب فلسطين وقتل الملايين من الفلسطينيين والعرب، وتخليقها حروباً متواصلة في منطقتنا، سعياً منها لمحاولة ربطنا إلى الأبد بالمشروع الاستعماري الدولي، ولتكريس منطقتنا العربية الأفروآسيوية الغنية بمطموراتها الثمينة المختلفة وآثارها كمصدر شبه مجاني لتطوير مجتمعاتها وتعزيز مكانتها العالمية، قِواها العسكرية والاقتصادية؛ تجارتها وتوسيع خريطة مبيعاتها وأرباحها من منتجات الموت والسلع المدنية.
«اليهود» ليسوا شعباً ليتم منحهم أرضاً يدّعون صهيونياً وغربياً ورجعياً في دول شرق وغرب أوروبا أنها «جغرافيا بلا شعب» – ضمن الشعار الصهيوني والأوروبي التوسعي «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض».
أكد العُلماء الروس المتخصصون في الصهيونية واليهودية والموسوية والإسرائيليات وما إليها من تسميات كثيرة متناقضة فيما بينها؛ الذين منهم الجنرالان أليكسندر رومانينكو، ويفغيني شيكاتيخن، ويفغيني يفسييف، وفلاديمير بيغون؛ أن اليهود علمياً وتاريخياً ليسواً شعباً، فهم لا يتمتعون بمكانة ووضع «الشعب» الواحد المُتّحد ضمن شروط عديدة ضمنها الجغرافيا، وهم غير متفاهمين ولا ملتفين حول أهداف وأماني تجْمَعَهم، إذ أنهم طوائف دينية متعددة ومتناقضة في دول كثيرة، مثلهم مثل أتباع أديان أخرى منتشرة على وجه البسيطة.
«اليهود» ينتمون إلى قومية وهمية، فهم يتحدثون بالإضافة إلى لغات قوميات الشعوب التي هم جزء منها، لهجات أخرى مَحكية ومُحرّفة عن لغات، منها «لادينو» في إسبانيا؛ «إيديش» في ألمانيا وأوروبا وروسيا، و»التاميلية» في شبه الجزيرة الهندية. أضف إلى ذلك أن قائد الشيوعية السوفييتية، فلاديمير لينين؛ وأمه «بلانك» يهوداً، وأبوه يهودي أيضاً وفقاً للدراسات السوفييتية والروسية؛ نفى نفياً قاطعاً في أبحاثه الشهيرة ما يُسمّى بالخصائص العرقية «لليهود»، وكذلك الأمر لدى غيره من المتخصصين والمفكرين الاشتراكيين والرأسماليين العالميين.
*كاتب وصحفي أردني, رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتاب العرب أصدقاء(وحلفاء) الصين.
حول مقال فلسطين أرض لشعبها العربى
شكرا للكاتب الكبير مروان سوداح لأننا فى حاجة الآن إلى إعادة التذكير مع التوعية بالقضية الفلسطينية وحقيقة الصراع مع العدو الصهيونى وخاصة ان الاجيال الجديدة من الشعبوب العربية لا تتفهم صلب القضية هذا غير هرولة أنظمة عربية للتطبيع فى كل المجالات مع العدو الصهيونى
شكرا لك سيدة/ استاذ كريمة الحفناوي المكرمة.. سنبقى نُذكِّر الاجيال العربية الطالعة لتكون الذكرى جرساً يَدق في تاريخهم وواقعهم اليومية.
كل شيء ممكن نسيانه عدا فلسطين المقدسة..