جريدة الدستور الأردنية/
الاكاديمي مروان سوداح*
تلقيت اتصالات هاتفية عديدة، طرح أصحابها استفساراً تلو الآخر حول قضايا صهيونية، وردَت في مقالتي الإثنين الماضي، وعلى بعضها أجيب هنا.
في شأن المنطقة اليهودية في الشرق الأقصى الروسي (بيروبيجان)، تُخبِرنا المَراجع السوفييتية أن هذه المنطقة بدأت بالتطور و»الازدهار» بعد الوفاة الغامضة لِـ»فلاديمير لينين»، إذ أُشرعت الأبواب على مصاريعها للمدعو «ميخائيل كالينين» واليهود الصهاينة، لتصعيد حملتهم باستكمال سيطرتهم على مفاصل الحُكم في الدولة البلشفية الجديدة.
وبالرغم من أن لينين كان قد وافق على إقامة دويلة يهودية داخل حدود الاتحاد السوفييتي وعلى أراضٍ روسية تاريخياً ومجاورة للصين، إلا أن الصهاينة أرادوا لها أن تكون «مَعبَراً انتقالياً مثالياً» لفصائلهم المُدرّبة عسكرياً، وسياسياً، ومُنطلقاً لأموالهم الضخمة لضمان سيطرتهم التامة على مفاصل روسيا الاشتراكية الجديدة آنذاك، وتمهيداً للانطلاق منها لاحتلال فلسطين، من خلال كوادرهم اليهودية التي دُربت في الحرب الكونية الثانية، وجُهِّزت لخوض المعارك ضد العرب، ولإدارة الدولة العالمية المركزية للصهيونية السياسية والأيديولوجية والحربية في فلسطين!.
احتفلت حكومة رئيس «مجلس السوفييت الأعلى» لـِ»اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية»، الجاسوس ميخائيل كالينين، بهذا الحدث «العظيم!»، وخطب قائلاً: «إن تأسيس هذه المقاطعة اليهودية ذات الحكم الذاتي، هو حدثٌ هام جداً، وتركيز أعداد كبيرة من المواطنين اليهود الساكنين في كيان وِحْدة حُكومي، سيُساعد في رفع سوية الخدمات الثقافية «للجماهير» إلى أعلى مستوى ممكن. إلى ذلك، سيُعطِي «الشعب اليهودي!» كل مقومات الأمة، وستُتَاح الفرص لتحقيق مزيدٍ من الازدهار للثقافة الاشتراكية جوهراً واليهودية شكلاً، وبالتالي ستكون «بيروبيجان»، خلال عشر سنوات، مركزاً أساسياً لجماهير اليهود»!
بعد خطاب كالينين التآمري على روسيا وشعبها، بدأ الزعماء الروس الوطنيون والأمين العام للحزب الشيوعي السوفييتي جوزيف ستالين، حملة شاملة للقضاء على الصهاينة السريين المُندسين في القيادات الحزبية والحكومية السوفييتية؛ المُنتمِين لـِ»اتحاد بوند» الصهيوني الاشتراكي مَظهراً والاستعماري جوهراً؛ التي كانت فيما سبق قد نسّقت سراً مع الشركات الاستثمارية الأمريكية في التخطيط لإقامة هذه المنطقة الصهيويهودية، لاسترقاق الشعب الروسي أولاً؛ وثانياً لتوظيف روسيا سراً من خلال تغيير بُنيَتِهَا الاشتراكية، لتحقيق نتائج جوهرية وحقيقية داعمة للغرب وللصهيونية وتطلعاتهما الإمبريالية المُندغِمة في طبائع الدول الاستعمارية، وبخاصة تلك المتربولية التي هيمنت على العالم العربي من المحيط إلى الخليج في غفلة من الزمن والإنسان.
جمعيات (أحباء صهيون) في روسيا خَطّطت في هدفها الأول لاحتلال العالم الجديد (أمريكا)، تمهيداً لبناء إمبرطورية صهيونية «نقية» هناك وفي فلسطين الكنعانية العربية. آنذاك، كان الصهاينة يَجهدون لتثبيت أركان حكوماتهم في موسكو ومختلف دول العالم، لاستخدامها مصدراً للأموال ولتوجيه المُستوطِنين والمقاتلين والدعم السياسي والأيديولوجي صوب فلسطين، والتقت مطامع الصهاينة ولندن لإيجاد إسرائيلهم في أرض كنعان وتحويلها إلى قلعة لهم بمواجهة ما وصفوه في مصفوفتهم الأيديولوجية المناهضة للإنسان والحضارة والمنطق بـِ»البربرية العربية» و «التحضّر اليهودي»!.
بتأسيس بيروبيجان اليهودية، والكيان الصهيوني في فلسطين، والسيطرة على «العالم الجديد»، تم لكبار الرأسماليين اليهود والأنظمة الإمبريالية الحليفة للصهيونية ومراميها بُنيوياً وفكرياً، لجم وقمع مشاعر العداء للصهيونية دولياً، إدعاءً بأنها حركة تحرّر عالمية لليهود تمتلك الحق للإطاحة بخصومها، بخاصة بعد التآمر الشامل الذي الذي أفضى لإلغاء قرارٍ سابق للأمم المتحدة يُوصم الصهيونية بالعنصرية والتمييز العنصري، وجَسّد ذلك حُجةً مدعومة رجعياً لاسترقاق واستعباد العالم العربي أرضاً وإنساناً ومستقبلاً.
*كاتب وصحفي أردني, رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والاعلاميين والكتاب العرب أصدقاء (وحلفاء) الصين.