صحيفة الدستور الأردنية/
يلينا نيدوغينا*
أعتقد، أن مضاعفة تدفقات السياحة الدينية نحو الأُردن؛ بالطبع بعد الانتهاء من «قضية كورونا» والتأكد من القضاء على الفايروس عالمياً؛ يُمكن أن تُصبح نفطه وألماسه اللّمَاع، ونجاحاً غير مسبوق لتشغيل أضعاف مَن يَشتغلون الآن في المِضمار الواسع الذي يتّصل مباشرةً بـِ»السياح الدينيين» والسياحة الدينية التي لا ينضب مَعينها ولا تكلُ عيونها.
بين حين وآخر استمع لاقتراحات من السيّاح العاديين ومواطني دول العالم على اختلاف جنسياتهم، واتحدث باستمرار مع شخصيات أجنبية ذات وزن ثقيل في مجالها السياسي، والاجتماعي، والاقتصادي، والإعلامي، ولدي صِلات مع برلمانيين وسفراء ودبلوماسيين. بعض هؤلاء زار الأردن، أو أنه يعمل فيه، وبعضهم الآخر يقرأ عنه فقط، لكن جميعهم يرون في الأردن بلداً متميزاً وقريباً من قلوبهم وعقولهم، وينظرون إليه بودٍ واحترامٍ ومحبّةٍ، والأُردن بالنسبة إليهم تراباً مُقدّساً وتاريخاً عَطراً، وأرضاً مَحروسةً بعنايته تعالى، وبلداً يزهو بانتمائه للأنبياء والقديسين والصالحين عبر التاريخ.
طبعاً، هناك العديد من الاقتراحات التي يمكنها أن تنهض بالسياحة الأُردنية أضعاف ما هي عليه الآن، وأصحاب القرار يَعرفون ذلك جيداً كما يعرفه البسطاء، وهؤلاء وأولئك يتفقون على ضرورة الاسراع بتعظيم الجذب السياحي ليكون واحداً من القواعد الواعدة لنهضة متجددة للأُردن ولتأكيد محوريته ومكانته العالمية.
في اقتراحات يتداولها الأصدقاء الأجانب، ومنهم رجالات الدولة، ضرورة مضاعفة العناية بالسياجة الدينية، ويعتقدون أنه أمر يتآتى بتعيين ممثلين لممثليات خارجية خاصة بالسياحة الدينية، لكن بشرط: تعيين مَن لديهم القدرة الكاملة على التحرّك ونسج علاقات دولية عميقة ومُنتجة مع الجهات المُستهدَفة بالسياحة الدينية؛ وتمتعهم بحراكٍ لا يهدأ وهمّة دؤوبة؛ وإجادتهم لغات الشعوب التي يُنتَدَبون أُردنياً للعمل في أوساطها. لذلك، يُعتقدون أن الأجدر بهذه المهمة هم رجال الدين المسلمين والمسيحيين، ليكونوا مدراءً للمُمَثِليات الخارجية، وإسناد متخصصين أكاديميين بالسياحة الدينية كمساعدين لهم، فرجال الدين عُلماء لا تذبل أزهارهم في حقولهم صيفاً وشتاءً، وهم حاذقون في بجذب مليارات البشر لزيارة المواقع الدينية.
تعيين رجال دين قد يكون اقتراحاً مُبشّراً بمردود كبير. فرجل الدين مؤثّر في العامة والخاصة، الصّغار والكِبار، المتعلمين وغيرهم، ويَرسخ حديثه في أعماق الجميع، وهو مُصدّق ومُكرّم من الكل، ودارس ومتعمّق في تخصّصه، ويَشتغل بدون راحة بالقضايا الدينية، ولديه إتصال دائم وصدقات دولية طيبة مع رجال الدين والطوائف الدينية والسياسيين والاقتصاديين، ويُكرّس حياته للدين والاوقاف الدينية ورعايتها وصونها الخ. وبالتالي، فإن توظيف رجل الدين في ممثليات ومكاتب خارجية للسياحة الدينية ينطوي على أهمية استثنائية للأُردن، وقِيمة مُضَافة لا يمكن لموظف تقليدي تحقيقها مهما بلغ من نشاط وعِلم وهِمّة.
في أجندة أنشطة رجال الدين الأُردنيين في دول العالم، قراءة محاضرات وتنظيم ندوات عن السياحة الدينية، وفعاليات تتصل بها في الكنائس والمساجد والمؤسسات الاجتماعية والمدنية الرديفة لها، ويمكنهم وبكل يُسرٍ وسرعةٍ كتابة ونشر المقالات في وسائل الإعلام الأجنبية، وإصدار نشرات عن الأُردن للتعريف به، فهذه المهمة تكمن في صلب تخصّصهم ورسالتهم الإيمانية التي كرّسوا أنفسهم لأجهلها.
– إعلامية وكاتبة أردنية – روسية ورئيسة تحرير (الملحق الروسي) في صحيفة (ذا ستار)/ (الدستور) سابقاً.
شكرا كثيرا لك صديقي العزيز استاذ عبدالقادر خليل لاهتمامك بنشر هذه المقالة للكاتبة يلينا نيدوغينا..