Friday 15th November 2024
شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

شينجيانغ كما رأيتها..الحقائق تدحض الادعاءات الأمريكية

منذ 5 سنوات في 29/يناير/2020

*مجلة الصين اليوم/عدد يناير2020/

في يناير 2019، قمت مع وفد إعلامي مصري بزيارة منطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم الواقعة شمال غربي الصين، وشاهدت عن قرب حياة أفرادها ومواطنيها من مختلف القوميات، وما يسودها من استقرار وهدوء وتناغم فيما بينهم، في بوتقة واحدة تجمعهم جميعا، ليس على الانتماء والحب الشديدين لمنطقتهم ولبلدهم الصين فحسب، وإنما أيضا تجمعهم- وهو الأهم- على تأييد سياسات وإجراءات الحكومتين المركزية في بكين، والمحلية في شينجيانغ، لمكافحة الإرهاب واجتثاث التطرف والعنف في شينجيانغ، وكذلك الرفض الشديد لأي تدخل من جانب القوى الغربية في الشؤون الداخلية لبلدهم – الصين – ولمنطقتهم.

  أقول ما سبق على خلفية الخطوة المستهجنة وغير المبررة- بكافة المعايير- التي أقدم عليها مجلس النواب الأمريكي في الثالث من ديسمبر 2019 بإقراره لما أُطلق عليه “مشروع قانون سياسة حقوق الإنسان للويغور لعام 2019″، والتي جاءت- كالمعتاد- في إطار سلسلة من الخطوات العدائية من جانب واشنطن تجاه بكين في الآونة الأخيرة، بدءا من قيام إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في سبتمبر 2019، بفرض رسوم جمركية بنسبة 15% على الواردات الصينية التي تتجاوز قيمتها 125 مليار دولار أمريكي، مرورا بتوقيع الرئيس ترامب على مشروع قانون حول ما يسمى حقوق الإنسان والديمقراطية في هونغ كونغ، وصولا إلى الخطوة الأخيرة بشأن منطقة شينجيانغ.

  وفي حقيقة الأمر، يكاد المرء يشعر بالدهشة والاستغراب، بل والحيرة أيضا، إزاء تفسير هذا السلوك الأمريكي العدواني والاستفزازي، الذي عكسته تصريحات وقرارات، تجاه الصين عموما وتجاه الأوضاع في شينجيانغ خصوصا. بيد أن هذه الغرابة تزول فورا بالنظر إلى دوافعها وأسبابها، اللامنطقية من جانب واشنطن، من جهة، والمستندة إلى الحقائق على أرض الواقع من جانب بكين من جهة أخرى.

  فمن جانب، لا يخفى على المتابع لتطورات العلاقات الصينية- الأمريكية ما شابها من توترات وخلافات ظهرت إلى العلن في الآونة الأخيرة، على خلفية ما ترى واشنطن أنها قضايا مرتبطة بحقوق الإنسان في الصين، وفي القلب منها أوضاع حقوق الإنسان في منطقة شينجيانغ الصينية. والتي تحاول الولايات المتحدة الأمريكية، عبر تسييسها ومعاييرها المزدوجة، النفاذ من خلالها كذريعة للتدخل السافر في الشؤون الداخلية للصين، كإدعاء وجود وثائق مسربة عن انتهاكات لحقوق الإنسان في شينجيانغ، ردت عليها بكين بكل قوة وحزم، ومن خلال تبني مشروع القانون المشار إليه، بهدف تشويه جهود الصين في مجال مكافحة الإرهاب وإزالة التطرف تحت ستار ما يسمى بحقوق الإنسان والديمقراطية والحرية، ومهاجمة سياسة الحكومة الصينية الخاصة بإدارة منطقة شينجيانغ، والتي حققت التنمية والأمن والاستقرار لسكان المنطقة.

  وليس بخاف ما تحظى به منطقة شينجيانغ من أهمية إستراتيجية بالنسبة للصين، إذ تقع في قلب طريق الحرير، وتعد واحدة من ضمن أربع مناطق حيوية بالنسبة لسلامة الصين الإقليمية، ويوجد في باطنها الكثير من الثروات الطبيعية، كما تعتبر المنفذ الحدودي للصين مع دول وسط آسيا وروسيا وجسرها إلى أوروبا، وهي العوامل التي جعلت واشنطن ترى في شينجيانغ ورقة ضغط يمكن أن تستخدمها في مواجهة الصين.

  لذا، وعن طريق استغلال قضية شينجيانغ، تحاول وشنطن أيضا العمل على فرملة عملية التنمية في الصين، وعرقلة سعي بكين بدأب لتصدر المشهد الاقتصادي العالمي خلال سنوات معدودة. فإذا كانت الصين ثاني أكبر اقتصاد عالمي في الوقت الراهن، وتجاوز إجمالي ناتجها المحلي 61ر13 تريليون دولار أمريكي في 2018، وهو ما جعلها المحرك الأساسي لنمو الاقتصاد العالمي، فإنه يُتوقع أن تصبح الصين أكبر اقتصاد بالعالم بحلول عام 2030، متجاوزة الولايات المتحدة الأمريكية.

  ارتباطا بالهدف السابق، وفي ظل تنامي دور البعد الاقتصادي كمحرك للتفاعلات والعلاقات بين دول العالم، ولاسيما القوى الكبرى، وتأثيره في تحديد المكانة والنفوذ السياسي للدولة، لا نستغرب أن تلجأ واشنطن إلى إثارة المغالطات والأكاذيب بشأن منطقة شينجيانغ، في إطار سياسة الهيمنة الأمريكية وسياسة فرض القوة والنفوذ في العالم، لإنهاك الصين في مسائل داخلية ربما تعوقها أو تشغلها عن مواصلة نجاحها الاقتصادي، الذي سيترتب عليه مستقبلا نجاح وقوة تضيف إلى المكانة السياسية والإستراتيجية المتنامية للصين على المستوى الدولي. ومن ثم، تؤجل الولايات المتحدة الأمريكية تراجع هيمنتها ونفوذها على العالم لأطول فترة زمنية ممكنة، لتجنب تنازلها عن موقع القوى العظمى في عالم اليوم، في ظل تنبؤات وتوقعات بأن القرن الحادي والعشرين سيكون قرن التنين الصيني.

  وبقدر ما كان الموقف الأمريكي، كما عكسته الدوافع السابقة، يثير الدهشة والاستغراب لتعسفه وخروجه عن كافة الأطر والمعايير الحاكمة للعلاقات الدولية، بقدر ما كان الموقف الصيني عقلانيا ومسؤولا وحازما، على كافة المستويات، رسميا وشعبيا، ومرتكزا في الآن ذاته على توضيح الحقائق بشفافية ودون إخفاء لأي شيء.

  رفضت الصين، الرسمية والشعبية، بشدة وبحزم قيام مجلس النواب الأمريكي بتمرير مشروع القانون المشار إليه حول منطقة شينجيانغ. الرد الرسمي جاء سريعا وقويا على لسان هوا تشون ينغ المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، التي عبرت عن استياء الصين القوي ومعارضتها الحازمة لتمرير مجلس النواب الأمريكي مشروع قانون حول قضايا متعلقة بشينجيانغ. حيث رأت بكين أنه يشوه عمدا وضع حقوق الإنسان في شينجيانغ، ويشهر بجهود الصين في اجتثاث التطرف ومكافحة الإرهاب، ويهاجم بضراوة سياسة الحكومة الصينية إزاء شينجيانغ، وينتهك على نحو خطير القانون الدولي والقواعد الأساسية الناظمة للعلاقات الدولية، ويتدخل على نحو سافر في الشؤون الداخلية للصين.

  الرد الصيني على الخطوة الأمريكية جاء مقترنا بالحقائق والبراهين التي تفند مغالطات وأكاذيب واشنطن بشأن القضايا المرتبطة بشينجيانغ. وبعض من هذه الحقائق شاهدتها على الطبيعة، واستمعت إليها من المسؤولين الصينيين خلال زيارتي لمنطقة شينجيانغ، ومراكز التعليم والتدريب المهني فيها، وكذلك مراكز التسوق، ومنازل السكان المحليين، ورأيت الأفراد هناك يمارسون حياتهم الطبيعية، ويقومون بصحبة أطفالهم الصغار بزيارة مراكز التسوق وتناول الطعام بكل سعادة، بل ويقيمون حفلات الزفاف في مراكز التسوق، وشاهدت مواطني شينجيانغ وهم يتلقون دروسا في اللغة الصينية والقانون، ويتدربون على المهارات والحرف المهنية المختلفة دون أي شكوى أو تذمر، بل برضا تام من جانبهم ومن جانب أسرهم والمجتمع في شينجيانغ.

  وقامت الحكومة المحلية في شينجيانغ بتطبيق القانون في سلسلة الإجراءات والتدابير التي اتخذتها لمكافحة الإرهاب وإزالة التطرف، والتي جاءت متوائمة مع قرارات الأمم المتحدة ضمن “إستراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب”، و”خطة العمل لمنع التطرف العنيف” لحماية حقوق الإنسان الأساسية، وجميعها حظيت بدعم وتأييد الأفراد من جميع القوميات في شينجيانغ. وتمخضت عن القضاء على 1588 عصابة إرهابية تتبنى العنف، والقبض على 12995 إرهابيا، ومصادرة 2052 عبوة ناسفة.

  وكانت للإجراءات الفعالة والحازمة التي اتخذتها الصين لمكافحة الإرهاب وإزالة التطرف في منطقة شينجيانغ نتائجها الإيجابية على المنطقة وعلى السكان المحليين فيها. حيث لم تشهد المنطقة أعمالا إرهابية منذ ثلاث سنوات متتالية، بما حفظ حقوق الحياة والبقاء والتنمية لدى أبناء شينجيانغ من مختلف القوميات، الأمر الذي ساهم في تحقيق الاستقرار وتدعيم عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية في شينجيانغ.

  المؤشرات التي تؤكد ذلك عديدة، منها على سبيل المثال لا الحصر، أن شينجيانغ استقبلت خلال العشرة أشهر الأولى من عام 2019 ما يربو على 200 مليون سائح صيني وأجنبي، بزيادة 43% مقارنة مع ذات الفترة من العام 2018. وقام أكثر من 1000 شخص من نحو 70 دفعة من مسؤولي الدول والمناطق والمنظمات الدولية ووسائل الإعلام والمجموعات الدينية والخبراء والعلماء بزيارة شينجيانغ، وأشادوا بنتائج الإجراءات الصينية لمكافحة الإرهاب وإزالة التطرف في شينجيانغ. وهو الأمر الذي يعكس الاعتراف المشترك والترحيب من جانب المجتمع الدولي تجاه سياسة الصين في شينجيانغ.

  وتشهد منطقة شينجيانغ في الوقت الراهن حالة من الازدهار والتنمية لم تشهدها في الماضي، حيث ازداد الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة في عام 2018 بنحو 200 ضعف مقارنة بما كان عليه في عام 1952، وازداد متوسط دخل الفرد لسكانها خلال الثلاثين عاما الماضية بنحو 100 مرة. وخلال الفترة من 2014- 2018 نجح أكثر من 3ر2 مليون فرد في شينجيانغ في التخلص من الفقر، وانخفضت نسبة حدوث الفقر في الأرياف في الوقت الحالي بمعدل 1ر6% عن ما كانت عليه في الماضي. وفي عام 2020 ستحقق شينجيانغ مع باقي مناطق الصين هدف التخلص الكامل من الفقر. ليس هذا فحسب، وإنما أيضا يتم ضمان حرية العقائد الدينية في شينجيانغ، بجانب حماية الثقافات التقليدية الرفيعة للأقليات القومية.

  ومن هنا، يمكن فهم مغزى رد فعل الأوساط الاجتماعية والشعبية والدينية (الإسلامية) في شينجيانغ، ورفضها وإدانتها الشديدة لموافقة مجلس النواب الأمريكي على مشروع القانون المشار إليه سلفا، فالمجتمع والسكان المحليون في شينجيانغ شعروا بنتائج وثمار ما ترتب على تدابير مكافحة الإرهاب وإزالة التطرف في المنطقة من تحقيق الأمن والهدوء والتنمية ومكافحة الفقر والاستقرار الاجتماعي والحرية الدينية المكفولة للجميع، وبالتالي فهم ليسوا على استعداد للتنازل عن هذه الثمار التي تعمل واشنطن على حرمانهم منها بمحاولتها خلق الفوضى وزعزعة الاستقرار في شينجيانغ، ورفضوا بشدة أي تدخل من جانب الولايات المتحدة الأمريكية في الشؤون الداخلية الصينية.

  وفي حقيقة الأمر، فإن محاولة الولايات المتحدة الأمريكية ومعها بعض القوى الغربية المعدودة، التدخل في الشأن الداخلي للصين، عبر استغلال مسألة حقوق الإنسان والعرق والدين ومحاولة الربط بينها وبين إجراءات الصين لمكافحة الإرهاب وإزالة التطرف في شينجيانغ، أضحت من المسائل المكشوفة التي لم تعد تنطلي على أحد في المجتمع الدولي، الذي يشيد دائما بسياسة الصين في شينجيانغ. والأمثلة والدلائل على ذلك متعددة. ففي مارس 2019، تبنى مجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في دورته الـسادسة والأربعين قرارا أشاد بجهود الصين في توفير الرعاية للمواطنين المسلمين. وفي يوليو 2019، وقع سفراء لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف من أكثر من 50 دولة خطابا إلى رئيس مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، أشادوا فيه باحترام الصين وحمايتها لحقوق الإنسان في جهودها لمكافحة الإرهاب واجتثاث التطرف. وفي أكتوبر 2019، وخلال جلسة اللجنة الثالثة للدورة الرابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، ثمنت أكثر من ستين دولة في بياناتها التقدم الهائل الذي تحقق على صعيد حقوق الإنسان في شينجيانغ.

عادل علي، إعلامي وباحث مصري في الشؤون الصينية.

(متابعة ونشر: عبد القادر خليل).

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

إقتباسات كلاسيكية للرئيس شي جين بينغ

في مئوية تأسيس الحزب الشيوعي الصيني

أخبار أذربيجان

الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكُتاب العرب أصدقاء الصين

أنا سفير لبلدي لدى جمهورية الصين الشعبية

مبادرة الحزام والطريق

حقائق تايوان

حقائق شينجيانغ

حقائق هونغ كونغ

سياحة وثقافة

هيا نتعرف على الصين

أولمبياد بكين 2022

الدورتان السنويتان 2020-2024

النشر في شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

الإحصائيات


التعليقات:
  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *