شبكة طريق الحرير الصيني الاخبارية/
الأنباط الأردنية/
بقلم: يلينا نيدوغينا
بَعد الانسحاب المُفاجئ للقوات الأمريكية من أفغانستان، أُصِيبت بعض القوى الأُوروبية الغربيّة العُظمى بخيبةِ أمل، أعقب ذلك صَدمة حقيقية وتمَلمُلٌ واضح خشية أن ينعكس الانسحاب الأمريكي من تلك الدولة الآسيوية سَلبًا على أوضاعها ومكانتها الدولية، وهو ما تؤكده وسائل إعلام أوروبية. أضف إلى ذلك، الهَزة التي تلقتها بعض أنظمة شرق أوروبا جرّاء هذا الانسحاب، إذ أنها كانت وعلى مدار عشرات السنين، على ثقة بما تتمتع به من تحالفات غربية، إلا أنها صارت تخشى من عودة مفاجئة للوضع الاشتراكي، الذي تم تجفيف منابعه باعتماد تلك العواصم على مَصفوفات تتسم بالعداء الكامل وغير المُبَرَّر نحو روسيا والمُقرّبين منها.
العاصمة لندن، الأنجلوسكسونية الجوهر والقَسمات، والجاذبة لعشرات عواصِم العَالم وأنظمتها وشعوبها، بدأت كما يبدو بالابتعاد التدريجي الهادئ عن قوى كُبرى “بيَضاء بامتياز”. وفي المؤشرات على ذلك، وفقًا لتحليل إذاعة الصين الدولية وشبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية، أن عَاصمة الضباب سارعت إلى الاقتراب الكبير من بكين “إلى حد المُلاصقة”، وتمخّض ذلك في السابع من أيلول الحالي 2021 عن إعلان هذين العِملاقين التاريخيين والعسكرييِّن والاقتصادييِّن، عن رغبتهما في تعزيز الحِوار والتعاون للتصدي لأخطار التغيّر المُنَاخي، والعمل مَعًا صَوب تحقيق نتائج إيجابية في المؤتمرات العالمية المَعنية بتبدُّلِ المُنَاخ والتنوّع البيولوجي .كما تم الإعلان عن التعهدات والتعاون خلال اجتماع بين هان تشنغ نائب رئيس مجلس الدولة الصيني، وألوك شارما الرئيس المُعيّن لمؤتمر الأمم المتحدة الـ26 بشأن تَقَلُّب المُنَاخ 2021، الذي سيُعقد في جلاسكو في نوفمبر المُقبل”، إذ بيّن شارما اهتمام بريطانيا العظمى بتوسيع التبادلات والتنسيق الفِعلي مع الصين في “تمويل المُناخ، والطاقة، وتجارة الكربون”، وغيرها من المَساقات، واستعدادها لتعزيز الحوار والتنسيق مع وطن قومية هان، لتحقيق نتائج إيجابية في مؤتمر الأمم المتحدة السالف الذكر، وفي الاجتماع الـ15 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي.
نقرأ في التأكيدات على ما تقدّم بما يَخص التعاون الصيني البريطاني ـ المُفاجئ ـ والذي لم يتنبأ به أحد قبل بدئه، “أهمية التضامن في مواجهة التَّصَحّر المُنَاخي”، وهي تصريحات أطلقها السيد “هان”، وهو أيضًا عضو اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، إذ أشار إلى أنه من المُنتَظَر أن يُرسل المؤتمر “إشارة سياسية قوية لدعم التعدديّة بقوة”، ولاحترام القواعد المُتَعَدِّدَة الأطراف، وتعزيز الإجراءات، ودعوة مختلف الجهات “لتحويل الأهداف المُنَاخية إلى سياسات وإجراءات فعلية ومحددة”.
الصين التي تتولى راهنًا رئاسة الاجتماع الـ15 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي، أكّدت، استنادًا إلى نهجها الدبلوماسي الثابت دوليًا، استعدادها للعمل مع بريطانيا على تعزيز نجاح المؤتمِرِين المُشَارِكِين، وهو ما يكشف عن أن الصين وبريطانيا إذ تسيران اليوم في طريق جديد نافع لهما ماديًا ومعنويًا، قد بدأتا خطواتهما الثنائيَّة والمَدروسة والمُتَعَقِّلَةِ في سبيل إدارة علنية وناجحة لـِ”أولمبياد بينغ بونغ” الدولي القديم، لكن بأردِيةٍ جديدةٍ وألوان قوس قزح برَّاقة، على مِثال التعاون الواسع في ملفات المُنَاخ.
فهل توافق واشنطن على أن تعود الإمْبِرَاطُورِيّة الإنجليزيَّة “التي لا تغيب عنها الشمس” للعب دور رئيسي وواسع، بكل قواها الضخمة، مع الصين ومع غيرها من البلدان الآسيوية، بعد سنوات طويلة من خروج العَسكر الإنجليز من البَر الصيني وهونغ كونغ، لكن في هذه المرة بصورة صديق للصين في التعاون الدولي والثنائي، بعيدًا عن الحروب، وفي مَنأى عن مُنَاخ الأفيون الذي ساد طويلًا في أرجاء الإمبرطورية الصينية؟!