إذاعة الصين الدولية أونلاين*
بعد اندلاع وباء الالتهاب الرئوي الناجم عن فيروس كورونا الجديد (كوفيد19)، اتهم بعض الساسة ووسائل الإعلام في الولايات المتحدة الصين بالكذب فيما يتعلق بوضع الوباء وإلحاق الأذى والخسائر بالدول الأخرى، في محاولة لتحميلها المسؤولية كاملة والتستر على تباطئهم وتقصيرهم في مواجهة الفيروس، واستغلال المرض في تشويه سمعتها وقمعها.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو، هل فعلت الصين ما يجب عليها لمواجهة الوباء؟
لندع الحقائق تتحدث، منذ اندلاع الوباء، وانطلاقاً من حماية حياة المواطنين والحفاظ على الصحة العامة العالمية، نشرت الصين المعلومات الخاصة بالمرض بشكل فوري وعلني وشفاف، وبذلت جهوداً إيجابية في التعاون الدولي، وبفضل ما بذله شعبها من تضحيات نجحت في كبح تفشي الفيروس خلال شهر واحد أو أكثر قليلاً، ولم تسجل مقاطعة هوبي مركز الوباء حالة إصابة مؤكدة جديدة، يوم الأربعاء، الأمر الذي يعتبر دليلاً قوياً على التحسن المستمر في الوضع الوبائي بالصين. لقد احكمت الصين بجهودها الشاقة وتضحياتها الكبيرة، الخط الدفاعي الأول أمام فيروس كورونا الجديد، وحظيت بإشادة المجتمع الدولي وتقديره.
وقبل بضعة أيام، كشف غاودن غالي ممثل منظمة الصحة العالمية في الصين، الذي شارك شخصياً في الجهود الصينية لمكافحة الوباء، عن بعض التفاصيل، وقال إنّ بعثة منظمة الصحة العالمية في الصين تلقت، في ال31 من ديسمبر( قبل إغلاق سوق هوانان في ووهان للمأكولات البحرية بليلة واحدة)، إشعاراً غير رسمي من الصين، وعقدت منظمة الصحة العالمية، في أول يناير، اجتماعاً عبر الهاتف بين بعثتها في الصين ومكتبها الاقليمية، ومقرها في جنيف، وشكلت فريقاً خاصاً لمواجهة الأمر، قبل ال3 من يناير، الذي أكملت الصين إبلاغها بشكل رسمي، وفي ال20 وال21 من يناير قام أعضاء بعثة منظمة الصحة العالمية بالصين بزيارة ميدانية لمدينة ووهان.
إنّ المعلومات التي كشفها ممثل منظمة الصحة العالمية تدل على أنّ ما يسمى إخفاء الصين واقع الوباء هو كذبة بلا شك، وفي الحقيقة يمثل تشاطر الصين معلوماتها مع المنظمة أساساً لإصدارها إنذاراً للعالم حول تفشي الفيروس.
وجدير بالذكر أن الزعيم الصيني الأعلى شي جين بينغ، شدد مجدداً في اجتماع قادة الدولة ببكين، في ال18 من مارس، على أنّه يجب تعزيز التعاون الدولي للوقاية من الوباء والسيطرة عليه، ودفع التعاون الوثيق مع منظمة الصحة العالمية، ودعم التوقعات والتحليلات لتغيرات تطورات الوباء، ومواصلة تقديم المساعدات بقدر الإمكان للدول المعنية، الأمر الذي يجسد مسؤولية الصين كدولة كبرى في المشاركة في الجهود العالمية لمكافحة الوباء على أساس مبادئ الانفتاح والشفافية والتعاون.
لقد تزامن ظهور أول إصابة مؤكدة بالفيروس في الولايات المتحدة، في الـ20 من يناير الماضي، مع بدء الصين المعركة ضد المرض، ومع مرور الوقت أصبح الوضع في البلدين مختلفاً جداً، ففي بداية تفشيه وانتشاره لم تواجهه الحكومة الأمريكية بموقف مسؤول، وتباطأت في الرقابة والتعقب والإعلان، ما أدى إلى انخفاض الوعي لدى الجماهير ولكن مع ازدياد عدد الإصابات المؤكدة في الولايات المتحدة وظهور إصابات مجهولة المصدر، أعلن المركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض، في بداية مارس الحالي، وقف الإعلان عن عدد اختبارات الفيروس في البلاد وعدد الإصابات المؤكدة في مختلف الولايات، وهذه التصرفات التي تخالف مبدأ الشفافية لا تتفق مع وضع الولايات المتحدة كدولة متقدمة من المفترض أنها تتمتع بمنظومة صحية عامة سليمة، وقد عرضها إخفاء الحقائق لانتقادات واسعة النطاق من الرأي العام داخلياً وخارجياً من حجب المعلومات عن الوباء في بلادهم، إلى فرض الحظر على دول أخرى حسب الرغبة، إلى تسمية فيروس كورونا الجديد “فيروس ووهان” و “الفيروس الصيني”، أصبح بعض السياسيين الأمريكيين قوة مدمرة لجهود مكافحة الوباء العالمية المشتركة.
لقد سبق أن قال رئيس مشروع الطوارئ الصحية لمنظمة الصحة العالمية مايكل ريان، في ال18 ، إن الفيروس ليست له حدود ولا يميز بين عرق أو لون أو ثروة، مطالباً الجميع بأن يكون لديهم فكر واحد في هذه اللحظة، لإنها تحتاج إلى الحقائق والتعاون في مكافحة الفيروس، وليس إلقاء اللوم على الآخرين. والحقيقة إن الوضع الحالي للوقاية من الوباء ومكافحته على الصعيد العالمي قاتم للغاية، والتضامن والتعاون هما أقوى سلاح للتغلب عليه.
ونحن نحث هؤلاء الساسة الأمريكيين الذين يحاولون التنصل من مسؤولياتهم، ويلومون الآخرين، على التركيز في عملهم لحماية حياة مواطنيهم وصحتهم، وأن يتخلوا عن التفكير الملتوي والتناقضات، حتى لا يفقدوا تعاطف الآخرين، ويدمروا المستقبل.