صحيفة الشعب اليومية أونلاين/
بقلم / فانغ شينغ دونغ ، عميد كلية الإنترنت والمجتمع بمعهد تشجيانغ للإعلام والاتصال
كان 15 سبتمبر هو اليوم الذي دخل فيه الحظر الأمريكي الجديد على هواوي حيز التنفيذ رسميًا. ويفاد أنه تحت قيود الحكومة الأمريكية، لن تتمكن الشركات بما في ذلك، تسيميس وقالكوم، وسامسونغ، من توفير الرقائق إلى هواوي ابتداءا من 15 سبتمبر الجاري، وهو أيضًا الموعد النهائي حددته لإدارة ترامب ليجد “تيك توك” مشترياً أميركياً. ويمكن القول إنه من أجل ردع شركات التكنولوجيا الفائقة الصينية، انحرفت تصرفات الحكومة الأمريكية عن القواعد الأساسية والعقلانية العادية. وخلف هذا، تحاول الولايات المتحدة في الواقع الدفاع عن هيمنتها على الإنترنت.
حجر الزاوية للحفاظ على الهيمنة
منذ طرح الولايات المتحدة لاستراتيجية “إعادة التوازن في منطقة آسيا والمحيط الهادئ” في بداية عام 2010، مع ظهور زخم متزايد لنشأة الشركات التكنولوجيا الفائقة في الصين، بدأت بوادر الردع ضد شركات التكنولوجية العالية الصينية مثل هواوي، وزي تيآي، لا سيما أمن الفضاء الإلكتروني القائم على التكنولوجيا المتقدمة وقضايا التنمية. ومن أبرزها، قضية الأمن السيبراني بين الصين والولايات المتحدة. وبحلول سبتمبر 2015، وصلت هذه القضية إلى نقطة عالية، متجاوزة القضايا الرئيسية التقليدية بين الصين والولايات المتحدة بشأن التجارة، ومضيق تايوان، وحقوق الإنسان.
وفي هذا الصدد، فإن أفضل منظور ومؤشرات للمراقبة هي مراكز الأبحاث الأمريكية الرئيسية التي لها تأثير كبير على اتجاه السياسة الأمريكية، والتي يمكن أن تعكس بوضوح اتجاه السياسة الأمريكية. حيث ان التقارير المختلفة حول الصين في مجال العلوم والتكنولوجيا أصبحت نقاطا ساخنة في السنوات الأخيرة. وطالما أننا ندرس بانتظام تقارير مراكز الأبحاث الأمريكية والإدارات ذات الصلة مثل الجيش، ووزارة التجارة على مدى السنوات العشر الماضية، يمكننا ايجاد السياق الكامل لمقاومة الولايات المتحدة عالية التقنية للصين. ومع ذلك، جعلت إدارة ترامب الولايات المتحدة أكثر تطرفا بعد توليها منصبه.
ترتبط هذه الاستراتيجية الوطنية ارتباطًا وثيقًا بالحفاظ على الهيمنة الأمريكية، المعتمدة على ركائز متمثلة في القوة العسكرية لواشنطن، وقوة رأس المال في وول ستريت، والقوة الثقافية لهوليوود، والقوة التكنولوجية لوادي السيليكون. وفي عصر الإنترنت، أصبحت الحافة الرائدة للقوة التكنولوجية لوادي السيليكون على نحو متزايد “حجر الزاوية” للقوى الرئيسية الأخرى. لذلك، اعتبرت الولايات المتحدة أن صعود صناعة التكنولوجيا الفائقة في الصين يجلب ضغوطًا وتحديات تنافسية لـ “حجر الزاوية” للهيمنة الأمريكية في المستقبل.
تعتقد الولايات المتحدة أن هيمنتها في مجال تكنولوجيا المعلومات قد اهتزت تمامًا لأول مرة منذ أكثر من نصف قرن. وفيما يتعلق بمعدات 5G والهواتف المحمولة وتطبيقات وخدمات الإنترنت، لم تستطع الشركات الأمريكية الحفاظ على الزخم الرائد. كما تأثر احتكار الشركات الأمريكية أيضا في الحوسبة السحابية، والتجارة الإلكترونية، وتمويل الإنترنت. وهناك أيضًا الذكاء الاصطناعي الموجه نحو المستقبل والمجالات الناشئة مثل البيانات الضخمة، كما تعتقد الولايات المتحدة أن المنافسة بين الصين والولايات المتحدة أصبحت شرسة.
هيمنة الاستخبار السيبراني
لكن، لم تفز الولايات المتحدة هذه المرة من خلال المنافسة المفتوحة والحرة والعادلة من خلال تحفيز قدراتها الابتكارية الفريدة والقوية في العالم. في الواقع، تتمتع الولايات المتحدة بمزايا قائمة قوية في مجال التكنولوجيا الفائقة، إلى جانب قدرات البحث والتطوير الأصلية لآلية السوق، ويمكن أن تشكل منافسة صحية مع الصين، وتعزز بعضها البعض، وتتطور معًا. لكن واشنطن اختارت في النهاية مسارًا آخر، وهو استخدام الهيمنة الأمريكية الحالية للتدخل وتعطيل النظام الأساسي للمنافسة في السوق من خلال الأساليب المتطرفة من قبل السياسيين.
والسبب هو أن الولايات المتحدة حريصة على احتواء صعود الصين للتكنولوجيا الفائقة في أقصر وقت ممكن، للحفاظ على قدراتها الفريدة في جمع البيانات والاستخبارات العالمية التي تعتبرها الولايات المتحدة المفتاح للحفاظ على الأمن القومي والتفوق العسكري. وفي الوقت نفسه، يعد أيضًا أساسًا رئيسيًا لضمان المزايا التكنولوجية والصناعية والاقتصادية والسياسية للولايات المتحدة.
فمن الواضح أن الولايات المتحدة لن تكون عديمة الضمير كما كانت في السابق في جمع المعلومات الاستخباراتية عبر الهواتف المحمولة والإنترنت إذا تبنت دول أخرى معدات الإنترنت الصينية. وإذا كان من الصعب على الولايات المتحدة، أن تحافظ على هيمنتها على استخبارات الإنترنت في فترة قصيرة من الزمن من خلال المنافسة بين قواعد السوق والبراعة التكنولوجية. لذلك، اختارت استخدام “اليد المرئية” للحكومة الأمريكية لتمرير ما يسمى بالسياسات غير الموثقة وغير الضرورية للأمن القومي، ما هي إلا وسائل مكافحة واحتواء المنافسين.
الهيمنة الاقتصادية على الإنترنت
تعتبر الزيادة السريعة في القيمة السوقية لشركات التكنولوجيا القائمة على الإنترنت من السمات المهمة للاقتصاد العالمي في السنوات الأخيرة. وقد كان رئيس أمازون بيزوس أغنى رجل في مقدمة قائمة الثروة الشخصية العالمية بفارق كبير عن المركز الثاني. وتجاوزت القيمة السوقية الإجمالية لأكبر عشرات شركات تكنولوجيا الأوراق المالية الأمريكية القيمة السوقية الإجمالية لأسواق الأوراق المالية في العديد من البلدان. وقد أقنع هذا الوضع الناس بأن الاقتصاد العالمي في المستقبل مقدر له أن يهيمن على العالم من خلال اقتصاد الإنترنت.
في 6 فبراير 2020، صرح المدعي العام الأمريكي ويليام بار بصراحة في خطابه الرئيسي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، وهو مركز أبحاث أمريكي، خلال “مؤتمر خطة العمل الصيني”: “لقد أنشأت الصين مكانة رائدة في مجال 5G ، تمثل 40٪ من سوق البنية التحتية العالمية. وهذه هي المرة الأولى في التاريخ التي لا تقود فيها الولايات المتحدة الحقبة التالية من التكنولوجيا. وتشير التقديرات إلى أنه بحلول عام 2025، قد ينتج الإنترنت الصناعي الذي يعمل بتقنية 5G فرصة اقتصادية بـ 23 تريليون دولار. وإذا استمرت الصين في الهيمنة على مجال 5G، فستكون قادرة على السيطرة على سلسلة من الفرص التي أوجدتها التقنيات الناشئة التي تعتمد على منصات 5G وتتشابك معها “.
على العموم، تأمل الولايات المتحدة في قمع شركات الإنترنت الصينية من خلال السياسة، بهدف تحقيق أهدف و”اسقاط طيور متعددة بحجر واحدة”، ومن أكبر الطيور هو الحفاظ على هيمنة الإنترنت. وفي مواجهة مثل هذه الهجمات المسعورة، فإن القوة العلمية والتكنولوجية المستقلة القوية هي السبيل الوحيد للصين لمقاومة هيمنة الولايات المتحدة والطريقة الأساسية للحصول على الحقوق والمصالح الأساسية للبقاء والتنمية. وهذه هي الطريقة الوحيدة لخدمة البشرية بشكل أفضل.
من يفوز في تطوير متميز للانترنت والتكنولوجيا الرفيعة سيقود العالم بالتأـكيد.. لا مكان في الدنيا الان للعالم المتخلف الذي يقبع في عتمة الماضي وتسوده امية الحرف والعقل والكلمة والحركة,,,