بكين/طهران 22 يناير 2023 (شينخوا)/- مع حلول العام القمري الصيني الجديد، أو عام الأرنب، يوم الأحد، تم عرض صور الأرانب في جميع أنحاء العالم وأحبها الناس في الشرق والغرب.
وقال مؤرخون في مقابلات أجرتها وكالة أنباء ((شينخوا)) مؤخرا إنه تم العثور على صورة نادرة لثلاثة أرانب، حيث يتشارك كل زوج من الأرانب المتجاورة أذنا وتشكل معا ثلاث آذان بدلا من ستة، وتطارد بعضها البعض في دائرة، مبينين أن مثل هذه الصورة تعتبر رمزا للتبادلات الثقافية بين الصين والحضارات الأخرى عبر طريق الحرير القديم.
— صورة الأرانب الثلاثة الصينية في دونهوانغ
وذكر تشاو يان لين، وهو باحث في أكاديمية دونهوانغ، أنه تم العثور على صور الأرانب الثلاثة، والتي ظهرت قديما منذ مطلع القرن السادس، في إجمالي 20 كهفا في كهوف موغاو، أحد مواقع التراث العالمي المدرجة في قائمة “اليونسكو”، في مدينة دونهوانغ بمقاطعة قانسو شمال غربي الصين.
وقال إنها ظهرت لاحقا في آسيا الوسطى وغرب آسيا بين القرنين 12 و13 من خلال طريق الحرير، وظهرت في مصر وأوروبا بين القرنين 13 و16.
وأضاف أن الصور وُجدت أيضا في العديد من اللوحات القديمة في أفغانستان والفخار في مصر وساعات الكنائس في ألمانيا وبلاط السيراميك المطلي في بريطانيا.
— صورة الأرانب الثلاثة في إيران
الزخارف الدائرية معروفة جيدا وتظهر على اللوحات والصور، وهي منحوتة على العملات المعدنية والصواني والأشياء المعدنية أو مرسومة على أطباق طينية وبلاط. وتم العثور عليها في مناطق كثيرة من العالم، من بينها شرق آسيا والشرق الأوسط. في إيران، تم العثور على طبق من العصور الوسطى مع هذا الرمز.
ويعتقد كوروش صالحي، المؤرخ الإيراني وخبير الشؤون الدولية في الجامعة العالمية للطوائف الإسلامية، أن زخارف الأرانب الثلاثة الموجودة على قطع أثرية مختلفة في إيران تعكس تأثير الصين الثقافي على إيران.
كوروش صالحي، مؤرخ وخبير في الشؤون الدولية بالجامعة الدولية للطوائف الإسلامية، يفحص عملة معدنية تحمل رمز الأرنب في طهران، إيران يوم 17 يناير 2023. (شينخوا)
وقال المؤرخ إن رمز الأرانب الثلاثة الذي تم العثور عليه في إيران، كما يظهر على بعض القطع الأثرية المعدنية والعملات المعدنية، من المعتقد أنه تم جلبه إلى إيران من قبل فنانين ورسامين صينيين لأنه يتوافق تماما مع تلك التي شوهدت في العينات المكتشفة في الصين في العصر القديم، مما يدل على التأثير الثقافي الصيني على الثقافة الإيرانية خلال سلالة الإلخانات (1256-1353).
من بين السمات المميزة لرموز الأرانب الثلاثة في جميع القطع الأثرية التي عُثر عليها في إيران حتى الآن أن الأرانب مصورة في وسط جسم دائري يطارد بعضها البعض في دائرة، مما يعني على الأرجح استمرارية دائرة الحياة والخصوبة والموت.
وقال مؤرخ إيراني إن طريق الحرير القديم أدى إلى تبادلات ثقافية بين الصين وإيران، تاركا علامات واضحة على التقاليد الثقافية الإيرانية اليوم، أحدها أبراج الحيوانات الاثني عشر.
وأفاد صالحي أنه “كما هو الحال في الصين، فإن العام الجديد القادم في إيران، والذي سيبدأ في 22 مارس، هو أيضا عام الأرنب”، مشيرا إلى أن “الأمر المثير للاهتمام هو أنه طوال عملية التطور والتاريخ، دخل مفهوم الحيوانات إلى الثقافة الإيرانية من الصين وشرق آسيا”.
وأضاف أن “الإيرانيين، بالإضافة إلى تسمية وتعداد السنوات بناء على أرقامهم الترتيبية وفقا للتقويم الهجري الشمسي، ما زالوا يذكرون ما يمثله حيوان كل عام”، مبينا أنه من وجهة نظر السيميائية وعلم الأساطير، فإن الأرنب يرمز إلى الخصوبة والتغير والسرعة والذكاء والحياة الاجتماعية.
عملة معدنية تحمل رمز الأرنب تم تصويرها في طهران، إيران يوم 17 يناير 2023. (شينخوا)
— تقويم تركي قديم مكون من 12 حيوانا
إلى جانب صورة الأرانب الثلاثة، تظهر رموز أخرى للأرانب أيضا التبادلات الثقافية بين الصين والحضارات الأخرى. ويذكّر عام الأرنب القادم وفقا للتقويم القمري الصيني الأتراك بأحد طقوسهم القديمة.
وتضمن التقويم التركي المكون من 12 حيوانا، المشتق من التقويم القمري الصيني، أيضا عام الأرنب خلال العصور القديمة عندما اعتنقت القبائل التركية الشامانية على نطاق واسع، وهي ممارسة دينية.
وقال سيرجين سيركين، وهو عالم آثار تركي، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن بعض الاكتشافات الأثرية تشير إلى أن التقويم المكون من 12 حيوانا كان يستخدم قبل نحو 3200 عام بين القبائل التركية، مثل السكيثيين.
وذكر أن الأتراك في ظل الشامانية نظروا إلى الأرانب على أنها حيوانات روحية تقوم بدور السعاة وأعطوها شأنا مميزا في وقف الحروب ومكافحة الشرور والصيد وحتى ولادة الأطفال.
وأفاد أنه “علاوة على ذلك، نجد أن الأرنب كان رمزا إلهيا ساميا بالنسبة للشامانية التركية، خاصة عند الولادة. وعرفنا بتعليق شيء مصنوع من فراء الأرانب في خيمة الولادة”.
كما أشار إلى أن الأرنب يرمز إلى الرحمة والحياء.
وقال أحمد تاساجيل، رئيس قسم التاريخ في جامعة يدي تبه في إسطنبول، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن التقويم المكون من 12 حيوانا يشير إلى كيفية تشابك الثقافتين الصينية والتركية منذ ما قبل الميلاد.
وأوضح تاساجيل أن “تشين شي هوانغ، أول إمبراطور للصين الموحدة والذي حكم خلال الفترة من 221 إلى 210 قبل الميلاد، كان على علاقة وثيقة بالقبائل الشمالية، التي نسميها القبائل التركية”.
وأفاد أنه “نتيجة لهذه العلاقات الوثيقة، تبنى الأتراك نسخة التقويم القمري وأطلقوا عليه التقويم التركي المكون من 12 حيوانا”.
ديكور على شكل أرنب في مطعم بإسطنبول، تركيا، يوم 17 يناير 2023، قبيل العام الصيني الجديد، عام الأرنب. (شينخوا)
— الارتباط مع آلهة مصر القديمة
وقال طارق توفيق، وهو نائب رئيس الجمعية الدولية لعلماء المصريات، بمناسبة الاحتفال بعام الأرنب القمري الصيني الجديد الذي يبدأ يوم الأحد، إن الأرنب، وهو الأكثر حظا من بين حيوانات الأبراج الصينية الـ12، هو أيضا علامة مهمة وخاصة على الهيروغليفية في اللغة المصرية القديمة.
وأوضح خبير علم المصريات أن الأرنب البري يشبه الفعل “Un” أو “Wenin” الذي يعني يكون ويحدث ويستمر، مشيرا إلى أن المصريين كانوا يرسمون الأرانب البرية على مقابرهم لأنهم أعجبوا بذكائها وسرعتها وعيونها الكبيرة الذكية وآذانها الطويلة الحذرة.
وأضاف الخبير أن علامة الأرنب ارتبطت أيضا بأوزيريس أحد أهم آلهة مصر، والذي كان إله العالم السفلي ويرمز إلى الموت والقيامة ودورة فيضانات النيل التي اعتمدت عليها مصر في الخصوبة الزراعية.
ولفت توفيق، وهو أيضا المدير العام السابق للمتحف المصري الكبير، إلى أن كلمة “Un-nefer” أو “Wenenu” تعني أن أوزيريس سوف يظهر بعد القيامة في شكل جميل.
كما ينظر المصريون إلى الأرانب على أنها حيوانات جالبة للحظ والمستقبل الجيد. وقام محمود سامي، وهو بواب مبنى سكني في حي المعادي في جنوب شرقي القاهرة، بعد شرائه سيارة لتحويلها إلى سيارة أجرة بتعليق قلادة من قوائم الأرنب البلاستيكية في سيارته لجلب الحظ والدخل الجيد.
أناس يتجمعون في مخبز تم تزينه بديكورات العام القمري الصيني الجديد، عام الأرنب، في القاهرة، مصر يوم 18 يناير 2023. (شينخوا)
وقال إن “الأرانب تشتهر بخصوبتها وتكاثرها، مما يدل على المزيد من المال ويحول دون وقوع الحوادث”.
وأوضح توفيق أن كلا من الشعبين المصري والصيني يؤمن بسرعة الأرانب وتكاثرها نظرا للتفاعل والتأثير المتبادل بين الحضارات القديمة، خاصة تلك التي تأسست على ضفاف الأنهار الكبيرة مثل نهر النيل في مصر ونهر اليانغتسي في الصين، وترتبط بتشابه الطبيعة والعلاقات التجارية، حتى بالرغم من المسافات الطويلة التي تفصل بينها.