شبكة طريق الحرير الإخبارية/
بقلم وانغ مويي – صحفية صينية
انطلقت بطولة كأس العالم لكرة القدم في الـ20 من نوفمبر الجاري في دولة قطر، وهي أول دولة عربية تستضيف هذا الحدث الكروي الكبير. وعلى الرغم من عدم تمكن المنتخب الصيني لكرة القدم من التأهل لبطولة كأس العالم المقامة حالياً إلا أن للصين بصمات كبيرة فيه.
فاستاد لوسيل الذي يستضيف 10 مباريات في جميع مراحل المنافسات ومنها المباريات النهائية، شيدته الشركة الصينة لإنشاءات سكك الحديد التي فازت بمناقصة الاستاد في عام 2016. ويعتبر استاد لوسيل من أكبر الملاعب وأكثرها تقدما من الناحية التكنولوجية وهو صديق للبيئة ما حرصت عليه قطر في مواصفات بناء جميع ملاعب المونديال، ويتسع الاستاد لأكثر من 80 ألف متفرج. وظهرت صورة الاستاد على الأوراق النقدية من فئة الـ10 ريالات القطرية حيث قام مصرف قطر المركزي عام 2020 بإصدار العملة الورقية عليها صورة استاد لوسيل.
ومن ناحية أخرى عملت الدوحة على استغلال وسائل النقل المنخفضة الكربون، ولأجل ذلك اتفقت الصين وقطر على تزويد الأخيرة بمركبات صديقة للبيئة لكأس العالم. فبموجب اتفاقية وقعت عام 2020 بين شركة يوي تونغ الصينية والمؤسسة الوطنية القطرية للنقل تزود الشركة الصينية قطر ب 1500 حافلة بينها 888 حافلة كهربائية.
كما كان للصين حضوراً في قائمة حكام كأس العالم عبر مشاركة 3 حكام، وتعتبر هذه هي المرة الأولى التي يشارك فيها حكام صينيون في كأس العالم.
ومن بين الشركات الراعية لمونديال قطر، تم اختيار ما مجموعه أربع شركات صينية كرعاة رسميين للمونديال وهم واندا جروب للتطوير العقاري Wanda، مجموعة هيسنس للأجهزة الإلكترونية والأجهزة المنزلية Hisense، مينجينو دايري Mengniu Dairyلمنتجات الألبان، وفيفو للإلكترونيات Vivo. ووفقاً لبيانات شركة جلوبال داتا، وهي شركة استشارات وتحليل بيانات ومقرها لندن، فإن الرعاة الصينيون استثمروا 1,395 مليار دولار أمريكي لاستضافة مونديال قطر بما يتجاوز 1,1 مليار دولار قيمة استثمارات الشركات الأميركية.
إضافة إلى ذلك، قدّمت الصين زوجاً من الباندا هدية إلى قطر بمناسبة تنظيمها كأس العالم لتكون الدولة الأولى في الشرق الأوسط التي تحصل على الباندا من الصين. وأُطلق على الدبين اسم سهيل (جينغ جينغ الذي يعني بالصينية الكريستال اللامع)، وثريا (سي هاي ويعني بالصينية أربعة بحار) لتوطيد وتطوير العلاقات بين الصين وقطر. وفي هذا السياق قال السفير الصيني لدى الدوحة تشو جيان إنّ “دبّي الباندا يحملان أطيب التمنيات، من 1,4 مليار صيني إلى الشعب القطري، خصوصاً بالنجاح في بطولة كأس العالم”.
شهدت العلاقات الصينية القطرية تطوراً كبيراً منذ اقامتها دبلوماسيا بين البلدين عام 1988، وارتقت إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية في العام 2014 مع الزيارة التاريخية التي قام بها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للصين وتوقيع عدد كبير من الاتفاقيات في مختلف المجالات. وقد فتحت الزيارة حقبة جديدة من التعاون بين البلدين وأنتجت تفاهماً واضحاً وكاملاً للارتقاء بعلاقاتهما، فضلاً عن الاعتراف بالدور الإقليمي لدولة قطر كشريك اقتصادي وأمني. وتعززت العلاقات أكثر بالزيارة التي قام بها الشيخ تميم إلى بكين عامي 2019 لمدة يومين واتفق البلدان على تعميق الشراكة الاستراتيجية الثنائية، و 2022لحضور افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية.
تقوم العلاقات الصينية القطرية على أساس الثقة المتبادلة والاحترام والتعاون. فقطر تدعم مبدأ الصين الواحدة، وانضمت إلى مبادرة الحزام والطريق التي أعلن عنها الرئيس الصيني شي جين بينغ وهي عضو مؤسس في البنك الآسيوي للاستثمار، كما أنها عضو في “مجموعة أصدقاء مبادرة التنمية العالمية”، وهي المبادرة التي اقترحها الرئيس شي في الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي تهدف إلى تعزيز التعاون الدولي في التنمية ولفت الانتباه إلى المشاكل المتعلقة بتنمية البلدان النامية. وبهدف تسهيل التواصل والتعاون وتقوية العلاقات بين الجانبين تم في العام 2018 الاتفاق على الإعفاء من تأشيرات الدخول لمواطني البلدين.
تعد الصين أكبر شريك تجاري لقطر، وقد بلغ حجم التبادل التجاري بينهما في العام 2021 حوالي ,1717 مليار دولار أميركي، بزيادة سنوية قدرها 57%، وفي النصف الأول من هذا العام، بلغ حجم التجارة الثنائية بين الجانبين 12,83 مليار دولار أميركي بزيادة سنوية قدرها 71%.
وتعززت العلاقات بين البلدين خلال السنوات الأخيرة، لاسيما في مجالات الاقتصاد والبنى التحتية والطاقة، وتم مؤخراً توقيع عقد بين شركة قطر للطاقة وبين شركة سينوبك الصينية لبيع وشراء الغاز المسال لمدة 27 سنة، وهذه هي الاتفاقية الثانية من نوعها منذ مارس 2021 عندما وقعت قطر للطاقة اتفاقية مع سينوبك لتوريد 2 مليون طن سنوياً من الغاز الطبيعي المسال إلى الصين لمدة 10 سنوات.
يعمل الجانبان الصيني والقطري على الدفع بعلاقاتهما نحو الأمام، وعلى ربط مبادرة الحزام والطريق برؤية قطر الوطنية 2030. وقد عبّر الرئيس الصيني أثناء لقائه الأمير تميم بن حمد آل ثاني خلال زيارته إلى بكين، لحضور حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية 2022، ان الصين مستعدة للعمل مع قطر من أجل دفع الشراكة الاستراتيجية بين البلدين إلى مستويات جديدة. وهذه الرغبة الجدية من قبل الجانبان لتطوير العلاقات تساهم في الوصول الى الشراكة الاستراتيجية الشاملة.