CGTN العربية/
بعد خلاف في حديقة البيت الأبيض مساء الاثنين مع صحفية من أصل صيني، تعرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لانتقادات كبيرة بسبب إدراك العنصرية بسياساته المعادية للصين.
في صباح اليوم التالي، توجه الرئيس الأمريكي إلى منصة “تويتر” في محاولة للابتعاد عن الحادث وقال: “الأمريكيون الآسيويون غاضبون جدا مما فعلته الصين ببلادنا وبالعالم. الأمريكيون الصينيون هم الأكثر غضبا على الإطلاق. أنا لا ألومهم!”
جاءت هذه التصريحات في توقيت هام، لأنه يأتي بعد أيام فقط من قانون التأشيرة الجديد الذي يحد من إقامة جميع مواطني البر الرئيسي الصيني الذين يزاولون مهنة الصحافة في الولايات المتحدة، بغض النظر عن المؤسسات التي ينتمون إليها.
تشكل سياسات الإدارة الأمريكية المتصاعدة من إلقاء اللوم على الصين بشأن تفشي “كوفيد-19″، والسعي إلى زيادة حدة أسلوب الحرب الباردة، تشكل تداعيات كبيرة على المواطنين الصينيين وغيرهم من المنحدرين من أصول آسيوية في الولايات المتحدة والدول الحليفة لها.
ومن هذا المنطلق، كان هناك حقيقة واحدة يجب أن نتحدث عنها: وهي أن السعي إلى مواجهة عالمية ضد الصين من قبل الولايات المتحدة لن يخدم مصالح الأمريكيين الصينيين والأمريكيين من أصول آسيوية.
على الرغم من أن مثل هؤلاء الساسة يصرون على أنهم لا يستهدفون إلا “الحزب الشيوعي” وليس أبناء الشعب نفسه، إلا أنه من الناحية العملية، فإن نتائج تلك السياسات لها تأثير واسع لأنها تتسبب في تفاقم حالة الشك والخوف والبارانويا داخل المجتمع الأمريكي، وحتى داخل بعض البلدان الأخرى، لتصبح تلك البلدان بشكل متزايد غير مرحبة بتلك الجماعات. حتى أولئك الذين يتعاطفون مع الأهداف الليبرالية سيواجهون مخاطر التمييز والعنصرية التي ستواجههم.
لأمس، رأيت محادثة على “تويتر” تشكو خلالها محللة صينية ذات توجه أكثر ليبرالية تعيش الآن في ألمانيا من تزايد موجات العداء والشك ضد الصين، فقد أصبح “ولاؤها” موضع تساؤل متكرر من قبل المحيطيين بها، ما جعلها تشعر بالضغط الذي يدفعها لـ”وقوف جانبا”. على الرغم من أن الدول الغربية تستخدم “عاطفة القيم” في انتقاد الحكومة الصينية، إلا أنه كان هناك عواقب عرقية مباشرة وملحوظة في تلك المجتمعات.
في الردود التي تلقتها المحللة الصينية، أعرب باحث بارز من مركز الأبحاث عن تعاطفه معها وقال إنه يلاحظ أنها أصبحت عالقة الآن في وسط “صراع أيديولوجي” بين الصين والغرب.
في الولايات المتحدة، بينما تحركت إدارة ترامب لتقييد تأشيرات الصحفيين الصينيين، ردت أصوات كثيرة في وسائل الإعلام بازدراء تعقيبا على هذه الخطوة. ومع ذلك، لم يعد يعتقد المؤيدون أو حتى الداعمون لقرارات الإدارة الأمريكية أن الإجراءات التي يتم اتخاذها ضد الصين عادلة.
لقد شوه المسؤولون الأمريكيون كل شيء مرتبط بالصين باعتباره خطر تجسس محتمل، وتهديدا للأمن القومي ونقطة لوم على كل ما ترتكبه إدارة ترامب من الأخطاء، من التدهور الصناعي إلى تفشي الفيروس بسبب سوء الإدارة.
كيف يمكن لهؤلاء الذين يدركون ذلك جيدا أن يكونوا سذج إلى حد الافتراض أن أبناء الشعب الصيني نفسه وأولئك الذين يقيمون في الولايات المتحدة لن يدفعوا الثمن أو يواجهوا أي رد فعل عنيف لهذه السياسات الخاطئة؟ هل هذا حقا في مصلحتهم؟
هذه هي الحقائق القاتمة للمواجهة الجيوسياسية، التي تؤدي إلى إثارة العداء في المجتمع ليستقطب مجموعات معينة، ويعاني المنتميون لتلك المجموعات من عواقب تلك المواجهات.
الظن بأنه يمكن إلقاء اللوم على الصين، وتشويه سمعتها واستخدامها ككبش فداء عن كل ما ارتكبته الإدارة الأمريكية من الأخطاء ثم الادعاء بأن: “هذا فقط ضد الحكومة الصينية” هو مغالطة منطقية تماما، عندما يسعى هؤلاء الساسة الذين يروجون لتلك الأفكار إلى استهداف كل شيء في الصين، وخنق الصادرات وتدمير سلاسل التوريد وإدراج المؤسسات التكنولوجية في القائمة السوداء والمطالبة بتعويضات واسعة النطاق وإنهاء الاستثمارات، وما إلى ذلك، ثم يعتقدون أن عامة الشعب لا يمكن أن يتأثروا بما يقولون أو يفعلون عند تحديد هذه الأهداف والغضب الذي يتولد عن ذلك. ما هي الصين إذا لم تكن مجموع كل جزء فيها؟
عندما ننظر إلى تلك الحقائق، فسنجد أنه أصبح من الواضح الآن أن إدارة ترامب وسياساته تشكل تهديدا خطيرا وحقيقيا لأبناء الشعب الصيني حول العالم.
إنه ليس تمييزا بسيطا بين الشيوعية ومناهضتها، وأولئك الذين يدافعون عن مواقف الإدارة الأمريكية لا يدركون أن انتشار الشك والتخويف لن يكون له آثار جانبية واضحة على المجتمع فحسب، بل سيمتد إلى زرع مشاعر العرقية العدائية.
وبالتالي، إذا استمر مسار المواجهة الجيوسياسية وسياسات الحرب الباردة، فإن الأمريكيين الصينيين وجماعات الشتات في الدول الغربية الأخرى سيتحملون العواقب الأكبر لذلك.
ملاحظة المحرر: توم فودي هو محلل علاقات سياسية ودولية بريطاني وتخرج من جامعتي دورهام وأكسفورد. يعكس المقال آراء المؤلف وليس بالضرورة آراء القناة.