على الرغم من أن كوفيد-19 لم يعد من حالات طوارئ الصحة العامة التي تثير الاهتمام الدولي، وأن معظم الدول ألغت الإجراءات المتخذة لاحتوائه، إلا أن كيفية التعامل مع الأوبئة المستقبلية وبناء مجتمع عالمي لصحة الجميع من خلال حوكمة صحية عالمية، لا يزال قضية حاسمة للجميع.
إصلاح الهيكل الصحي العالمي
دفع العالم ثمنا باهظا للتعامل مع موجات تفشي الوباء. وظلت عودة الظهور المتكرر والمتغيرات المتطورة لكوفيد-19 تشكل تهديدا لجميع البلدان، ما أجهد الأنظمة الصحية وتسبب في خسائر فادحة منذ تفشي الوباء في بداية 2020.
وقد تم انتقاد منظمة الصحة العالمية لاستجابتها المتأخرة والمفرطة في الحذر لعدة مسائل رئيسية، بما في ذلك التحذير من انتقال الفيروس إلى البشر، والإعلان عن حالة طوارئ الصحة العامة التي تثير الاهتمام الدولي وغيرها.
ورغم فشل القوى الغربية الكبري في التعاون للتعامل مع الوباء، فإن معظم الدول توصلت إلى توافق يتمثل في أن هناك حاجة ماسة إلى اتفاق عالمي جديد لتعزيز التأهب وتوجيه وتنسيق الاستجابة لحالات الطوارئ.
وفي الدورة الـ76 لجمعية الصحة العالمية التي أُختتمت للتو، هيئة صنع القرار في منظمة الصحة العالمية، في جنيف، ناقشت وفود ومراقبون وأصحاب المصلحة تعزيز التأهب والاستجابة لحالات الطوارئ الصحية. واتفقوا على أنه التعديلات الأخيرة للوائح الصحة العالمية يجب أن تعالج التحديات التي شكلتها جائحة كوفيد-19.
وقد تلقت منظمة الصحة العالمية أكثر من 300 تعديل مقترح يغطي الاستجابة للصحة العامة والقدرات الأساسية للمراقبة والاستجابة والتعاون والمساعدة، وستقوم بتقديمها إلى جمعية الصحة العالمية المقبلة في مايو 2024.
وفي الوقت نفسه، تتفاوض الحكومات أيضا بشأن صياغة وثيقة بمنظمة الصحة العالمية حول الوقاية والتأهب والاستجابة للأوبئة، والمعروفة باسم اتفاقية الأوبئة.
وفي هذا السياق، قال أشلي بلومفيلد، المدير العام السابق للصحة في وزارة الصحة بنيوزيلندا ” أظهر كوفيد للعالم مدى ضعفنا جميعا، وما نحتاجه لإصلاح الهيكل الصحي العالمي حتى نكون مستعدين بشكل أفضل للحدث الكبير التالي”.
السياسة الصحية مقابل الاقتصاد
منذ تفشي الوباء، واجهت الحكومات معضلة بين السيطرة على الوباء والحفاظ على الاقتصاد. لقد أُثبت أنه لا يمكن أن تزدهر أي دولة دون إجراءات صحية مستمرة وقوية. وبالتالي، فإن هناك حاجة ماسة لإعادة تقييم أهمية سياسات الصحة العامة القوية في إنعاش الاقتصاد.