د. صامد عبدالله محمد الزعزعي*
شَرَعَ البعض في الآونة الأخيرة بإثارة جدل واسع حول ما يُسمّى قضية “إضطهاد الصين لمسلمي الويغور”، وعليه أرغب بإبداء رأي مرفق بنقاط مهمة من واقع معيشتي في الصين : ستة أعوام انطوت منذ أن وطئت قدماي أرض الصين، ومنذ أن تعرّفت أيضاً على أول مواطن مسلم صيني، وبدأت منذ ذاك الوقت، أهتم بالشأن الصيني وشؤون مسلمي الصين.
مَن يَعرف الصين ويَعيش فيها يُدرك حقيقة أمورها، ويَعلم أمر التلاعب بواقعها والتضخيم الاعلامي المغلوط والمفبرك حول قضية الويغور و (حزب تركستان الإسلامي)، وعليه تالياً بعض المعلومات عن هذا الحزب:
– 1/ “حزب تركستان”، أو “الحزب الإسلامي التركستاني”، تأسس في عام ١٩٩٣، في افغانستان بالذات!!!؛
2/ – يتخذ “حزب تركستان” من أفغانستان مقراً له حتى هذا اليوم!؛
3/ – أقرب حُلفاء لهذا الحزب هم: “حركة طالبان” الافغانية المُدرجة على قوائم الارهاب العالمي؛
– 4/ انتقل مقاتلو هذا الحزب من الويغور إلى سوريا بعدد يقارب الـ٣٠٠٠ الاف مقاتل (حسب احصائية)، عاد البعض منهم إلى شنجينانغ، وبقي مَن بقي منهم في سوريا؛
5/ – تبّنى الحزب تفجيرات ارهابية وأعمال فوضى، تم تنظيمها في هذه المنطقة.. وهي معلومات متوافرة على شبكة الانترنت؛
6/ – عاد بعض هؤلاء المقاتلين الى شينجيانغ للقتال بهدف “إقامة دولة الخلافة” المزعومة، وبدأوا بفرض تشدّدهم على المجتمع، واغتالوا علماء المسلمين ومشايخهم في الصين، و “افتعلو الأفاعيل” السوداء في هذه المنطقة، ووظفوا العنف ضد المسلمين قبل غيرهم، ما استدعى الحكومة الصينية لفرض القانون وحماية المواطنين في المنطقة.
7/ – الويغور لا يعتبرون ممثلين عن المسلمين في الصين، فهناك قوميات مسلمة عديدة في الصين، أكبرها (خوي زو)، والتي يتواجد المنتمين إليها في مختلف المدن الصينية تقريباً، ولكنهم يخالفون طروحات وتصورات هذا الحزب بصورة تامة، ويصنفون أعضاءه على أنهم خوارج العصر.
/8 – يعتبر حزب تركستان الإسلامي أكبر مهرب للحشيش والمخدرات إلى الصين من أفغانستان؛
وهنا أؤكد لكم أيها القراء الأعزاء، أن الخلاف الحاصل حالياً، إنما هو خلاف الحكومة الصينية مع “حزب تركستان الإسلامي” وطريقته الإرهابية، وليس خلاف الحكومة مع المسلمين أو الويغور بالذات، فمن يزور منطقة شينجيانغ، أو يلتقي أحد مواطنيها يعرف الحقيقة التي يحاول المعسكر الغربي تشويهها ليبتز الحكومة الصينية، بعد أن فشل في استفزازاته لإلحاق الأذى الكبير داخل الصين، وخاصة ذاك الأذى الذي أحدثوه في بحر الصين الجنوبي.. حينها تصدّت لهم الصين بكل حزم وقوة، ثم بعدها استفزوا الصين من خلال إشعال فتيل الاحتجاجات في هونغ كونغ، ودعموا المتطرفين فيها بكل وقاحة، وفي وضح النهار، وغيرها من أفعال تسيس كل ماهو صالح أو طالح لمشيئتهم التخريبية، بحثاً عن مكسب أو انتصار في الحرب التجارية الصينية الأمريكية.
وهؤلاء للأسف الشديد، يحاولون تشويه التحركات القانونية للحكومة الصينية في المنطقة لفرض القانون، ويقومون بِلي عنقها تشويهاً، معارضين القانون الذي يجب على الجميع ان يحتكم إليه، دون تمييز عرقي أو ديني في مواده التي تحكم المًسلم والمُلحد والمَسيحي والبُوذي والأجنبي بمساواة، فلا سلطة في الصين إلا سلطة القانون، ومَن يخالف القانون، من الطبيعي، أن يلقى عقابه القانوني، دون النظر إليه مَن هو، وما هو إسمه، وما هي قوميته، أو موقعه الوظيفي. حقائق أخرى:
1/ – من الحقائق التي لا يعلمها كثيرون، “من المضحوك عليهم”، أن المساجد منتشره في كل المدن والمقاطعات الصينية، وهي مساجد تبنيها الحكومة الصينية بالتعاون مع المسلمين طبعاً، ليمارسو فيها عباداتهم بكل حرية، ونحن معهم وإلى جانبهم نصلي ونصوم ونحتفل بالاعياد الاسلامية بحرية.
– 2/ المطاعم الإسلامية التابعة للمسلمين الصينيين منتشرة بشكل ملحوظ في الصين، ولا يكاد شارع في كل المدن الصينية إلا ويوجد فيه مطعم أو اثنين منها على الأقل، وتحت إدارتهم، وكل ما فيها حلال، ويُمنَع استخدام أطعمة غير حلال فيها، وتجد الصينيين غير المسلمين إذا ارتادوها، ملتزمون بهذا الأمر، ومَن منهم يُخالف ذلك يَخضع لحرف للقانون
– 3/ كل الجامعات الصينية مُلزَمة بإقامة مطعم أو أكثر ضمن حرمها يقدم وجباته على الطريقة الاسلامية، لأنه خاص بالمسلمين، و4 من هذه المطاعم الاسلامية متوافر في فرع واحد في جامعتي، والفرع الآخر يوجد فيه مطعم إسلامي واحد
– 4/ الأطعمة الحلال تجدها متوافرة في كل الأسواق، وبكثرة ملحوظة للعيان، حتى في مسالخ اللحوم تجد قسم فيها خاص بالمسلمين.
5/- في الصين عموماً يتزوجون بإمرأة واحدة فقط، وينجبون طفلاً واحداً فقط، وهو تقليد غالب عند شتى القوميات، وعلى الأغلب عدا المسلمين الصينيين، فقد تم استثنائهم من هذا التقليد.
6/ – عند صلاة العيد أو صلاة الجمعة، تجد السلطات الصينية تدفع بقوة من الشرِطة لتأمين مكان الصلاة (المسجد)، ولتنظيم حركة المرور بصورة نفتقدها حتى في دولنا العربية.
7/ – أعرف جامعة يبلغ٨٠℅ من طلابها مسلمون صينيون، وجميع موظفيها، ابتداءً من موظف المطعم، إلى موظفي الإدارة، هم من المسلمين، وتجد الطلاب المسلمين في كل الجامعات، مثلهم مثل غيرهم من القوميات الاخرى. هذا، إضافة إلى الجامعات والمستشفيات المشهورة، والتي تتخذ من منطقة شينجينانغ مقراً لها (أكثر من عشرين جامعة في شينجيانغ).
– 8/ في كل مدينة يوجد مكان يُسمّى الشؤون الاجتماعية، يوجد فيه قسم خاص يُعنى بشؤون المسلمين. هذا القسم جميع الموظفين فيه هم من المسليمن، وهو يهتم بأمور المسلمين المتواجدين في المدينة المعنية، ويُعنى بكل ما يتعلق بهم، حتى في توفير مقابر خاصه بالمسلمين.
– 9/ منطقة شينجيانغ هي كغيرها من المناطق الصينية متطورة حضارياً وعمرانياً وتنموياً وتسير على طريق النماء الاقتصادي الحديث، والذي يُشارك فيه المسلمون من أبناء المنطقة في إدارته وتطويره، وهذا ما نتمنى أن نلمسه ونراه في دولنا العربية التي تحتاج فعلاً لمن يتضامن معها وليس العكس.
– 10/ يوجد في الصين (مسيحيون وديانات أخرى)، والحكومة الصينية تعامل الجميع تحت مظلة قانون واحد، والكل سواسية تحت حكم هذا القانون.. صلي كما تريد أن تصلي.. أُكفر.. إلحد.. إعمل ما شئت، لكن.. وألف لكن.. إياك أن تتعدى حدود الأمن القومي الصيني وقانون ونظام الدولة.. قف عند حدودك.. وإن كنت أجنبي ومواطن لأعتى دولة في العالم، لا مفر لك من العقوبة في حالة مخالفتك القانون.
ختاماً: أُريدكم أحبائي، بكل إنصاف واحترام، أن تقولوا لي أين هو ذاك الاضطهاد في كل ما تَقدّم أعلاه!
*دكتور #صامد_عبدالله_محمد_الزعزعي: يمني متابع للشؤون الصينية ومُقيم في جمهورية الصين الشعبية، بمدينة نان تشانغ، حاضرة مقاطعة جيانغشي.