و بات من المعتاد اليوم أن تنقل المرأة الجزائرية و بشكل متواصل عبر “العالم الافتراضي” صورا عن تحضيرات مطبخها من أكلات و تقديمات مختلفة, نقل وعرض لما تبدعه أناملها, قد يبلغ ذروته خلال شهر رمضان, لكنه و مع حلول ليلة السنة الامازيغية الجديدة يأخذ منحى و طابعا تقليديا ضاربا بجذوره في تاريخ المجتمع.
و يبقى التحضير لليلة سهرة يناير مهمة تحرص السيدة الجزائرية على إحيائها من خلال تجهيز سفرة “بلمسة جمالية امازيغية خالصة”, سهرة و سفرة سترى طريقها في نفس الليلة الى صفحات العالم الافتراضي. فالكل يعرض أجمل ما حضر, فيما يشبه ” تنافسا محموما” على تحقيق المرتبة الاولى من حيث أعداد المتابعين المعجبين بالمنشور الذي سيخلد تلك السهرة.
سفرة الاواني الفخارية سيدة مائدة ليلة يناير
الحرص على إحياء ليلة يناير أصبح مرتبطا لدى الكثير من السيدات بالحرص على جمالية السفرة التي تقدمها للعائلة, قبل ان تنقل كصور أو فيديوهات للجمهور العريض عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
و لتحضير سفرة و مائدة “مميزة”, تعمد السيدة الجزائرية لاستعمال طقم الاواني الفخارية, و الذي يشكل الحلقة الاساسية في تزيين مائدة ليلة حلول السنة الامازيغية الجديدة.
و باتت تلك الاواني الفخارية و التي كانت تصنف كأواني تقليدية الى وقت ما, تعرض أكثر من أي وقت مضى, بأشكال “عصرية ” مختلفة مع تعدد في الالوان و الاحجام, دون التفريط برسومات تعد خاصة بالإرث الامازيغي, تميزها عن أواني تستورد من بلدان أخرى.
و الى جانب تلك الاطقم, تتعدد “الإكسسوارات” التي تزين مائدة يناير و التي تزايد عليها الطلب خلال الايام الاخيرة, حسب ما يلحظ عبر صفحات الفايسبوك مثلا, حيث ذهبت عديد صفحات المبيعات للمحلات المخصصة للاواني و الاغراض المنزلية لعرض منتجات حرفية تقليدية يغلب عليها الطابع الامازيغي, مثل الطبق و شرشف المائدة و حتى القفف و بأسعار تنافسية.
اقرأ أيضا : احتفالات بيناير 2971 بتبسة : 20 متنافسا في مسابقة اختيار أحسن طبق تقليدي
و لتكتمل الصورة … كراء أو شراء الالبسة التقليدية القبائليةلصغار العائلة
و لا يمكن أن تكتمل صورة الليلة دون ارتداء الزي الامازيغي من قبل صغار العائلة. فتجد الامهات حريصات على اقتناء “الجبة للبنات و السروال المدور للذكور”. و في هذا السياق, قالت السيدة حليمة من الجزائر العاصمة, أنها تأكدت منذ أيام من مطابقة مقاس “جبة القبايل” لطول ابنتها صاحبة 9 سنوات, مؤكدة على أنها اشترت واحدة جديدة لصغيرتها لإحياء المناسبة, فيما تفضل أخريات كراء الجبة من المحلات المنتشرة عبر الاسواق الشعبية التي تعرف اقبالا ملحوظا هذه الايام من قبل الزبائن.
و اضافت المتحدثة أنها ستشارك صور ابنتها مع أبناء العائلة و هم بأجمل حلة و هندام عبر مواقع التواصل الاجتماعي, مؤكدة أن صور تلك الليلة تبقى دوما مميزة لكونها ستكون جامعة لكل أفراد أسرتها مع بداية سنة جديدة.
من جهتها, قالت السيدة أمينة و هي موظفة في قطاع التعليم, أنها تحرص على احياء ليلة يناير من خلال تفاصيل عدة, ستجتمع في صور كثيرة تفضل مشاركتها في مجموعات مختلفة عبر الفايسبوك, و ليس بالضرورة أن تقتصر تلك المجموعات على عضوات جزائريات, بل مجموعات من دول عربية مختلفة.
و أضافت بالقول : “تعودت على أن أشارك صور احتفالاتنا الجزائرية مع كل ما تتميز به من خصائص في مجموعات دول عربية و حتى أوروبية و افريقية تهتم بالأزياء و الطبخ و الديكور , و في كل مرة أتلقى الكثير من الاسئلة حول طبيعة الاحتفال بالسنة الامازيغية”.
و قالت أنها أصبحت تحس و مع مرور السنوات, أن من “واجبها” نقل صورة الاحتفال بيناير الى العالم الافتراضي, للتأكيد على عراقة الهوية الجزائرية و التعريف بتقاليدها و مكتسباتها التاريخية.
و تحولت بذلك السيدة الجزائرية الى سفيرة لنشر ثقافة و تقاليد المجتمع, كل حسب أعراف منطقتها و هي أعراف تتنوع من ولاية لأخرى من حيث الأطباق المقدمة, و التي تلتقي في قاسم مشترك : الأطباق لا يمكن الا أن تكون تقليدية من أجل سهرة عائلية حميمية.
وان كانت الشخشوخة الطبق الرئيسي بعديد من ولايات الوطن خلال ليلة احياء السنة الامازيغية, يبقى الكسكس بالزبيب أو بمرق مشكل من مختلف انواع الخضر “الطبق السيد” بمنطقة القبائل.
و هكذا تتنوع أطباق الجزائريين ليلة يناير التي تعزز رابطة الانسان بالأرض, و تكون فرصة لاجتماع أفراد الاسرة كبيرا و صغيرا و تجسيدا للم الشمل و صلة الرحم مع بداية السنة الجديدة.