شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية/
بقلم / وو فو قوي / عبد الكريم
*مستشرق وعضو مَجمع الكتاب الثقافي الصيني الدولي؛
*عضو معهد العلوم والتقاليد الثقافية الصينية – الدولية؛
*كاتب من الصين/ واحد من أهم الخبراء في شؤون الشرق الأوسط الصيني؛
*كبير مستشاري الشؤون الثقافية في مركز الشرق الأوسط للدراسات و التنمية؛
*كبير المستشاري لشؤون “الشرق الأوسط” في دار نشر إنتركوننتننتال الصينية.
من المعروف أن تاريخ العشرين من ديسمبر1958، هو تاريخ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والجزائر.
إن الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية دولة صديقة للصين و تُعتبر من أوائل الدول الأفريقية التي اعترفت بجمهورية الصين الشعبية. ولذا‘ فإت للاعتراف معنى عمق ومؤشّر تاريخي كبير.
ينطوى الوجدان الإنساني لكل شخص على الكثير من منارات الجَمال و الذكريات العطرة… ويسرني أن كتب هذه المقالة خصيصاً للموقع العربي الإعلامي الأشهر للصداقة والتحالف مع الصين – (شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية في الجزائر)، تلبية لطلب أصدقائي العرب و الجزائريين الأعزاء وعلى رأسهم: سعادة الأستاذ مروان سوداح – رئيس الإتحاد الدولي للصحفيين و الإعلاميين و الكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين؛ و سعادة الأخ مدير موقع “شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية” بالجزائر، الأستاذ والإعلامي الشهير عبد القادر خليل.
يتميز تاريخ الصداقة العريق بين الصين و الجزائربإرثهما الحضاري الذي ذاع صيته في أنحاء المعمورة و تراثهما الثقافي و الفني الغني، إلى جانب المعالم التاريخية وعجائب الدنيا، وفضلاً عن التنوع الجغرافي و المناخي، الأمر الذي يشجع على طَرق ميدان أخر من ميادين التعاون المزدهرة في المستقبل، ذلك هو ميدان السياحة، لوجود امكانيات هائلة غير مستغلة حتى الآن بالقدر الذي يحقق التطلعات المشتركة.
كذلك، يتميز شهر ديسمبر هذا العام، 2020، بمكانة خاصة في نفوس الصينيين والجزائريين، فهو يفيض بالاحتفالات الحاشدة بالذكرى الـ62 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين و الجزائر. أذ يكتسب هذا معنى شريف في مسيرة العلاقات الصينية الجزائرية ويُذخّرهُ بزخم جديد.
لنعود إلى عام 2018، حين استقبلت الصين و الجزائر الذكرى الستين على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بينهما. في تلك اللحظات التذكارية، تستذكر الأحداث التي مرت على البلدين في إطار العلاقات بينهما خلال السنوات الماضيات، ونلاحظ كيف تلوح في الأفق أمام أعيننا، العديد من القصص والمقتطفات التاريخية المشرقة، وإلى جانبها أحداث مؤثرة.
وفي هذا الصجج، يجب تناول رسالة التهنئة التي بعث بها الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى نظيره الجزائري السابق، عبد العزيز بوتفليقة، إذ قال الرئيس شي، أن الصين والجزائر تتمتعان بصداقة تقليدية عميقة.. وإن الصين هي أول بلد غير عربي يعترف بالجزائر، فيما تعد الجزائر إحدى أوائل البلدان الأفريقية التي أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين.
بتلك الكلمات الصادقة والعميقة قيّم الرئيس الصيني شي جين بينغ العلاقات الجزائرية الصينية حق تقييم.
من جانبه، قال الرئيس بوتفليقة، في رسالته، إن الجزائر ترغب في مواصلة تعزيز الثقة السياسية المتبادلة مع الصين، والمشاركة بنشاط في بناء الحزام والطريق، ودعم بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية وذلك للارتقاء بالشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين إلى مستوى أعلى.
وصف الرئيس السابق بوتفليقة، مسيرة تطور العلاقات الجزائرية الصينية بكلمات موجزة لكنها نابضة بالحياة .
وبصفتي كاتب من الصين و مستشرق وعضو مَجمع الكِتاب الثقافي – الصيني الدولي، و عضو معهد العلوم و التقاليد الصينية للثقافة الدولية، وواحد من أهم الخبراء الصينيين في شؤون الشرق الأوسط، وكبير مستشاري الشؤون الثقافية في مركز الشرق الأوسط للدراسات والتنمية، أرى أن علاقات الأخوة و الصداقة التي جمعت بين الشعبين الصيني و الجزائري، وتشاركهم في السراء و الضراء، كان لها الأثر الأعظم في نفسي، فضلاً عن روح العزيمة و الحماس التي تبثها العلاقات الثنائية بين البلدين في ظل الأوضاع التاريخية الجديدة.
الصين تُعتبر أول بلد غير عربي يعترف بالحكومة الجزائرية المؤقتة، وتُعد الجزائر إحدى الدول التي وقفت بقوة إلى جانب الصين لتسترجع الصين حقها الشرعي في مجلس الأمن الدولي للأمم المتحدة. لقد تجاوزت الصداقة القائمة بين البلدين نصف قرن، وفي خلال هذه المدة الطويلة من التنمية، دعم الشعبان وساعدا بعضهما بعضاً، وسارا في طريق التقدم والرقي معاً مع التأكيد أنه في السنة الفارطة أصبحت الجزائر أول دولة عربية يتم إنشاء الشراكة الاستراتيجية “الشاملة” بينها وبين الصين، وهو الأمر الذي يعزز و يقوي العلاقات الودية التقليدية بين البلدين.
أرجو أن تعم الفائدة المرجوة من نشر هذا المقال، وأن يفيد قيم الصداقة بين الشعبين، و التي أتمنى أن تتسم بالتواصل جيلاُ بعد جيل وأن تبقي خالدة.
فمنذ إقامة العلاقات بين البلدين و بمجهود قائم وحثيث من الدولتين، بقادتهما و حكومتيهما، اتسع التعاون و التواصل وتعززت الصداقة بين الشعبين أكثر فأكثر، وصار مبدأ التعاون ميزة للعلاقات الدولية.
وعلى ضوء هذا، فمن المتوقع ان تشهد الشهور و السنوات القادمة تقدماً مذهلاً في نوعية وحجم العلاقات الصينية الجزائرية. و ذلك بفضل الرغبة المخلصة من الطرفين.
وفي هذا الصدد أشكر بشكل خاص رئيسي مؤسستين مضيئتين وناشطتين وعالميتين مشهورتين: الأكاديمي مروان سوداح رئيس (الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين)، ومركزه في عمّان/ الأردن؛ وموقع (شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية) بالجزائر، ومديره الأستاذ الناشط الكبير والنابه عبد القادر خليل، على مساهماتهما لتعزيز صداقة البلدين، إذ يعملان تطوعاً وبأمانة وثقة.
تواصل الجزائر والصين احتفالاتهما بإقامة علاقاتهما الدبلوماسية، في وقت يشهد فيه التعاون بين البلدين تطوراً مُطرداً بفضل الإرادة السياسية المشتركة لقيادتيهما، اللتان قررتا الإرتقاء بالعلاقات الجزائرية – الصينية إلى تفعيلات متواصلة لمستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة.
إنّ مسار العلاقات الجزائرية الصينية حافل بالصفحات المُنيرة، فالشعب الـجزائري ما زال يستذكر بكثير من العرفان الدعم الفعّال الذي خَصَّت به الصين الثورة الجزائرية، و حـــفاوة الاستقبــال التي خصّت بها بلادنا المناضلين الجزائريين في كلَّ مرة جديدة وطئت فيها أقدامـهم ثرى الصين الصديقة لهم.
برزت النواة الأولى للعلاقات الجزائرية الصينية خلال اللقاء التاريخي الذي جمع بين الزعيم الصيني “تشون لاي”، ووفد جبهة التحرير الوطني الجزائرية، خلال مؤتمر باندونغ في أفريل 1955، ثم تبلورت من خلال اعتراف الصين بالحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، في 22 سبتمبر 1958، وتم ذلك خلال ثلاثة أيام فقط بعد إعلان ميلاد هذه الحكومة، وقبل أن تترسم بالتوقيع على البيان المشترك لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في 20 ديسمبر 1958، أي قبل أربعة سنوات من استرجاع الجزائر لسيادتها.
ولعلّ ما زاد في توثيق عُرى علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين، هو تلك المعركة الدبلوماسية التي خاضتها الجزائر سنة 1971، في أروقة الأمم المتحدة، رفقة العديد من بلدان العالم الثالث، من أجل استعادة جمهورية الصين الشعبية مكانتها المشروعة ضمن أجهزة هذه الهيئة الأممية.
لقد كان لتبادل الزيارات الرسمية بين قادة البلدين، منذ السنوات الأولى لإقامة العلاقات الدبلوماسية إلى يومنا هذا، بالغ الأثر في توطيد أنشطة التعاون الثنائي في مختلف المجالات، وقد تواصلت هذه السُّنة الحميدة خلال العقدين الأخيرين من خلال الزيارات الثلاث، التي قادت فخامة الرئيس الجزائري إلى الصين سنوات 2000، 2006 و 2008، واستقباله سنتي 1999 و2004 في الجزائر الرئيسين الصينين جيانغ زيمين وهو جين تاو.
أصدرت الصين و الجزائر بياناً صحفياً مشتركاً يدعو الى زيادة تعزيز العلاقات الثنائية بعد زيارة الدولة التي قام بها الرئيس الصيني جيانغ زيمين واستمرت يومين.
اشارت الوثيقة الى أنه خلال المحادثات الودية بين الرئيس جيانغ زيمين ونظيره الجزائرى عبد العزيز بوتفليقة توصل الجانبان لاتفاق “كبير في الرأي” بعد مناقشات واسعة النطاق ومتعمقة حول العلاقات الثنائية وأيضاً القضايا الدولية و الاقليمية محل الاهتمام المشترك، كما وإتفاقيات حول التعاون الاقتصادي و التكنولوجي وغيره.
ورأى الجانبان أن زيارة جيانغ زيمين للجزائر تعتبر ذات أهمية تاريخية للعلاقات الثنائية، مع أقتراب أنتهاء القرن السابق، وأن هذه الزيارة الناجحة ستدفع بقوة التعاون الودي الحالي بين الدولتين.
أنذاك، قال البيان، أن الجانبين يشعران بالرضا أزاء النمو الصحي و المطرد للتعاون الثنائي الودي القائم على أساس المبادىء الخمسة للتعايش السلمي وعلى إستعداد للعمل معاً من أجل تعاون أقوى و أوسع في القرن الجديد.
و بالنظر الى الامكانيات الهائلة و المشرقة للتعاون الاقتصادي و التجاري بين الدولتين فأن الجانبين يستفيدان من خبرات بعضهما البعض لتعويض نقاط ضعفهما و إستكشاف مجالات جديدة للتعاون المرفق بالمنفعة المتبادلة بشكل مستمر، بينما تعمل حكومتيهما على خلق الظروف الملائمة للتسهيل التجارة و الاستثمارات بين الدولتين .
وفي الوثيقة كذلك، تأكيد الجزائر من جديد على أن حكومة جمهورية الصين الشعبية هي الحكومة الشرعية الوحيدة التي تمثل الصين بأكملها، و أن تايوان جزء لا يتجزأ من جمهورية الصين الشعبية . وأن الجزائر تساند كعهدها دائما قضية توحيد الصين وتعارض أي محاولة من جانب //تايوان// لدخول الامم المتحدة مرة أخرى //وما يُسمّى بِ “نظرية الدولتين”، التي تهدف الى تقسيم الصين .
قال البيان ايضاً، ان الصين أعربت عن تقديرها لموقف الجزائر و أكدت انه بالرغم من ان الجانبين عبر مضيق تايوان لم يتوحدا بعد، إلا أن وضع تايوان كجزء من الصين لم يتغير وكذلك الوضع الخاص بسيادة الصين على تايوان . وهي حقيقة لا تقبل الجدل تعترف بها الاغلبية الساحقة من دول العالم .
وحول قضية الصحراء الغربية أكد الجانبان مساندتهما لحلول الامم المتحدة المقترحة و إتفاقية هيوستون و أيضا جهود أمين عام الامم المتحدة في الاعداد لاستفتاء حر وعادل لمواطنى الصحراء الغربية سعياً من أجل الحل السلمى للصراعات وحماية الامن و الاستقرار الاقليميين.
وأشار البيان الى أن الجزائر تبذل جهودها من أجل التصالح الوطني و إعادة الامن و الاستقرار المحليين والتي أقرها الشعب الجزائري، كما أظهر بشكل واضح أستفتاء 16 سبتمبر. وقد أشادت الصين و أعربت عن مساندتها لجهود الرئيس بوتفليقة في تعزيز الامن و الاستقرار في الجزائر ووضع أساس للاحياء الوطني.
إنّ تشبّع الجزائر والصين بمبادئ الأمم المتحدة لا سيّما مبدأ احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وتقاسمهما لرؤى متطابقة بخصوص العديد من القضايا الدولية والجهوية، سمح بتعزيز التنسيق والتشاور بينهما بالمحافل الدولية دفاعا عن القضايا العادلة وتطويراً للتعاون جنوب – جنوب وخدمة للسلم والتنمية في العالم بأسره .
أما بالنسبة للشق الإقتصادي، فقد أصبحت الصين الشريك التجاري الأول للجزائر واستفادت الشركات الصينية من صفقات عديدة، من أجل المشاركة في المشاريع الكبرى للبلاد، كبناء مليون وحدة سكنية وإنجاز الطريق السيّار شرق- غرب، ومشروع جامع الجزائر الأعظم. بالإضافة إلى بُنى تحتية أخرى كالمطارات والموانئ والسكك الحديدية. كما تم تجسيد الكثير من أنشطة التعاون في مختلف المجالات الإقتصادية وتسجيل عدة مشاريع إستثمارية ينبغي تطويرها وتنويعها أكثر بالنظر للفرص العديدة التي يُتيحها مناخ الأعمال بالجزائر ويُشجعها الإطار القانوني الثري المُبرم بين البلدين.
ويحتل البُعد الإنساني – التاريخي مكانة أساسية منذ بداية العلاقات الجزائرية الصينية، مثلما يتجلّى في محطتين رمزيتين، الأولى تتمثل في الجولة التي قادت فريق جبهة التحرير الوطني لكرة القدم إلى الصين خلال شهري أكتوبر ونوفمبر 1959 والتي لم تكن فرصة لإجراء مقابلات ودية مع أندية صينية فقط، بل تعبيراً جلياً عن دعم جمهورية الصين الشعبية للثورة الجزائرية، كما وسنحت كذلك للطاقم الفني واللاعبين الجزائريين بتبادل الخبرات والتجارب مع نظرائهم الصينين.
أما المحطة الرمزية الثانية فتتمثل في إرسال الصين لأول مرة بعثة طبية لها خارج البلاد إلى الجزائر سنة 1963 من أجل المساهمة في مداواة الجزائريين المتضررين من سبع سنوات من الكفاح المسلح ضد الإستعمار. ومع مرور السنوات والعقود، مس التعاون الثنائي شتى المجالات المرتبطة بالعنصر البشري كالصحة والثقافة والإعلام والشباب والرياضة والتعليم العالي وتكوين الموظفين.
تتمتع الصين بمكانة عالية في قلوب الجزائريين، فقد قامت الحكومة الجزائرية بإصدار طابع بريدي بمناسبة الذكرى الخمسين لإرسال الصين فرقتها الطبية إلى الجزائر، إذ أن أول فرقة طبية أرسلتها الصين إلى الخارج هي فرقة طبية مرسلة إلى الجزائر قبل خمسين عاماً، وقد حظيت هذه الفرقة بتقدير عالٍ من حكومة الجزائر وشعبها خلال الأعوام الخمسين الماضية.
يوسفي أحمد، مدير إنتاج الطوابع بالجزائر قال:” الصين كانت أول بلد رد على طلبنا العاجل بعدما غادرت فرنسا الجزائر.. كانت الجزائر بحاجة إلى تقديم علاج للمصابين والمجاهدين الجزائريين أثناء ثورة التحرير.”
تم بيع هذا الطابع البريدي بشكل رسمي، وبعده اصدرت الجزائر طابعاُ بريدياُ في ديسمبر 2018 احتفالا بالذكرى الخامسة والخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والجزائر. – (المرجع: تلفزيون الصين المركزي .)-
نال الشعب الجزائري في عام 1962 استقلاله بعد حرب مقاومة طويلة للمستعمر الفرنسي، وهو ما تزامن مع معضلة واجهت الدولة تمثلت في انسحاب الأطباء للفرنسين و نقص الأدوية و الكادر الطبي على المستوى الوطني، وهكذا اضطرت الجزائر لطلب العون من المجتمع الدولي، وفي مطلع عام 1963أعلنت الصين للعالم نيتها إرسال فريق طبي لمساعدة الجزائر وهو ما شكل بداية تاريخ إرسال الصين فرق طبية للخارج .
و على مدى أكثر من خمسة عقود من الزمن لم تدخر الصين أي جهد في إرسال فرق طبية الى الدول التي هي بحاجة إليها، وعملت بذلك على تقديم خدمات طبية مجانية لمواطني هذه الدول وهو ما شكل مأثرة فريدة من نوعيها في تاريخ العلاقات الدولية المعاصرة. إن الأطباء الصينيين يمارسون مهنة ومهمة دولية وما ينشرونه هو روح الإنسانية. وقد قدمت هذه الفرق إسهاماً بارزاً في تعزيز الصداقة الصينية الجزائرية و الصداقة الصينية الإفريقية.. كما قدموا أيضاً إسهاماً متميزاً في مجال السلام العالمي و رفاهية البشرية .
و بوصفه الفريق الطبي الأول الذي ترسله الصين الى الخارج، عمل أكثر من 3000 من أفراد هذا الفريق على مدى أكثر من خمسة عقود من الزمن على إنقاذ عشرات الألأف من البشر، وقد كان زادهم مشاعر الصداقة الحقيقة ومهارات طبية عالية مما مكنهم خلال هذا المَسار من أداء الرسالة وقهر مختلف الصعاب. وخلقوا بذلك معجزة طبية في الجزائر وربطتهم بالسكان المحليين أواصر صداقة عميقة .
إن الصين و الجزائر ينتميان الى البلدان الناشنة والنامية، ويمكن من خلال التعاون الثلاثي استغلال الفرص الكبير في مجالات الثقافة و الإخبارية التبادل الخبرات و التجارب والتحاور.
يُشيرون في الجزائر بكل احترام وسعادة إلى إن تمويل مشروع بناء دار الأوبرا بالجزائر “من طرف أصدقائنا الصينيين”، يدل دلالة كبيرة على عمق تعاون الجانبين، حيث أقام فريقاً من الخبراء مكوناً من 13 صينياً في الجزائر في شهر جوان 2008، ليناقشوا مع مسؤولين من وزارة الثقافة مختلف المناهج لدراسة و تنفيذ هذا المشروع.
وكذلك الأمر لمشروع بناء قاعة كبيرة متعددة النشاطات، حيث تمت دراسة المشروع من طرف شركة استشارية فرنسية مقيمة بالجزائر، و اقترح بأن يُحال المشروع إلى شركة بناء صينية. هناك كذلك مشروع اتفاق بين الجزائر و الصين على اتخاذ تدابير ووقائية ضد السرقة و التنقيب غير المشروع و الاستيراد و التصدير و نقل الملكية غير المشروعة. وحضر الى الجزائر استاذ مدرب الباليه الصيني من اجل العمل بالتعاون مع مؤسسة الباليه الوطني الجزائري لمدة ستة أشهر .
زيادة على أطر التعاون الثنائي، للجزائر ميزة خاصة في علاقتها مع الصين، إذ تشكل همزة وصل بين هذا الشريك الهام و المنطقة العربية و الأفريقية، وفي هذا الإطار، تشارك الجزائر بانتظام في أشغال المنتدى العربي الصيني منذ إنشائه منذ عام 2004، كما لم تدّخر أي جهد من أجل المساهمة في تعزيز و تمتين أسس شراكة مريحة في إطار منتدى التعاون الإفريقي الصيني منذ تأسيسه 2000، هذا المنتدى الذي أضحى يُشكل الوعاء الجامع للمبادرات الرامية لترقية العلاقات الإفريقية الصينية، في ظل تعميق المبادلات الاقتصادية و التجارية و الثقافية و الأمنية بين الجانبين، مع الأخذ بالحسبان تطلعات القارة الإفريقية و أولوياتها التنموية في إطار مبادرة النيباد و أجندة الاتحاد الإفريقي 2063 .
من جهة أخرى، فإنّ الدور المحوري الذي تضطلع به الجزائر في العالم العربي والقارة الإفريقية، سمح بتعزيز علاقات التعاون الواسع مع جمهورية الصين الشعبية في إطار منتدى التعاون الصيني العربي، ومنتدى التعاون الصيني – الإفريقي.
و لعل من أهم المشاريع التي تستدعي التوقف و التمعن، مبادرة فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ الطموحة ، التي طرحها عام 2013، لبناء ” الحزام الاقتصادي لطريق الحرير البحري للقرن الحادي العشرين”، والتي أفضت إلى رسم خطط ومسارات عظيمة للترابط البيني و التواصل بين عدد كبير من أبناء البلدين، و أطلقت في إطارها مشاريع هامة بصيغة رابح – رابح، ستعود بالتأكيد بالخير الوفير والبركة على كافة الشركاء، بمن فهم وبالاخض الجزائر، بحكم موقعها الجغرافي الاستراتيجي و بحكم عمق علاقاتها المتميزة بالصين .
وتجدر الإشارة إلى أنني متأكد من أن وصول الفريق الصيني من الخبراء الطبيين، من أجل المكافحة المشتركة ضد جائحة كوفيد في الجزائر، قد ساهم في مساعدة الجزائر على التغلب الشامل على الوباء في أقرب – الآجال. وبالتالي لإثراء أعمق وأوسع لعلاقة الصداقة المتميزة طويلة الأمد بين الصين والجزائر. ويندرج هذا الحدث في إطار استمرار الصداقة الصينية الجزائرية، كما يسمح بكتابة فصول جديدة من تاريخ الصداقة الصينية الجزائرية.
وفي خضم هذا الزخم من التعاون والتلاحم بين الصين والجزائر في مختلف المجالات، تأسست جمعية الصداقة الجزائرية الصينية سنة 1993، في ظروف خاصة كانت تمر بها الجزائر آنذاك بسبب الإرهاب الأعمى، وقد دأبت الجمعية منذ ذلك الحين على القيام بنشاطات عديدة وتجسيد مشاريع متنوعة بهدف تعزيز التفاهم وتعميق الصداقة بين الشعبين الجزائري والصيني.
ولعل أبرز دليل على الإسهام الذي قدّمته هذه الجمعية في سبيل توطيد عُرى الصداقة بين فئات الشعبين الجزائري والصيني هو تكريم رئيسها الدكتور اسماعيل دبش من قبل الرئيس الصيني شي جين بينغ، في 20 يناير 2016، بـ”جائزة المساهمات البارزة للصداقة الصينية العربية”، رفقة تسعة شخصيات عربية أخرى.
وفي خواتيم كتابتي هذه، لا يسعني إلاّ أن أُشير إلى أنّ العلاقات الجزائرية الصينية تُنبئ بمستقبل زاهر بالنظر إلى فرص التعاون العديدة والمتنوعة التي تُتيحها الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، وكذا مبادرة فخامة الرئيس شي جين بينغ الرامية إلى بناء الحزام الإقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين .
إن الصين و الجزائر ينتميان الى البلدان الناشنة والنامية، ويمكن من خلال التعاون الثنائي استغلال الفرص الكبيرة في مجالات الثقافة و الأخبار وتبادل الخبرات و التجارب و التحاور.
بصفتي كاتب من الصين، و عضو معهد العلوم و التقاليد الصينية للثقافة الدولية، وواحد من أهم الخبراء في شؤون الشرق الأوسط في الصين، أُعبر عن فخري بالعلاقات الصينية الجزائرية العميقة، وأنا مقتنع بأن مشعل الصداقة المتميزة بين الصين والجزائر ستنتقل من جيل إلى جيل، وستصبح هذه الصداقة أكثر متانة بفضل الجهود المشتركة للبلدين والشعبين.
ولا بد لي هنا من أن أتقدم بالشكر لشبكتكم، (شبكة طريق الحرير الصيني الاخبارية بالجزائر)، وللاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين)، على مساهماتكما المتواصلة لاطلاع القارىء العربي على القضايا الصينية – الجزائرية المشتركة، متمنين لكم مزيداً من التوسّع والتقدم في نشر التبادل الثقافي والصحفي والإعلامي والإخباري، خدمةّ للتفاهم و التعاون بين البلدين الصين والجزائر، والصين والعالم العربي.