جريدة الدستور الأردنية/
الأكاديمي مروان سوداح*
أن نستذكر شهداء الوطن ونتمثل بهم هو واجب يومي ووطني وأخلاقي وانتماء للمستقبل الأُردني، وهو كذلك نمط حياة وتربية وطنية واجبة للنشئ، مُلزَمة بالانتماء والعطاء والتمثّل بالشهداء الذين وهبوا حياتهم رخيصة في سبيل أن تحيا الأجيال بسلام ويزدهر الوطن بعيداً عن أية التواءات أو انحرافات سياسية.
الشهيد الملازم أول موفق بدر السلطي، طيار حربي أردني ولد قبل 81 سنة، واستشهد قبل 54 سنة، في معركة دامية لوقف التغلغل الصهيوني في وطننا. لم يكن موفق قبل شهادته وخلال تصديه للعدو, يُفكر بشيء سوى بالأجيال المُقبلة التي يجب أن تحيا في ظلال السلام والاستقلالية، بعيداً عن أرتال الغزاة المُدَنِّسة لأرضنا الطهور.. فهل يُفكّر الجيل الحالي من شاباتنا وشبابنا بالشهيد موفق وبغيره من الشهداء.. وهل يستذكرون مآثرهم و(هل يدركون) لماذا استشهد موفق في مواجهة الصهاينة؟
ولد شهيدنا في عمّان، عام 1939، وأستشهد شاباً يافعاً في معركة السموع الشهيرة، في 14 تشرين الثاني 1966، حين تصدى مع ثلاثة من زملائه بمقاتلاتهم البريطانية الصنع «هوكر هنتر» لأسراب طائرات ميراج الصهيونية الفرنسية، في عملية بطولية قل نظيرها، هدفت إلى حماية تقدّم قوات لواء حطين نحو السموع.
تلقى الشهيد تعليمه المدرسي في كلية الحسين الثانوية التي تُفاخر به، وعمل مدرساً لمدة عام، وبعدها انضم إلى سلاح الجو الملكي الأردني كطيار متدرب في قاعدة المفرق الجوية، أُرسل في دورة عسكرية إلى بريطانيا لمدة سنتين، عاد بعدها إلى الوطن ليتولى تدريب الطيارين الجُدد. كان متزوجاً وله أبن يحمل نفس اسمه.
تقول الوثائق، إنه في صباح (14/11/1966)، دوّت صفارات الإنذار في قاعدة الحسين الجوية، وكان الشهيد في زيارة للقاعدة، إلا أنه سارع للانطلاق صوب كبد السماء مع زملائه الطيارين، لصد العدوان الصهيوإسرائيلي على قرية السموع، قضاء الخليل، ودحروا طائرات العدو ولقنوه درساً قاسياً، وكانت طائرة موفق هي الأخيرة التي تغادر سماء المعركة، فلحقت به طائرات العدو وأصابت طائرته «في مقتل» واضطر للقفز بالمظلة، إلا أن العدو صرعه برشاشات طائراته بالرغم من أنه كان دون سلاح في الأجواء خلال قفزه بالمظلة، فاستشهد المقاتل العظيم موفق، ليؤكد للمرة الألف أن الصهاينة لا يلتزمون بأية مبادىء انسانية ومواثيق دولية.
أقيمت للشهيد موفق جنازة ملكية عسكرية مهيبة، وأقسم زميله فراس العجلوني على ضريحه أن ينتقم لاستشهاده. رحم الله الشهيد البطل الباقي في جنان المولى العظيم ووجدان شعبه وأُمته والإنسانية إلى الأبد، وندعو الجيل للتمثّل بمكارم أخلاقه ومحامد أفعاله الوطنية.