شبكة طريق الحرير الإخبارية/
الذكرى الرابعة والسبعون واستمرار ملحمة المقاومة الفلسطينية
بقلم: دكتورة كريمة الحفناوي.
تمر فى الخامس عشر من مايو هذا العام الذكرى الرابعة والسبعون على نكبة ذكرى إنشاء الكيان الصهيونى على أكثر من 70% من أرض فلسطين العربية، وتجيىء هذا العام الذكرى وسط اشتداد اعتداءات المستوطنين وجنود جيش الاحتلال الصهيونى على المصلين فى باحات المسجد الأقصى والمعتكفين فى ليالى رمضان الأخيرة وقتل وإصابة مئات من الشعب الفلسطينى (الشباب والنساء والأطفال والمسنين العزل الذين يواصلون الصلاة فى شهر رمضان المبارك) شعب الجبارين الصامد الواقف فى وجه تهويد مدينة القدس، وتقسيم المسجد الأقصى بين المسلمين واليهود، وذلك وسط تصاعد المواجهات بين الشباب الفلسطينى وقوات الاحتلال عقب تهديدات منظمات الهيكل المزعوم باقتحام الأقصى وإدخال القرابين وذبحها فى ساحات الحرم القدسى، مع التهديد أيضا باقتحامات جديدة للمسجد الأقصى فى يوم ما يسمى ب “استقلال إسرائيل” والذى يأتى عشية الذكرى 74 لاغتصاب فلسطين، كما تجيىء الذكرى ال 74 وسط توحش العدو الصهيونى ومنعه الفلسطينيين من الوصول لكنيسة القيامة للاحتفال بعيد القيامة المجيد، ووسط الإعلان من جانب العدو هدم 8 قرى فلسطينية لبناء آلاف الوحدات غير الشرعية للمستوطنين الصهاينة.
تجيىء ذكرى 74 عاما من المقاومة الشعبية والمقاومة المسلحة من كل فصائل المقاومة الفلسطينية مع استمرار الاعتداءات الصهيونية لأكثر من عام على حى الشيخ جراح بمدينة القدس ومحاولات المستوطنين الاستيلاء على منازل المقديسيين.وارتكاب العدو جرائم حرب ضد الإنسانية باستهداف عائلات فلسطينية وتهجيرها قسرياً أوهدم منازلها وقتلها فى حرب إبادة جماعية على مرأى ومسمع من العالم ذى الضمير الغائب والصمت المريب. ووسط أنظمة عربية إما مهرولة للتطبيع أو صامته، أنظمة تابعة للسياسات الأمريكية، وتعمل على حماية أمن الكيان الصهيونى.
تجيىء الذكرى الرابعة والسبعون وسط رعب وخوف الكيان الصهيونى من اشتداد المقاومة الفلسطينية فى كل أراضى فلسطين، ويؤكد ذلك ماورد فى مقال الكاتب الدكتور محمد السعيد إدريس بجريدة الأهرام 10 مايو 2022 نقلا عن الكاتب عاموس ارئيل بصحيفة هأرتس الإسرائيلية “أن الكيان تواجهه عدة تهديدات منها “الديموجغرافيا الاسرائيلية – الفلسطينية” معتبرا أن عام 2022 كشف تفوق فى عدد الفلسطينيين على الإسرائيليين على كامل أرض فلسطين وتوقع زيادة الفجوة على المديين المتوسط والبعيد”، وأضاف أن “التهديد الثانى هو تراجع سيطرة الدولة الإسرائيلية على المواطنين الفلسطينيين فى المدن المختلطة والتهديد الثالث هو عجز الجيش الإسرائيلى عن التصدى للهجمات سواء داخلى أو خارجى”.
كما يقول الباحث السياسى الإسرائيلى افرايم غانور فى جريدة معاريف الإسرائيلية ” إن الإسرائيليين يحيون ذكرى تأسيس دولتهم فى عامها الرابع والسبعين والأرض تهتز من تحتهم غاضبة وقلقة، وأبدى عدد من القادة الإسرائيليين تخوفهم من زوال دولتهم قبل العام الثمانين.
تجيىء الذكرى الرابعة والسبعون مع تزايد أعداد الأسرى الفلسطينيين فى سجون الاحتلال (4650 أسيرا وأسيرة منهم 34 امرأة و160 طفلا و500 من المعتقلين الإداريين 600 من المرضى و9 من نواب المجلس التشريعى) يعانون من كافة أشكال التعذيب، من منع الزيارات والعلاج والأدوية، هذا بجانب احتجاز 9 جثامين استشهدوا داخل سجون الاحتلال.
تجىء الذكرى الرابعة والسبعون مع استمرار المقاومة الفلسطينية المسلحة والشعبية وسط ارتفاع أصوات الشعوب الحرة المتضامنة مع الشعب الفلسطينى ضد الكيان العنصرى.
كما تحل ذكرى النكبة بعد صدور تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش (مؤسسة حقوق إنسان عالمية مقرها الولايات المتحدة الأمريكية) الذى تضمن فى فقراته ” إن مايجرى فى فلسطين هو نظام أبارتهايد مكتمل الأركان والحكومة الإسرائيلية أظهرت نيتها فى الحفاظ على هيمنة الإسرائيليين اليهود على الفلسطينيين فى جميع أنحاء الأراضى التى تسيطر عليها، واقترنت هذه النية بالقمع المنهجى للفلسطينيين والأفعال اللاإنسانية ضدهم وذلك يرقى إلى جريمة الفصل العنصرى”.
كما يتهم التقرير السياسة الإسرائيلية بالسعى وراء أكبر مساحة من الأرض بأقل عدد من الفلسطينيين – جرائم الفصل العنصرى والاضطهاد تمارس ضد الفلسطينيين كلهم فى الضفة الغربية وقطاع غزة وفى الأراضى الفلسطينية منذ عام 1948 وضد الفلسطينيين الذين طُردوا من ديارهم وهُجروا منها ومُنعوا من العودة إليها فى حين يتاح لليهود ذلك.
ويطالب التقرير المدعى العام فى المحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق بشأن المتورطين فى هذه الجرائم. كما يطالب التقرير السلطة الفلسطينية ب “إدراج الجرائم ضد الإنسانية بما فيها جريمتا الاضطهاد والفصل العنصرى فى القانون الجنائى الوطنى” و”وقف جميع أشكال التنسيق الأمنى مع الجيش الإسرائيلى والذى يساهم فى تسهيل جرائم الفصل العنصرى والاضطهاد فى الأراضى الفلسطينية المحتلة”. ويضيف التقرير فى نهايته “إن الحل النهائى للقضية الفلسطينية يتمثل فى تفكيك الصهيونية وإعادة حقوق الشعب الفلسطينى كاملة على أرضه.
وفى نفس الفترة صدر تقرير من مؤسسة كارنيجى – وهى مؤسسة بحثية أمريكية قريبة من مراكز صنع القرار فى أمريكا – يتناول فشل المسار السياسى فى حل القضية الفلسطينية ويتضمن فقرات تنص على أن مايجرى فى فلسطين هو نظام الفصل العنصرى.
كل هذه التقارير التى تدعم الحق الفلسطينى مع استمرار المقاومة الفلسطينية بكافة أشكالها، ودعم ومساندة الشعوب العربية الحرة الرافضة للتطبيع مع العدوالصهيونى بكافة أشكاله، ورفض شعوب العالم للممارسات والانتهاكات الإسرائيلية، بجانب نجاح ونمو حركات المقاطعة للكيان الصهيونى ولمنتجات المستوطنات غير الشرعية بل والمقاطعة الأكاديمية من جانب عدد من الدول الأوروبية.
إن العدو الصهيونى وجوهره الاستعمارى الاستيطانى ارتبط تاريخه وإنشاؤه على حساب طرد وقتل الشعب الفلسطينى وقهر وسلب وقمع من تبقى على أرضه واعتقال شبابه ونسائه وأطفاله، ووضعهم وتعذيبهم فى سجون الاحتلال.
إننا ننادى بصوت عالٍ ونتوجه إلى كل الأحرار فى العالم ونقول لهم قاطعوا الكيان العنصرى سياسيا واقتصاديا وثقافيا وفنيا ورياضيا، ودافعوا عن القدس وهويتها وتاريخها ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، ادعموا حق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته وعاصمتها القدس الشريف وحق اللاجئين فى العودة إلى ديارهم.
تمر الذكرى الرابعة والسبعون ومازالت ترن فى أذنى، مقولة الراحل المناضل العظيم الدكتور عبد الوهاب المسيرى منذ 14 عاما فى الذكرى الستين للنكبة عام 2008 “لا تقولوا 60 عاما على النكبة بل قولوا 60 عاما من المقاومة فالشعب الفلسطينى صامد وباقٍ والكيان الصهيونى الاستعمارى الاستيطانى إلى زوال”.
المجد والخلود للشهداء والحرية للأسرى، والنصر للمقاومة، والبقاء للشعوب الحرة الأبية، والخزى والعار للمطبعين.