الحوار الحزبي مع الصين، جسر قوي ومُستدام، يُعتمد عليه لتعزيز
التقارب العربي الصيني، رسمياً وشعبياً، وينعكس بإثمار كبير على مختلف المجالات في
الدولتين، وعلى الشرائح الشعبية والهيئات والأحزاب.
في الواقع منذ ستين سنة
ونيّف، تتميز علاقات التقارب والتعاون والتفاهم بين الأمتين العربية والصينية،
والجزائرية الصينية، بالصلابة والعراقة، فقد جمعهم طريق الحرير البري والبحري منذ
أكثر من 2000 عام. وطوال هذا التاريخ الطويل والعريق، كان السلام والتعاون
والانفتاح والسّماحة والمنفعة المتبادلة ديدن التعاملات الثنائية بين هذه الأطراف.
وفي الخصوص، فخلال
الأربعين سنة الماضية، أي منذ تطبيق الصين لسياسة الإصلاح والانفتاح، تحت مظلة
الحزب الشيوعي الصيني، الذي يقود البلاد بكل حكمة ونجاعة، سعت الصين وما تزال تسعى
إلى إبقاء أبوابها مُشرعة على العالم، وبذل المزيد من الجهد لخلق مناخ ملائم لحياة
أفضل للشعب الصيني وشعوب العالم، وفي مقدمتهم هذه الشعوب، الامة العربية التي
أبرمت جميعها معاهدات وإتفاقات الشراكة الشاملة مع الصين، ومن هذا المنطلق يبقى
الحزب الشيوعي الصيني يسعى إلى رفع الحواجز والتقرّب بخطوات متلاحقة من الأحزاب
السياسية في البلدان العربية، وتوسيع آفاق التشاور والتعاون وتبادل الخبرات مع هذه
المؤسسات السياسية الشعبية.
ولهذا، يكتسب إنعقاد
الدورة الثانية لمؤتمر الحوار بين الحزب الشيوعي الصيني وأحزاب الدول العربية، في
نوفمبر 2018، دلالات رئيسية عديدة، وهي فرصة متجدّدة لم تطرقها دولة أخرى في هذا
العالم ولم تفكر بها، بهذه الصورة وبمثل هذا التجمع الحزبي الكبير، لكن الصين تسعى
الى تجميع الأحزاب السياسية العربية حول طاولة واحدة مع الحزب الشيوعي الصيني،
لإحراز تقدّم في واقع بلدان العالم في كل الاجندات المطروحة على بساط البحث الدولي
والاقليمي، إذ أن للصين باع تاريخي زاهر وخبرات خارقة ورؤى مستقبلية ثاقبة في تسيير
شؤون البلاد وعلاقاتها الدولية وبمختلف أبعادها وجواهرها، ومنها الاجتماعية
والسياسية والاقتصادية والفكرية، تحت قيادة رشيدة وذكية للأمين العام للحزب الرئيس
الصيني شي جين بينغ .
وانطلاقاً من العرفان
بالجميل للصين ولجهودها في تنظيم المؤتمر وأهدافه، فقد عرفت الدورة الثانية لمؤتمر
الحوار بين الحزب الشيوعي الصيني وأحزاب الدول العربية، مشاركة عربية حزبية متميزة
على مِثال المشاركة الجزائرية بوفدين، من حزب جبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني
الديمقراطي، اللذين أعربا من خلال مداخلاتهم في المؤتمر والحوارات، عن بقاء استعدادهم
المتجدّد لمواصلة التعاون مع الحزب الشيوعي الصيني، وأكدا أن الجزائر حريصة على
العمل والتعاون مع الصين لتعزيز الشراكة القائمة بينهما، وتشهد على ذلك الإنجازات
العديدة التي تحققت في مختلف مجالات بين الدولتين، لا سيّما وأن الجزائر ما فتئت
تشيد وتقيّم عالياً الدور الذي تلعبه الصين، في سبيل نشر قيم التسامح والسلام عبر
العالم، وترسيخ مفهوم مجتمع المصير المشترك للبشرية، وموقفها المؤيد والثابت تجاه
القضية الفلسطينية العادلة .
وللتدليل على عُمق
العلاقات بين بلدينا، الجزائر والصين، فقد سبق للأمين العام الرئيس شي جين بينغ،
أن صرح مؤكداً بأن الصداقة بين الصين والجزائر نشأت في أيام الضرّاء، وهي تتجسد
بين الشعبين في نضالهما ضد الإمبريالية والاستعمار، ولن ينسى الشعب الصيني أبداً
الدور الهام الذي لعبته الجزائر في استعادة المقعد الشرعي لجمهورية الصين الشعبية
في الأمم المتحدة، وشكر “شي” الجانب الجزائري على دعمه الثابت للصين في القضايا
المتعلقة بالمصالح الحيوية والهموم الكبرى لها.
كما وسبق للأمين الرئيس
شي جين بينغ تأكيده، على أن الصين “تَعتبر الجزائر دائماً صديقاً عزيزاً وأخاً
حميماً وشريكاً وثيقاً، وأن تطوير علاقات الصداقة والتعاون الصينية الجزائرية على
نحو شامل وتعميق التعاون الإستراتيجي بين البلدين، إنما يمثلان سياسة ثابتة للصين”.
في مناسبة أخرى، فقد
إستُقبل الوزير الأول أحمد أويحيى، من قِبل الأمين الرئيس الصيني شي جين بينغ، في
سبتمبر/ إيلول هذا العام (2018)، على هامش انعقاد قمة منتدى التعاون الصيني –
الأفريقي، وأشاد الرئيس “شي” بالعلاقات القائمة بين الصين والجزائر، “في إطار
الشراكة الإستراتيجية الشاملة والإنجازات المُحققة، في ظل التعاون الثنائي في شتى
الميادين، مشدداً على “الاهتمام الذي يوليه شخصيا لتعزيز التعاون بين البلدين
وتوسيعه، كما نوّه الرئيس الصيني بانضمام الجزائر إلى مبادرة “الحزام والطريق”.
وللتأكيد، فإن القيادة
الحزبية السياسية الناجحة، هي تلك التي تتحاور وتتبادل الخبرات مع الآخر، وتتعاون
في سبيل بناء دولة قوية قادرة على إسعاد شعبها، والمشاركة مع الآخرين لحماية
العالم وهبة الحياة المقدسة فيه وإنجازات الامم والشعوب .وبصفتي مواطناً جزائرياً،
أفخر بعلاقات بلدي، الجزائر، الجيدة والمتميزة مع الصين، وأشيد بالتعاون المُنتج
بين حزب جبهة التحرير الوطني، الذي تربطه بالحزب الشيوعي الصيني معاهدات تفاهم
وتعاون منذ سنوات طِوال، والذي لا يُفَوِتُ أي فرصة أو مناسبة للاجتماع في الصين
وبالحزب الباني فيها.
** عبد
القادر خليل: رئيس الفرع الجزائري للاتحاد الدولي للصحافيين والإعلاميين والكتّاب
العرب أصدقاء (وحُلفاء) الصين، خريج أكاديمي من الاتحاد السوفييتي، ومؤسس رابطة
أصدقاء الصين في الجزائر، وصديق قديم لإذاعة الصين الدوليةCRI ومجلة “الصين اليوم”،
ورئيس جمعية سفراء بلا حدود الثقافية في الجزائر.