الحزب الشيوعي الصيني يحتفل بمئويته النضالية
القسم الثالث
بقلم: الدكتور كاوة محمود
*تعريف بالكاتب: سكرتير اللجنة المركزية للحزب #الشيوعي_الكوردستاني ـ العراق، كاتب وباحث، و وزير الثقافة السابق في إقليم #كردستان – العراق، وعضو متقدم في الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء #الصين.
وجَّه دائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني مجموعة من الاسئلة بمناسبة الذكرى المئوية للحزب الشيوعي الصيني الذي يصادف هذه السنة الى الرفيق كاوه محمود سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الكوردستاني ـ العراق. وفيما يلي أجوبة الرفيق كاوه محمود حول تلك الاسئلة.
4ـ منذ المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني الذي عقد في عام 2012، قد عمق الحزب الشيوعي الصيني ونواته الأمين العام شي جين بينغ المعارف حول قواعد حكم الحزب الشيوعي الصيني وبناء الاشتراكية وتطور المجتمع البشري حتى بلورة أفكار شي جين بينغ للاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد. ما هو أبرز معرفتكم لأفكار شي جين بينغ للاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد وكيف تقيمونها؟
الجواب/ مساهمات الرفيق شي جين بينغ الفكرية تتجاوز الاطار الوطني الصيني لتكون لتلك المساهمات بعدا أساسيا على الصعيد العالمي في تطوير وتجديد الاشتراكية العلمية
يعتبر الرفيق شي جين بينغ منظرا اساسيا لأفكار الاشتراكية ذات الخصائص الصينية، و المصير المشترك للبشرية و التأكيد على الفوز المشترك. وقد طرح منذ المؤتمر الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني ولحد الآن مجموعة واسعة من التوجهات و الافكار والاستنتاجات الهامة التي اعتمد فيها على الربط الديالكتيكي بين النظرية والممارسة على اساس تشخيص الواقع في اطار الدولة والمجتمع وما يجري في العالم من تطورات كبيرة ومتنوعة، والسعي الناجح الى تغيير الواقع من أجل تحقيق انتصار حاسم في إنجاز بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل وإحراز انتصارات عظيمة للاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد.
وقد جسد الرفيق شي جين بينغ افكاره الاساسية في صياغة شعار المؤتمر التاسع عشر للحزب الذي أكد على : ( عدم نسيان الغاية الأصلية، ودوام التذكُّر للرسالة، ورفع الراية العظيمة للاشتراكية ذات الخصائص الصينية عاليا، وتحقيق انتصار حاسم في إنجاز بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل، وإحراز انتصارات عظيمة للاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد، والكفاح بجهد دؤوب في سبيل تحقيق حلم الصين المتمثل في النهضة العظيمة للأمة الصينية).
ان مساهمات الرفيق شي جين بينغ الفكرية تتجاوز الاطار الوطني الصيني لتكون لتلك المساهمات بعدا أساسيا على الصعيد العالمي في تطوير وتجديد الاشتراكية العلمية.
وبتصوري ان افكار وطروحات الرفيق شي جين بينغ وخاصة فيما يتعلق بالحوكمة في الادارة والدولة والحزب وارتباط ذلك بالتنمية العلمية يدخل في اطار تجديد الاشتراكية وتفعيل دور الصين في الحوكمة العاملة فيما يخص الصراعات الاقليمية والدولية. واعتقد بان الجهد النظري في تجميع كل هذه المفاهيم النظرية المطروحة وربطها بالواقع والممارسة العملية الناجحة ومعالجة الثغرات في اطار تلك العملية السياسية يمكن درج كل ذلك في اطار مصطلح من الضروري العمل على بلورته وهو مصطلح “الحداثة الأشتراكية“.
ولم تأت هذه المساهمات من فراغ، فقد استند الرفيق على قاعدة فكرية و نضالية متينة من تجربة الحزب الشيوعي الصيني وتجربة الشعب الصيني في التحرر والبناء والتنمية. وهكذا لم تكن مساهماته قطيعة مع المساهمات النظرية والعملية السابقة. ولذا نرى عندما يشير الى الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد، فهو يتحدث عن هذا المفهوم كاستمرارية عبر التأكيد بان العصر الجديد هو(عصر وراثة السلف ومتابعة الماضي و شق طريق المستقبل وإحراز انتصارات في ظروف جديدة وتحقيق انتصار حاسم في إنجاز مجتمع رغيد الحياة).
لقد حدد الرفيق شي جين بينغ في مساهماته المتنوعة حول الحكم والادراة، الرسالة التاريخية للحزب الشيوعي الصيني في العصر الجديد، وافكار الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد وبرنامجها الشامل الأساسي، مشيرا الى أهمية الدمج بين النظرية والممارسة حول الهدف العام والمهمة العامة والتخطيط العام والتخطيط الاستراتيجي واتجاه التنمية والظروف الخارجية، وفي مجال التحليل النظري وتوجيه الاقتصاد والسياسة. و تعتبر مساهماته استمرارا في التمسك بالماركسية اللينينة وافكار الرفيق ماو تسي تونغ ونظرية دينغ شياو بينغ وافكار التمثيلات الثلاث ومفهوم التنمية العلمية ، وتحرير العقول والبحث عن الحقيقة من الواقع ومواكبة العصر والتحلي بالواقعية والبراغماتية والتمسك بالمادية الديالكتيكية والمادية التاريخية والتعمق في ممارسة الحزب للسلطة.
لقد حدد الرفيق شي جي بينغ مهام تحقيق التحديثات الاشتراكية والنهضة العظيمة للامة الصينية وانجاز بناء دولة اشتراكية حديثة قوية مزدهرة ديمقراطية متحضرة متناغمة و جميلة، من خلال التأكيد على التكامل الخماسي والدمج الديالكتيكي بين البناء الاقتصادي والبناء السياسي والبناء الثقافي والبناء الاجتماعي والبناء الحضاري الايكولوجي، وتحقيق ذلك من خلال إنجاز بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل، وتعميق الإصلاح على نحو شامل، ودفع حكم الدولة وفقا للقانون على نحو شامل، وإدارة الحزب بصرامة على نحو شامل.
ويأتي تبلور مضمون بناء الاشتراكية ذات الخصائص الصينية و بالشكل الذي يدعو اليه الرفيق شي جين بينغ تأكيدا على الترابط الجدلي بين مفهومي الصيننة والعالمية في الماركسية ومن خلال النقاط التالية:
ــــ تكشف لنا الماركسية اللينينية عن قانون تطور تاريخ المجتمع البشري، و صواب مبادئها الأساسية، وان قضية الاشتراكية الصينية ستكلل بالنجاح و بالنصر النهائي على ضوء التمسك بالمبادئ الأساسية للماركسية اللينينية وسلوك الطريق الذي يختاره الشعب الصيني طواعية ويتلاءم مع الأحوال الواقعية الصينية.
ـــ التمسك بالمضمون الحيوي للماركسية وتطويرها في ظل الظروف الحالية، والتوافق بين بناء الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد مع التقاليد والقيم الماركسية.
ـــ الترابط الجدلي بين الماركسية وبين والقوانين الطبيعية والتاريخية والقوانين ذات الصلة بالتنمية الاجتماعية البشرية، وقانون التحرر البشري والتطور الحر الشامل.
ــ انسنة الماركسية وتوافقها مع الطبيعة البشرية و التحرر البشري الكامل والحرية الإنسانية والتطور الشامل، باعتبار ماركس هو المرشد الثوري للبروليتاريا والعاملين في جميع أنحاء العالم.
ـــ الطبيعة العلمية والثورية للماركسية وتجذرها في الممارسة وتتطورها بإستمرار. وقد أشار الأمين العام شي جين بينغ : “إن العصر هو أم الفكر ، والممارسة هي مصدر النظرية. ليس هناك نهاية لتطور الممارسة. لن نتوقف أبدا عن معرفة الحقيقة والقيام بالابتكار النظري.”
ـــ تأكيد الرفيق شي جينغ بينغ على دمج النظرية بالممارسة ، والبحث عن الحقيقة من الوقائع ، واختبار الحقيقة وتطوير الحقيقة في الممارسة ، والالتزام بالابتكار النظري على أساس الممارسة ، وإبتكار الممارسة تحت إشراف النظرية.
ـــ الابتعاد عن الجمود العقائدي و انفتاح الماركسية باعتبارها نظام نظري مفتوح ينسجم مع تطور الزمن وبتعبر مرشدا لدراسة الواقع والاجابة على الاسئلة المعقدة التي تطرحها الحياة باعتبارها طريقا مؤديا إلى الحقيقة.
وأشار الأمين العام شي جين بينغ إلى أن: “تاريخ تطور الماركسية هو التاريخ الذي تطور فيه ماركس وإنجلز وخلفاؤهم بشكل مستمر وفقا للأزمنة والممارسة والفهم. إنه تاريخ استيعاب جميع الإنجازات الفكرية والثقافية البارزة في تاريخ البشرية.”
ـــ اعتبار صيننة الاشتراكية منسجما مع أسس الماركسية في القرن الواحد والعشرين. فهناك ثلاث قضايا اساسية مرتبطة بالبعض وهي: تعميق معرفة قانون ممارسة الحزب الشيوعي للسلطة وقانون البناء الاشتراكي وقانون تطور المجتمع البشري.
وقد أجابت التجربة الصينية عن هذه القضايا بشكل عميق.
وفي المحصلة النهائية لا بد من القول بأن الماركسية لا يمكن ان تتطور الا ن خلال الممارسة والاحتكام الى الواقع، وان البلدان والمجتمعات تبني تجربتها لا من خلال الاستنساخ والتماثل، بل من خلال طريقها الخاص وعبر التناقضات والصراعات الموجودة في تلك المجتمعات، وان الماركسية ومن خلال قوانين الضرورة والنضال الى الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواتية ترسم قواعدا اساسية تكون مرشدا للعمل من أجل تغيير الواقع وعدم الاكتفاء بتفسيرها كما قال ماركس، ومن خلال الدمج بين منطق النظرية و الممارسة و التاريخ.
5ـ كيف تقيمون الإنجازات التي حققها الحزب الشيوعي الصيني في إدارة الحزب بانضباط صارم على نحو شامل ودفع بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية منذ مؤتمره الوطني الثامن عشر؟
الجواب/ يرتبط بناء الاشتراكية ذات الخصائص الصينية بموضوعة ادارة الحزب بانضباط صارم
اذا نظرنا الى تاريخ نضال الحزب الشيوعي الصيني نرى الاهتمام البالغ للحزب في كافة مراحل تطوره، بمسألة التنظيم والضبط الحزبي.
وفي كلمة للأمين العام للحزب شي جين بينغ في الدورة الكاملة الخامسة للجنة المركزية الثامنة عشرة لفحص الانضباط الحزبي، اشار الى دستور الحزب هو اللوائح العامة التي ينبغي لكل الحزب ان يلتزم بها، وأن الانضباط الحزبي هو التقييد الحديدي، ولا بد من المحافظة عليه من كل الحزب في نواحي الاتجاه السياسي والموقف السياسي والرأي السياسي والاعمال السياسية. كما يشير الامين العام للحزب الى أن الانضباط قاعدة مكتوبة، أما بعض القواعد التي لم يتم تحديدها بعبارات واضحة في الانضباط فهي الانضباط غير المكتوب وهي انضباط التقيد الذاتي، والانضباط قاعدة حديدية يجب اتباعها من قبل كل أعضاء الحزب… ولا يجوز مطلقا السعي وراء التكتل وتجميع الانصار لمآرب شخصية داخل الحزب.
ويشير الامين العام في مجال آخر الى أن بعض الكوادر ينزقون في القيل والقال ويهذرون في الكلام وترويج الشائعات لخلق البلبلة ويقومون بالاستهزاء والسخرية وافشاء الاسرار غير الرسمية وابداء تعليقات طائشة ونقل الاخبار السيئة عبر شبكة الانترنيت بجماسة بل ويجتمع بعض “الاخوة والاصدقاء” لابداء ملاحظات سقيمة حول المبادئ والسياسات التي تنتهجها اللجنة المركزية للحزب… ونشر بعض ما يسمى بالاخبار الداخلية بطرق غير مشروعة. ان كل هذه المظاهر تعتبر انتهاكاً للانضباط الحزبي.
أشار النظام الداخلي المقر في المؤتمر التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني الى أن الصين دخلت الى “مرحلة تنموية جديدة لبناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل وتعميق الاصلاح على نحو شامل، وحكم الدولة وفقا للقانون على نحو شامل وادارة الحزب بانضباط صارم على نحو شامل”.
ويأتي التأكيد على هذه المبادئ في النظام الحزبي وادارة العمل الحزبي انطلاقاً من منهج أساسي يتجسد في التأكيد على قيادة الحزب الشيوعي لعملية بناء الاشتراكية بالخصائص الصينية، والتي تتطلب تربية أعضاء الحزب بالقيم والمثل المستقبلية للشيوعية.
يربط النظام الداخلي بين بناء الاشتراكية ذات الخصائص الصينية بموضوعة ادارة الحزب بانضباط صارم. ومن أجل تحقيق هذا التوجه يشير النظام الداخلي الى ضرورة التمسك بالخط الاساسي للحزب، و التمسك بتحرير العقول والبحث عن الحقيقة من الوقائع ومواكبة العصر والتحلي بالواقعية، والتمسك بخدمة الشعب بكل أمانة واخلاص، والتمسك بالمركزية الديمقراطية التي تعني الاندماج بين المركزية القائمة على اساس الديمقراطية والديمقراطية تحت ارشاد المركزية، والتمسك بادارة الحزب لشؤونه وأعضائه بصرامة.
تحدد المادة الثالثة من النظام الداخلي واجبات أعضاء الحزب، ويؤكد على عضو الحزب أن يلتزم بالأنضباط الحزبي بشكل واع والذي يعني الانضباط السياسي و القواعد السياسة للحزب، و يطيعوا قوانين الدولة و لوائحها على نحو مثالي، وأن يتشددوا في المحافظة على اسرار الحزب والدولة، وأن ينفذوا قرارات الحزب، وأن يخضعوا للترتيب المفروض من المنظمة الحزبية، وأن يؤدوا مهمات الحزب بنشاط، وأن يصونوا تضامن الحزب و وحدته وان يكونوا مخلصين صادقين للحزب، وأن يوفقوا بين الأقوال والأفعال، وأن يعارضوا بحزم كل التكتلات الانشقاقية والانشطة التشرذمية، وأن يحاربوا أفعال الوجهين والنفاق والمكايد بشتى أنواعها.
كما طالب النظام الداخلي من أعضاء الحزب ممارسة النقد والنقد الذاتي، وأن يجرؤوا على كشف وتصحيح الاقوال والأفعال المخالفة لمبادئ الحزب و العيوب والاخطاء في العمل، ويخوضوا بحزم النضال ضد ضواهر التواني والفساد.
ويرى الامين العام للحزب الشيوعي الصيني بأن الانضباط الحزبي يأتي بالدرجة الأولى في العمل الحزبي، ويشير في هذا المجال الى خمس نقاط اساسية في مجال الانضباط الحزبي والانضباط السياسي، كالتالي:
إن تجربة بناء الاشتراكية ذات الخصائص الصينية و تجارب الشعوب الأخرى من أجل العدالة الاجتماعية والاشتراكية، تؤكد بان النضال من أجل التغيير الاجتماعي والتقدم والاشتراكية يرتبط بوجود الحزب الماركسي، وبدون وجود هذا الحزب لا يمكن التفكير بالتغيير الاجتماعي والتقدم و الاشتراكية التي تتطلب حزباً يتحلى بانضباط حديدي صارم وواعٍ.
أولاً/ يجب الحفاظ على مصداقية اللجنة المركزية للحزب، والحد المطلق من الانحراف عن متطلبات اللجنة المركزية للحزب، ويتعين على رفاق كل الحزب وخاصة الكوادر القياديين على مختلف المستويات أن يقفوا صفا واحدامع اللجنة المركزية للحزب فكريا وسياسيا و عمليا في أي وقت، وفي اي حال، وان يخضعوا لقيادة اللجنة المركزية للحزب، و لا يجوز أن يطيعوا في العلن ويخالفوا في السر أو أن يتصرفوا كما يحلو لهم.
ثالثاً/ يجب التمسك بالاجراءات التنظيمية، والحد المطلق من اصدار قرار بغير استشارة… ولا يجوز تجاوز الصلاحيات في العمل، ولا يجوز التصرف قبل الاستشارة.
ثانياً/ يجب الحفاظ على وحدة الحزب والحد المطلق من تكتيل القوى الخاصة داخل الحزب.
خامساً/ يجب التشدد مع الأهل والموظفين الذين يعملون بالقرب منهم، والحد المطلق مع استبدادهم بالسلطة وتدخلهم في الشؤون السياسية لكسب المصالح الشخصية، ولا يجوز التغافل عن تدخلهم في وضع السياسات وتنظيم الشؤون الذاتية.(7).
رابعاً/ يجب الخضوع لقرارت منظمة الحزب ، ولا تجوز مخالفة قرارات منظمة الحزب، و لا يجوز خداع منظمة الحزب ومقاومتها.