بقلم: محمد هارون، أردني، وعضو ناشط في الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتاب العرب أصدقاء وحلفاء الصين.
هناك دول في العالم توصف بِـ (الدول الفاشلة)، بالرغم من إن بعضها تتمتع بوفرة كبيرة في جغرافيتها وخصوبة ترابها ونقاء مائها، فأين كلمة هي السر في هذا الفشل؟
تكمن كلمة السر في “نوعية الذهنيات” الحاكمة في تلك البلدان، كذلك الأمر في مديات تحرّر عقول الحاكمين من التبعية “للخارج”، وطبيعة إخلاصها “للداخل” الوطني. فمتى فتح “الخارجي” ثقباً في الجدار، وتم الإحتفاء بهذا الثقب في “الداخل” بأهازيج متواصلة وكلمات رنانة وطنانة، انهار الجدار على رؤوس أهله فنزفت أجسادهم، وهو تمامًا ما حصل ويتواصل الحصول في أنظمة خاضعة لغيرها، بعيدة عن مصالح شعوبها ومستقبلها، لا تأبه لانهار من دماء مواطنيها.
في أحداث تلف العالم “النامي”، المتخلف عقلًا وعملًا بفعلِ الغثيان الاقتصادي العام في دولهِ، تتوقف صيرورات التاريخ وتَجْمُد بسيادة (الرأسمالية المتوحشة) عليها، فهي لم ولا ولن تجرؤ على “تطويع” التوحّش الرأسمالي ولا وقفه عند حدٍ ما، بل تفسح له المجال للاستثمار الأوسع في (قطعة برغر)، قد تكون الرصاصة الأخيرة التي تهدم جدار الصبر عن الناس. نظرة تأمَل واحدة على الموقع الذي تم فيه إقامة (لموسكو)؛ بعد انتصار جماعات (البرغر) وحشوتهِ المستوردة من الغرب بطائرات خاصة على الاشتراكية السوفييتية وحزبها الشيوعي؛ لأدركنا تمام الإدراك الكثير عن أبعَاد وأهداف أحجَام أهداف القوى المعادية المُستَترة عادةً بسندويشات، تروّج بفيديوهات لحسناوات غربيات، لأنماط حياة كوزموبوليتية مستورَدة في مواجهة شعواء “للداخل التاريخي” تجنيدًا للعامة والعَوام ضد (بوشكين) ، وهو الشاعر الروسي العظيم صاحب الأصل العربي – الأفريقي، الذي يُعدُ حتى اللحظة، واحدًا من أعظم رموز روسيا تاريخيًا ونضاليًا ولغويًا و وطنيًا.
بوشكين كان مشهورًا في حياته وبعد مماته بعشقه لتراب وماء وهواء روسيا، فكان بذلك عقبة كأداء لـِ (البرغر) و قوى الشد المضادة في روسيا، ومن الأطراف “الخارجيين” من القوى الانقلابية التي أدمت الروس والسوفييتت بانقلابية دموية طالت الحزب الشيوعي السوفييتي ذاته، بقياداته وكوادره الذين لم يتمكنوا حتى من صد عدوه الذي قاد التراجع وعلى رأسه غوربي وإلتسين القابعين في عتمة أبدية بعد تخلي أرباب البرغر عنهم، فقد أفل نجمهم وصاروا نسيًا منسيا.
و (الحزب الشيوعي الصيني) الابتعاد عن الاخلاق الدامية للرأسمالية، وحظر كل ما من شأنه النيل من الانسان الصيني ومجتمعه الاشتراكي وحزبه الشيوعي القائد، فهذه مقدسات يستحيل القفز عنها. إضافة إلى وعي الحزب بضرورة تطويع الرأسمالية لصالح المصالح الصينية والوطنية الصينية حصرًا، والابقاء على التطبيقات اليومية العميقة للمجتمع الاشتراكي الذي يرمي إلى ترجمة الحُلم الصيني إلى واقع مُعاش يوميًا.. وصيانه (الفكرة الشيوعية) التي ترمي إلى تفعيل الاقتصاد لصالح الجميع في الداخل والخارج لأن المعادلة الوطنية والاممية مترابطتان، وعليهما ان تكونا في مختلف أطوار التقدم متناغمتان ومنتجتان للخيرات المادية والروحية للمجتمع الصيني.
مع تطويع الرأسمالية في الصين، وتقليم أظافرها، وتحويلها لمصالح تصبّ أعمالها في خانة المكتسبات الصينية، نالت الصين مكانة المجد العالمي، فوصلت منذ العام الماضي 2020 لمركز الاقتصاد الأول في العالم دون أي منازع، مما جعل من الصين قلعة ترد عن نفسها مختلف الدسائس والمكائد و (البرغرات) المستورَدة، بجعلها رغمًا عنها، وطنية ومحلية. لقد استوعب (الحزب الشيوعي الصيني) بعلمية وموضوعية كل دروس التاريخ، وقاتل كرجل واحد، بقياداته وقواعده الواعية، قوات الغزو الإنجليزية، التي دخلت إلى الصين بحِراب الموت والتدمير وسلخ جلود الصينيين عن أجسادهم النحيلة بسبب تجويعهم استعماريًا، ونشر الفقر والفاقة في مسعى لـِ (إستعراض القوة) الانجليزية الغاشمة، التي كات القصد منها إهانة الصين والصينيين، إلا إن هذه كلها تجمّعت لتُنهض الجماهير الشعبية، وغدت عوامل دافعة للنجاح الباهر في تحرير البلاد وتطبيق الاشتراكية العلمية، والاستمرار بها إلى يومنا هذا بروح صينية حصرًا.
إن الفترة القياسية التي صَعد فيها (الحزب الشيوعي الصيني) المجيد، لينتقل من مرحلة التنظير، ومن مجرد موقع صغير شهد البدايات في (شنغهاي) إلى العالمية وقيادة النمو العالمي والسياسية الدولية، لهي فترة تستحق التأمل والدراسة وإتخاذها نموذجًا صينيًا يُحتذى به في العبقرية الصينية، الصانعة للتقدم والإنجاز. فعند حديثنا عن (الحزب الشيوعي الصيني)، لا نركّز على السرد التاريخي لمراحل نمو الحزب، فهذا السرد التاريخي أصبح معروفاً للكثيرين، بل ما يَعنينا هنا إنما هو التركيز على الإنجازات والمعجزات التي حققها هذا الحزب، أبتداءً من إيجاد مكانة مرموقة للصين تحت شمس الإنجازات، ومن تخليق حياة حرة كريمة لكل مواطن صيني، إلى كل نجاح حققته الصين بفضل النباهة والحرفية الفكرية والسياسية للزعيم العظيم شي جين بينغ، الذي أوصل الصين إلى القمر والكواكب البعيدة، وأقام تلسكوبات عظيمة تغزو عتمة المجرات لتكشف عن أجوافها للصين.
فمثلًا، قبل أيام قليلة شاهدتُ على قناة (روسيا اليوم) الإخبارية، جولة تلفازية في قرية صينية، حيث ترى صورًا متلاحقة للنموذج الصيني في مساندة المواطنين في حياتهم اليومية. عرضت القناة لبيوت شيدتها الحكومة الصينية لأهل تلك القرية، إلى جانبها الكثير من المظاهر اللافتة لحياة كريمة للسكان الصينيين المحليين، وهي خدمات أساسية لا يوفرها عالم الرأسمالية ولا الكثير من حكومات العالم لشعوبها، فما صنعته الصين منذ تحررها وإلى اليوم وفي عصر السنة المئة لتأسيس حزبها الشيوعي، إنما يفوق التصور البشري، وهو الأعلى إنسانية ورقيًا في تاريخ الانسانية.
إن الصين وبقيادة الرفيق (شي جين بينغ) العظيم، إنما تسجل حضوراً دولياً متميزاً في مجالات لاحصر لها، وها هو الحزب الشيوعي الصيني يواصل بلا كلل ولا ملل تقديم الدروس تلو الدروس للعالم في كيفية صُنع المعجزات لخير الإنسان، أي إنسان، ومصالحه وحماية هِبة الحياة المقدسة للبشر.
كل عام والحزب الشيوعي الصيني والرفيق الأمين العام الرئيس شي جين بينغ والحكومة والشعب الصيني بكامل الخير والخيرات المادية والروحية، تحت علم الحزب وفي خيمة الحزب الشيوعي الصيني الكريم الوضّاءة والمِعطاءة.
المحرر: يعكس هذا المقال وجهة نظر الكاتب، ولا يعكس رأي القناة CGTN.
*المصدر: سي جي تي إن العربية.