شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية
الجزائر والصين.. صداقة إستراتيجية متينة بتفعيلات يومية واقعية
الأكاديمي مروان سوداح*
*رئيس الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين.
أشاد رئيس الوزراء الجزائري، السيد عبدالعزيز جراد، قبل أيام قليلة، بدور الشركات الصينية العاملة في الجزائر في تعزيز الصداقة بين البلدين.
الوزير الهمّام لم يُطلق تصريحه هذا جُزافاً، فهو يُدرك تماماً أهمية العلاقات العميقة بين بلاده العربية – الأفريقية والصين. فالجزائر تتمتع بموقع إستراتيجي مفتاحي في شمال أفريقيا يُعتبر في غاية الأهمية لِ “مبادرة الحزام والطريق الشيجينبينغية الصينية الجديدة”، مُطل على البحر الأبيض المتوسط، وهو على مرمى حجر من القارة الشمالية العجوز، ولديه عُمق جغرافي وجيوسياسي، وتاريخي متأصل في قارّته السمراء، إلى ذلك تتمتع علاقات الجزائر بالصين بأرضية صلبة لكونها قديمة وعريقة، ونشأت من خلال التفاهم الشامل والعميق بين الدولتين، بحيث لم تتمكن أية قوة على الكرة الأرضية من النيل منها أو تشويهها أو إضعافها، تبعاً للعَملانية اليومية في هذه العلاقات، والتي تُديرها قيادتا الجزائر والصين بصورة مباشرة حرصاً على ديمومتها.
جاء تصريح الوزير الجزائري أثناء ترأسه حفل افتتاح وتسليم المدرسة العامة لتكنولوجيا الهندسة، والتي كانت قد أُنجزت بالتعاون مع الشركة الصينية لهندسة التشييد فرع الجزائر (CSCEC)، وذلك بمحافظة الجلفة الواقعة على بعد 300 كيلومتر جنوب العاصمة الجزائر.
يرى المسؤول الجزائري، أن المعهد ليس فقط مركزاً تعليمياً لموظفي الهندسة العامة الجزائريين، ولكنه يُجسّد أيضاً الصداقة التقليدية بين الصين والجزائر، ويُعبّر عن روح التعاون التاريخي المتبادل.
هذه النقلة في علاقات العاصمتين الجزائر وبكين، هي بلا شك مساهمة صينية كُبرى لتعزيز تطوير البُنية التحتية الجزائرية والأشغال العامة في هذه الدولة العربية ذات البُعد العالمي في مجالات كثيرة، وهي إلى ذلك أيضاً مساهمة واحدة من مساهمات كبيرة عديدة لا مجال لتعدادها في هذه المقالة، كانت قد شيّدتها وجَهّزتها الصين للجزائر في مجال التربية والتعليم. ولهذا نلمس هذا كله جلياً في تصريحات الوزير جراد لوسائل الإعلام الجزائرية والصينية، والتي نشرتها كبريات الصحف الصينية ومواقعها الإخبارية الناطقة في بكين باللغة العربية، إذ نوّهت إلى أن الشركات الصينية ساهمت في رفع المستوى التدريبي للكوادر الفنية الجزائرية، وهو مايُعدُ “نموذجاً” لمشروع تطوير التعليم المهني الوطني الجزائري.
في العلاقات الجزائرية الصينية نقرأ أن دائرة التعاون فيها اكتملت مع تتويجها بإعلان البلدين الصديقين في فبراير 2014 الارتقاء بعلاقاتهما الثنائية إلى “شراكة استراتيجية شاملة.”
ولهذا، كانت الصين قد صُنّفت منذ 2013 كأول مُصدّر للجزائر، بواقع 8 مليارات دولار في 2013، متقدمة على فرنسا التي كانت تستحوذ على المركز الأول لعشرات السنين، وهو تحوّل تاريخي إسترايتجي لافت لوضع وجوهر التبادلات التجارية بين الجزائر والصين.
باختصار عن المشروع: صُمّم وبُني المعهد من قبل شركة (CSCEC) فرع الجزائر، وقد تبرّعت هذه الشركة أيضاً بالمرافق ذات الصّلة، وهو يُغطي مساحة خمسة هكتارات، بما في ذلك مَبنى التدريس؛ ومبنى المختبرات؛ ومَبنى النوم؛ وملعب كرة القدم؛ ومساحة للأعمال التطبيقية.
وليس ختاماً: تُعتبر المشاريع الصينية في الجزائر جانباً مهماً ومُكّملاً للعلاقات الوازنة بينهما، والتي تزهو بزخم كبير متواصل، من خلال الزيارات المتبادلة رفيعة المستوى للمسؤولين على كل المستويات، السياسية والاقتصادية والبرلمانية والحزبية، والتي من شأنها مواصلة إعداد الأرضية الفنية والاقتصادية والبشرية اللازمة لدفع البلدين إلى إنجاح فتح خط جوي “مباشر” بينهما؛ نأمل أن يَمر في العاصمة الأردنية عمّان؛ ننتظر تدشينه بفارغ الصبر.
علاقات الجزائر التاريخية مع الصين مِثال يُحتذى للعرب أجمعين، بل للعالم كله….