Friday 29th November 2024
شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

الجزائر: الذكرى المزدوجة ل 20 أغسطس (1955-1956): محطتان مفصليتان في تاريخ الثورة التحريرية

منذ سنتين في 17/أغسطس/2022

شبكة طريق الحرير الإخبارية/

 

الجزائر: الذكرى المزدوجة ل 20 أغسطس (1955-1956): محطتان مفصليتان في تاريخ الثورة التحريرية

الجزائر – تعتبر الذكرى المزدوجة ل20 أغسطس (هجومات الشمال القسنطيني 1955 ومؤتمر الصومام 1956)، التي تحييها الجزائر غدا في سياق الاحتفالات المخلدة للذكرى الستين لاسترجاع السيادة الوطنية، ترسيخا لمحطتين مفصليتين في تاريخ الثورة التحريرية المجيدة.

وتحيي الجزائر، المفتخرة بأمجادها، الوفية لشهدائها ولرسالة نوفمبر الخالدة، هذه المناسبة في وقت وصلت فيه البلاد بمؤسساتها وهيئاتها الدستورية مرحلة ارتسم معها وجه جزائر الثقة في الحاضر والأمل في المستقبل، مثلما أكده رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، في كلمة ألقاها خلال إشرافه على الاستعراض العسكري الذي نظمه الجيش الوطني الشعبي يوم 5 يوليو الماضي في إطار الاحتفال بستينية الاستقلال.

ودعا بذات المناسبة، إلى جعل مختلف المناسبات التاريخية المخلدة لنضال الشعب الجزائري “محطات شاهدة على الوفاء للشهداء ولاتخاذ منها معالم مرشدة لخدمة الوطن”.

وقد أكد الرئيس تبون في افتتاحية مجلة الجيش لشهر يوليو المنصرم، أن ملف الذاكرة الوطنية “من صميم انشغالات الدولة” وأنه “واجب وطني مقدس”.

وبهذا الصدد، فإن تاريخ 20 أوت يخلد ذكرى محطتين مفصليتين في تاريخ الثورة التحريرية بالنظر إلى النتائج البارزة التي دعمت مسار تحرر الجزائر من نير الاستعمار الفرنسي من خلال تدويل القضية الجزائرية من جهة وتنظيم وهيكلة النضال العسكري والسياسي من جهة أخرى.

وقد ساهمت هجمات الشمال القسنطيني التي وقعت في صائفة 1955 في التعريف بقضية الشعب الجزائري الذي رفض العيش تحت قيود الاستعمار الفرنسي، حيث أدت إلى إدراج القضية الجزائرية ضمن جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة التي عقدت شهر سبتمبر 1955 على أساس أنها قضية تحرير وطن وليست صراعا داخليا مثلما كانت تعتبره فرنسا آنذاك.

فبعد عشرة أشهر من اندلاع الثورة، قام زيغود يوسف، قائد الناحية الثانية (الشمال القسنطيني) ونائبه لخضر بن طوبال بمبادرة تنظيم هجوم كبير ضد أهداف تابعة للاستعمار بهذه المنطقة التي تضم أساسا مدن قسنطينة وسكيكدة وقالمة والقل، وشارك آلاف الفلاحين إلى جانب جنود جيش التحرير الوطني في الهجوم، سيما على مراكز الشرطة وثكنات الدرك والبنايات العمومية ومنشآت تابعة للمعمرين.

وكان الهدف من هذه الهجمات هو فك الحصار الذي فرضه جيش الاستعمار، منذ اندلاع الثورة التحريرية، على الأوراس وعدة مناطق أخرى من الوطن، وقام الجيش الفرنسي بحملة قمعية وحشية واسعة النطاق ضد المدنيين العزل خلفت قرابة 12 ألف شهيد.

وشكلت هجمات الشمال القسنطيني منعرجا هاما في الكفاح المسلح، حيث كرست الطابع الشعبي للثورة وساهمت في انضمام الطبقات الجزائرية المتوسطة والقادة السياسيين بمختلف توجهاتهم إلى صفوف الثورة.

وابتداء من 20 أغسطس 1955، عرفت الثورة انطلاقة حقيقية تمت هيكلتها وإعادة تنظيمها بعد ذلك خلال مؤتمر الصومام، إذ بعد سنتين تقريبا من انطلاق الثورة، لم تكن جبهة التحرير الوطني تتوفر على قيادة مركزية أو على تنظيم سياسي وعسكري واضح واستراتيجية عمل معروفة.

وفي هذه الفترة، برز إلى الواجهة مناضل سابق في حزب الشعب الجزائري، وهو الشهيد عبان رمضان الذي تم اعتقاله سنة 1950 وأطلق سراحه في يناير 1955، حيث كانت لاتصالاته مع قادة الثورة وخاصة بعد لقائه مع العربي بن مهيدي، نتائج جد إيجابية.

وكان من المقرر تنظيم لقاء بين رؤساء الثورة في منطقة البيبان في نهاية شهر يوليو 1956، لكن لأسباب أمنية، نظم اللقاء ابتداء من 20 أغسطس من نفس السنة بمنطقة ايفري بالقرب من ايغزر أمقران على ضفة وادي الصومام.

وجمع اللقاء الذي كان مغلقا كلا من العربي بن مهيدي الذي مثل منطقة وهران وعبان رمضان الذي مثل جيش التحرير الوطني وعمار اوعمران الذي مثل منطقة العاصمة وكريم بلقاسم ممثلا لمنطقة القبائل وزيغود يوسف ونائبه لخضر بن طوبال ممثلان لمنطقة الشمال القسنطيني.

وعلى الرغم من غياب وفود جبهة التحرير الوطني في الخارج وفدرالية فرنسا وممثلي الناحية الأولى (أوراس النمامشة) فقد اتخذ المؤتمر الذي دام 20 يوما قرارات تاريخية من بينها استبدال النواحي الخمس حسب التقسيم الذي كان ساريا منذ 1 نوفمبر 1954 بست ولايات (أوراس النمامشة والشمال القسنطيني والقبائل ومنطقة العاصمة ووهران والجنوب) قسمت بدورها إلى نواحي ومناطق وقطاعات.

وتم توحيد جيش التحرير الوطني على الصعيد الوطني في بنيته وسلم رتبه، حيث أصبح منظما بطريقة جيش نظامي.

وسمح المؤتمر بهيكلة الثورة التحريرية عسكريا وسياسيا، حيث تم إنشاء مجلس وطني للثورة يتشكل من 34 عضوا دائما و17 عضوا إضافيا وإنشاء لجنة للتنسيق والتنفيذ، كما تم خلاله الاتفاق على إعطاء الأولوية للعمل السياسي على العمل العسكري وللعمل في الداخل على الخارج.

هجمات الشمال القسنطيني أججت لهيب الثورة و فكت الحصار عن مناطق بأكملها

هجمات الشمال القسنطيني أججت لهيب الثورة و فكت الحصار عن مناطق بأكملها

الجزائر/ قسنطينة – شكلت هجمات 20 أوت 1955 بالشمال القسنطيني لمهندسها الشهيد زيغود يوسف، إحدى المحطات البارزة في تاريخ الكفاح المسلح من أجل التحرير الوطني إذ مكنت من إضافة شعلة جديدة للثورة و فك الحصار عنها في الاوراس-نمامشة و مناطق أخرى من البلاد، وفق ما ذكره مختصون في التاريخ.

و قد انطلقت انتفاضة 20 أوت 1955 بعد اندلاع الحرب التحريرية بأقل من عشرة أشهر في منتصف النهارو كانت بمثابة النفس الثاني للثورة الجزائرية و المنعرج الأول و الكبير للمسيرة النضالية للشعب الجزائري كما يراها الكثير من المؤرخين على أنها البداية الحقيقية للثورة و أكبر هجمات لجيش التحرير الوطني و الأولى من نوعها التي خطط لها زيغود يوسف الملقب بـ ”سي أحمد”, قائد المنطقة التاريخية الثانية.

و قد اعتبر العديد من المختصين في تاريخ الثورة الجزائرية من بينهم الباحث في التاريخ و الأدب و مدير جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية سابقا، الدكتور عبد الله بوخلخال, أن هجمات 20 أوت 1955 “تشبه كثيرا اندلاع ثورة الفاتح من نوفمبر 1954 من حيث ظروف التحضير لها، حيث تميزت بالسرية التامة و التخطيط الجيد و الهبة الجماعية من أجل التحرر و شاركت فيها الأحزاب السياسية و الحركة الوطنية و جمعية العلماء المسلمين الجزائريين و الكشافة الإسلامية الجزائرية”.

و ذكر ذات الأستاذ، المختص في سيرة البطل زيغود يوسف، أن الفرق الوحيد هو أن اندلاع الثورة في الفاتح من نوفمبر 1954 كان في منتصف الليل في حين كانت انطلاقة هجمات 20 أوت 1955 في منتصف النهار و ذلك ليثبت صناع ملحمة الشمال القسنطيني للمستعمر أن الشعب الجزائري بمختلف أطيافه مستعد للتضحيات الجسام من أجل تحقيق استقلال وطنه عكس ما حاولت فرنسا إقناع الرأي العام به بأن من فجروا الثورة مجرد فارين من السجن و هاربين من العدالة.

كما ساهمت أحداث 20 أوت 1955 في إدراج “القضية الجزائرية” في جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في 30 سبتمبر 1955 بناء على طلب 15 دولة من أصل 29 شاركوا في مؤتمر باندونغ (إندونيسيا)، حسب ما ذكر به الأستاذ بوخلخال.

و كان هدف قادة المنطقة التاريخية الثانية من انتفاضة 20 أوت 1955 هو الاستجابة لنداء شيحاني بشير، القائد المؤقت آنذاك لمنطقة للأوراس، الذي طلب المساعدة و مساندة أهالي المناطق المجاورة لفك الحصار عن الأوراس، لذا فإن هجمات 20 أوت 1955 عبرت عن الارتباط بين المنطقتين و التعاون و التنسيق و محاولة فعلية لفك الحصار على الأوراس، حسب ما رصدته (وأج) من شهادات حية للمجاهد موسى بوخميس.


اقرأ أيضا :     هجمات 20 أوت 1955: تحطيم أسطورة الجيش الفرنسي الذي لا يقهر و تدويل للقضية


و من خلال تلك الهجمات، أراد قادة المنطقتين، حسب المجاهد موسى بوخميس، القاطن بمجاز الدشيش بولاية سكيكدة, الرد على السياسات الفرنسية و الضغوط المفروضة على الجزائريين لإبقائهم محايدين إزاء القضية الوطنية، لذا قاموا بإشراك أكبر عدد ممكن من المواطنين في الثورة و المعترك الحقيقي و ذلك ما تجسد عمليا من خلال المواجهات المسلحة التي استهدفت 93 منطقة بالقرى و المدن الإستيطانية عبر ولايات قالمة و سكيكدة و الطارف و قسنطينة.

و أضاف أن “خطة هجمات 20 أوت 1955 أتت بنتائج إيجابية”، حيث تخلصت منطقة الأوراس النمامشة من الحصار الذي كان مفروضا عليها بعد أن انتقلت القوات الاستعمارية إلى الشمال القسنطيني لإخماد الانتفاضة الشعبية، فكانت الحصيلة استشهاد 12 ألف من الجزائريين منهم 6 آلاف بولاية سكيكدة.

و قد عمدت قوات الاحتلال الفرنسي إلى قتل الجزائريين بطريقة وحشية و دفنهم أحياء بواسطة جرافة، يضيف المتحدث في شهادته.

 دوار “السوادق”، مهد النضال السياسي و العسكري لمهندس هجمات 20 أوت 1955

شهد المكان المسمى ”دوار السوادق” شرق السمندو سابقا (بلدية زيغود يوسف حاليا) مولد البطل الرمز و مهندس هجمات 20 أوت 1955 زيغود يوسف، حيث ترعرع بها و اكتمل نضجه الفكري و وعيه السياسي وسط القادة و المناضلين ديدوش مراد و بوشريحة عباس و بن غرز الله بلقاسم و بلوصيف علي الذين كانوا يسيّرون المنطقة الثانية و يعقدون لقاءاتهم بهذا المكان.

و في سنة 1938, تم تعيين زيغود يوسف قائدا لخلية حزب الشعب الجزائري في منطقة “كوندي سمندو” (بلدية زيغود يوسف حاليا)، حيث أشرف كذلك فيها على تنظيم مظاهرات 8 ماي 1945 قبل أن يلتحق سنة 1947 بالمنظمة السرية لحركة الانتصار للحريات الديمقراطية إلى أن اكتشف العدو الفرنسي أمره سنة 1950 وتم اعتقاله مع مئات المناضلين الجزائريين بسجن عنابة.

و قد تنقلت (وأج) إلى قرية “السوادق” التي يقع بها المقر الأول للولاية الثانية التاريخية (1954-1956) الذي كان يجتمع فيه المجاهدون و يقومون بالتحضيرات للثورة التحريرية في تلك المنطقة، حيث أكد الدكتور احسن ثليلاني، مدير مؤسسة زيغود يوسف، و الذي يشغل حاليا منصب مدير الثقافة و الفنون لولاية عنابة, أن هذه القرية احتضنت الخطوات الأولى لنضال ”الحداد الثائر” (زيغود يوسف) مثلما وصفه في أحد مؤلفاته، كما أنها مثلت مصدر إلهام له لأنها مكان استشهاد البطل ديدوش مراد في 18 يونيو 1955 بمعركة “بوكركر” و يومها تم تعيينه قائدا للمنطقة الثانية.

و اعتبر الأستاذ ثليلاني أن ”السوادق” مدرسة استلهم منها صانع ملحمة 20 أوت 1955 العبر و قرر بها تنفيذ انتفاضة الشمال القسنطيني، حيث خطط بها أهم المحطات التحضيرية لهجمات 20 أوت 1955 خلال مؤتمر “الزامان” بمشاركة عدة مناطق من الشرق الجزائري.

و في يوم اعتقاله بسجن عنابة، فكر زيغود يوسف في طريقة للهرب قبل موعد محاكمته، فتمكن من صنع مفتاح لباب السجن، حيث حصل على قطعة حديد وصقلها على شكل مفتاح وتمكن من الهروب من السجن في ليلة 21 أبريل سنة 1951 رفقة ثلاثة مناضلين هم بركات سليمان و عمار بن عودة وعبد الباقي بخوش، يضيف المتحدث.

و ذكر الأستاذ بوخلخال حادثة وقعت لزيغود يوسف حين آوى هذا الأخير إلى مزرعة عائلة بوخلخال بجبل الوحش (شمال بلدية قسنطينة)، فوصلت شاحنتان للجيش الفرنسي للبحث عنه و لما دخلوا المنزل سألوا عنه فأجابهم صاحب المزرعة أنه غير موجود رغم أنه كان واقفا أمامهم، بل و قام بتقديمه لهم على أنه شقيق زوجته، فنجا من عساكر فرنسا الاستعمارية التي كانت تبحث عنه لفراره من السجن سنة 1951.

و خلال مؤتمر الصومام المنعقد في 20 أوت 1956 بمنطقة إيفري (بجاية), لاحظ القادة عدم حضور قائد منطقة الأوراس مصطفى بن بولعيد، فتم تكليف زيغود يوسف بالتنقل إلى هذه المنطقة لمعرفة أسباب عدم حضور قائدها المؤتمر، يضيف الاستاذ بوخلخال.

و في أواخر شهر سبتمبر من نفس السنة، انطلق زيغود يوسف و معه ثلاثة جنود إلى وجهتهم ففاجأتهم قوات الجيش الفرنسي بالمكان المسمى “الخربة” بمنطقة سيدي مزغيش (سكيكدة) في 25 سبتمبر 1956، حيث استشهد بعد أن قاوم جنود المستعمر.

التصنيفات: أخبار محلية
بواسطة: khelil

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

إقتباسات كلاسيكية للرئيس شي جين بينغ

في مئوية تأسيس الحزب الشيوعي الصيني

أخبار أذربيجان

الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكُتاب العرب أصدقاء الصين

أنا سفير لبلدي لدى جمهورية الصين الشعبية

مبادرة الحزام والطريق

حقائق تايوان

حقائق شينجيانغ

حقائق هونغ كونغ

سياحة وثقافة

هيا نتعرف على الصين

أولمبياد بكين 2022

الدورتان السنويتان 2020-2024

النشر في شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

الإحصائيات


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *