عن/ صحيفة الدستور الأردنية
في ظل ظروف بالغة التعقيد في منطقتنا، انعقد منتدى أمن الشرق الأوسط في بكين مؤخراً، بحضور 200من كبار المسؤولين والخبراء العرب والصينيين في فضاءات الإستراتيجيا والدبلوماسية والأمن، بهدف تأكيد اهتمام الصين البالغ بمنطقتنا العربية، وبخاصة بما يتصل بأماننا وواقعنا ومستقبلنا وطبيعة مشتركاتها مع العرب ضمن منطلقاتها المُحدَّدة بصرامةٍ.
جَرَت المداولات خلال المنتدى تحت عنوان عريض هو «أمن الشرق الأوسط في الوضع الجديد: التحديات والمخارج»، وتفرّعت عنه أربعة محاور هي: «أهمية العدالة والإنصاف للأمن الدائم في الشرق الأوسط؛ والتعدّدية وسُبل حل القضايا الساخنة؛ وتعزيز الأمن من خلال التنمية وشروط تحقيقها وسُبل التعاون؛ ودور حوار الحضارات في مكافحة الإرهاب ونزع التطرف».
كان المتحدث الرئيس في المنتدى وزير الخارجية الصيني المخضرم (وانغ يي)، الذي أوضح «الحلول الصينية بشأن أمن الشرق الأوسط»، وتتلخص برفض بلاده تحقيق نفوذ جيوبوليتيكي، لكونها تتبنّى بثبات مبادىء الاستقلال والإنصاف والتمييز بين الصواب والخطأ والتمسك بالعدالة والشرعية الدولية.
يتضح من المؤتمر، في مخالفة لبعض ضيّقي الأُفق المرتبطين بأجندات تأزيمية، أن الصين لن تتراجع عن الحلول السلمية التي تراها مناسبة، وهي مبادىء مقبولة دولياً للمساواة والكسب المشترك ومعادلة رابح لمختلف الأطراف وفي كل مجال، وضمن ذلك في السياسة الخارجية أيضاً، وهو ما فتىء يؤكد عليه الرئيس الصيني (شي جين بينغ) منذ خطابه باجتماع الوزراء الثامن لمنتدى التعاون الصيني العربي في العام الماضي، إذ ذكّر (وانغ يي) بدعوة الرئيس (شي) «إلى التخلي عن فكرة التمتع بالأمن الحصري والأمن المطلق في الشرق الأوسط، وضرورة عدم السعي وراء الفوز الأحادي لطرف «على أساس خسائر الأطراف الأُخرى».
كرّرت الصين على مسامعنا أهدافها العليا وتتلخص بإصرارها على «اتّجاه صحيح» يَرى تحقيق الأمن المشترك لكل دول المنطقة، ورفضها بناء الأمن لدولة واحدة بعينها على أساس تقويض الأمن لسائر بلدان المنطقة والسعي للأمن المطلق لجهة دون أخرى.
يتضح لي من خلال فعاليات المنتدى، ووجهات النظر الصينية التي استمعنا إليها، أن بكين توصّلت إلى قناعة بضرورة لعب دور أكثر فعالية في قضايا منطقتنا، لكونها مؤهلة لذلك تماماً، ولتمتّعها بعلاقات طيبة مع جميع اللاعبين الإقليميين فيها، لاسيّما وأنها تؤكد على ضرورة اعتماد الشرعية الدولية لتلافي الخسائر، وكمفتاح هو الأنسب لتحقيق السلام والأمن.. وشخصياً أرى أن هذه الأفكار مُدرجة في خطة «الأربع نقاط» الصينية للسلام في الشرق الاوسط، والمؤهّلة للعب دور إقليمي ودولي أساسي لحل الخلافات عبر الوسائل السياسية حصراً، لكن تل أبيب أجهضت الخطة الصينية بسبب تمسّكها بفلسفتها الاستعمارية المُعززَّة بالموقف الأمريكي المؤيد للتوسّع الصهيوني المُنفلت من عِقاله.
*صحفي وكاتب أردني متخصص بالشؤون الصينية ورئيس الاتحاد الدولي للقلميين أصدقاء الصين.
لقد وصلني إشعار بهذه المقالة فجأة. أشكر الاستاذ مدير التحرير الاخ عبدالقادر خليل لانه بادر لنشرها دون أن اطلب منه ذلك، وإن دل ذلك على شيء انما يدل على رقي شيمك استاذنا الكريم وصداقتك الراقية، ونشاطك المتميز الذي أدى بك لتأسيس هذا الموقع الزاهر بجهودك الشخصية لتعلي علم الصداقة الجزائرية والعربية الصينية.. فشكرا لك الف شكر صديقي العزيز والنابه.. الاكاديمي مروان سوداح رئيس الاتحاد الدولي – الاردن
شكراً استاذنا الكبير مروان دائماً متألق