شبكة طريق الحرير الصيني الاخبارية/
*التعريف بالكاتب: مُعتمد للنشر في شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية في الجزائر؛ وصديق ورفيق تاريخي مقرّب من رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين. ناشط سياسي وعضو في لجنة تثقيفية في حزب الوحدة الشعبية الأردني – منظمة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وكاتب مقال دوري لصحيفة “نداء الوطن”؛ وكاتب قصة قصيرة، ولديه مشروع رواية طويلة يكتبها ستصدر لاحقاً.
كان معروفاً في سنوات ما قبل الميلاد، أن البحارة الصينيين يجوبون مياه المحيط الهندي منذ العصور القديمة السابقة للميلاد، وكانت سفنهم تقوم برحلات طويلة فيما بين الموانئ الصينية وموانئ الهند الغربية، ومثل ذلك كان يفعل العرب فقد كانت سفنهم تبحر من موانئ الخليج العربي وساحل اليمن إلى موانئ الهند الغربية وإلى ساحل جنوب الهند، حيث يلتقون هناك بالتجار الصينيين، ويحصلون منهم ومن التجار الهنود على بضائع الصين والهند، ويبيعونهم بضائع شبه الجزيرة العربية الثمينة التي كان من أهمها البخور والعطور والنحاس واللبان والؤلؤ.
وبوصول البضائع الصينية والهندية إلى موانئ شبه الجزيرة العربية، كان التجار العرب ينقلونها على متن سفنهم وعلى ظهور قوافلهم عبر شبكة من الطرق البرية والبحرية إلى بلاد فارس وبلاد ما بين النهرين والشام ومصر وساحل الحبشة. وكثر ثراء العرب من التجارة بالمواد الناتجة عن جزيرتهم وتلك المستوردة من الهند والصين، وقد جلب هذا الثراء على العرب نقمة القوى والشعوب المحيطة بجزيرتهم الذين كانوا يتبايعون معهم بتجارة الشرق الأقصى؛ فمنذ نهايات الألف الثالث قبل الميلاد حاول الآشوريون فرض سيطرتهم على تجارة الشرق التي يقوم العرب فيها بدور الوسطاء، فقد عبرّت إحدى الوثائق الأكادية القديمة عن نجاح الإمبراطور سرجون ملك أكاد (2300 ق م)، في جلب مراكب مجان ودلمون وملوخة إلى ميناء أكاد. والمعروف أن مجان هي عُمان، ودلمون هي البحرين، وملوخة هي بلاد السند، وقد حاول الفرس أيضاً منذ عصورهم القديمة مزاحمة العرب على منافع هذه التجارة؛ فقد جهزوا حملة في عهد إمبراطورهم دارا الكبير (521-485 ق م)، نجحت في الدوران حول شبه الجزيرة العربية، من الخليج العربي إلى خليج السويس، ووصلت مساري طريق الحرير البحري: مسار الخليج العربي ومسار البحر الأحمر، وبالتالي احتكار تجارة الشرق الأقصى وإقصاء عرب الجزيرة العربية من الميدان.
ولكن حملة الملك دارا لم يدم نجاحها ولم تتكرر مرة أخرى في التاريخ، ولذلك فهي لا تعدو كونها مغامرة. كما حاول اليونانيون أيضا فرض سيطرتهم على الملاحة في البحر الأحمر وفي الخليج العربي، وكانت لهم مستوطنة في جزيرة فيلكة الواقعة حالياً بدولة الكويت، كما أن الفرس في العصور التالية استطاعوا فرض سيطرتهم على تجارة الصين والهند المارة بالخليج العربي، ولكن سيطرتهم لم تحرم العرب من المشاركة الفاعلة في حركة هذه التجارة نظرا لخبرتهم الطويلة ومعرفتهم الواسعة ببناء السفن والإبحار في مياه المحيط الهندي، ولحاجة الفرس إلى موانئهم التي كانت تمثل نقطة الانطلاقة لمراكب الصين والهند.
واستمر التنافس بين العرب والفرس على تجارة الشرق في مد وجزر في العصور التالية، ففي أيام الفرثيين الذين سقطت دولتهم في فارس في أوائل القرن الثالث الميلادي، أصيبت تجارة الخليج القادمة من الهند والصين بنوع من الانكماش نتيجة تشجيع الفرثيين لنقل تجارة الصين على الطريق البري الذي يمر عبر أراضيهم، ولكن سياسة خلفائهم الساسانيين جاءت معاكسة، فعملوا على تشجيع التجارة على طريق الحرير البحري، وانتقل الاهتمام إلى موانئ شمال عُمان والبحرين وساحل هجر، وقد لعب ميناء أبو لوكس، (الأبله) “تقع في مدينة البصرة”، دورا مهماً في التجارة مع الصين والهند، حيث كان من أهم موانئ أعالي الخليج العربي، ومنه كانت تصدر حاصلات الشام وبلاد ما بين النهرين وفارس إلى الهند والصين، وإليه كانت تصل أخشاب الصندل والآبنوس والحرير الصيني وكان به مراكز جمركية تجبي الضرائب لكسرى.
ولا يوجد في المصادر التاريخية والأدلة الأثرية ما يشير إلى وصول سفن العرب إلى سواحل الصين، أو وصول سفن الصينيين إلى موانئ شبه الجزيرة العربية في الحقب التاريخية السابقة للميلاد، أو في القرون الأولى الميلادية، ولكن المصادر تشير إلى أن البضائع الصينية المنقولة على ((طريق الحرير البحري)) كانت تصل إلى الهند على السفن الصينية والهندية، ثم تجلب إلى موانئ شبه الجزيرة العربية من أسواق الهند وسيلان على سفن عربية وفارسية وهندية، فقد كانت السفن الهندية تبحر في عصور ما قبل الإسلام في المياه العربية، وتصل إلى جزيرة سقطرى، وإلى ساحل عدن، وإلى موانئ صحار، والبحرين، والأبله التي كانت بها جاليات من الهند في تلك الفترة، ودامت شهرة السفن الهندية التي تجوب مياه الخليج.
*****
*نبذة عن الكاتب: حسين ياسين57 سنة: جامعي، خريج جامعة اليرموك. ناشط ثقافي وسياسي. صاحب مشروع ثقافي في الأردن “مكتبة ازبكية عمّان” التي تُعنى بالحفاظ على الاصدارات القديمة من الكتب.
من بسطة كتب في شوارع عمّان، إلى أكبر مكتبة لنشر ثقافة القِراءة، أقمنا ما يقارب 200 معرض وفعالية ثقافية في مختلف المحافظات. صاحب فكرة “كتابنا حضارتنا”؛ “كتاب مجاني في المدرج الروماني”.
لدى الكاتب خبرات سابقة وحالية في إدارة المشاريع الثقافية. انتظم في عدد من الدورات في “المحاسبة الإدارية” و “إدارة المشاريع ومهارات الاتصال والترويج”؛ “ريادة الأعمال والأفكار”؛ “تحليل مخاطر الأعمال لانجاح مهام عمل الفريق”؛ “السمات الشخصيه لرياديي الأعمال”، كالقيادة والثقة وإدارة الأموال واستخدام الموارد بالحد الأقصى.
مقالة مهمة جدا تميط اللثام عن حقائق كثيرة.. نأمل مزيدا من النشر في هذا الموضوع من جانب الاخ الباحث حسين ياسين المكرم.