شبكة طريق الحرير الإخبارية/
ـ بقلم: رجوى قوراري
– كاتبة معتمدة في شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية، عضو الفرع الجزائري للاتحاد الدولي للصحفيين والاعلاميين والكتاب العرب اصدقاء وحلفاء الصين.
ـ تدقيق وتحرير ومراجعة: الاكاديمي مروان سوداح رئيس الاتحاد الدولي.
يُعد مجتمع النحل من المجتمعات النشطة والمنظمَّة حيث يُضرب بها المثل، فقد خصَّها الله عز وجل بسورة كاملة في كتابه العزيز، فالله سبحانه يريد ان يلفت انتباهنا الى عظمة هذا المخلوق الصغير الذي تتجلى فيه قدرته. هذه الحشرة ذات النظام الحكيم على كثرة عددها، إلا انها تحافظ على نظامها وانضباطها الكامل.
مجتمع النحل شبيه بالمجتمع البشري. في الصين على سبيل المِثال، يعيش قرابة المليار ونصف المليار نسمة، في مساحة لا تتعدى الـ10 ملاين كلم٢، وجميعهم يجتمعون تحت سقف واحد لقوانين ثابتة يحترمها ويطبقها كل فرد منهم، فتكون الدولة الصينية بذلك شبيهة بمجتمع النحل المنضبط.
يُعرف الصينيون عالمياً بانهم شعب منضبط، وتُعد كلمة الانضباط عند الصينيين خوارزمية لبناء دولتهم، فلا يوجد خطاب سياسي إلا وذَكَرَ كلمة انضباط. الصين لم تنهض من رُكام الفقر والعوز التي خلّفتها الحروب، ولم تصبح اعظم دولة ومصنع للعالم والسوق التجارية العالمية إلا بالانضباط واحترام النظام. الصين دولة تقدّس النظام على جميع الاصعدة، أكانت سياسية أم اجتماعية.
إن قهر الصين لفيروس كورونا في فترة وجيزة كان حُجّةً وبرهاناً على مدى الانضباطية الصينية، فمع بداية ظهور كوفيد 19 انتهج التنين الآسيوي سياسة متشددة في مكافتحه واحتوائه للفيروس القاتل، ونجحت بكين في السيطرة عليه الى حد كبير، في حين وقفت الكثير من الدول عاجزة امام الجائحة.
إن سر نجاح هذه السياسة إنما هي في عملانية سنِّ قوانين صارمة وفرض اجراءات حازمة وانضباط الحكومة من جهة، والانضباط الذاتي من طرف الشعب الصيني من جهة اخرى، والذي لم يكن وليد ازمة، إنّما هو مفهوم ديمومي متجذر في الثقافة الصينية وموروث تتوارثه الأجيال الصينية.
في مركزية امتثال الصينيين للنظام السياسي والايديولوجي الذي تنتهجه الدولة، إنما هو مدماك الاستقرار المجتمعي الذي يرتكز على نهج فكري وثقافي وطني، يعود في جذوره الى تراكمات الحضارة الصينية ومفكِّريها، وفي مقدمتهم الفيلسوف الصيني الشهير المعررف باسم “كونفوشيوس”، صاحب تعاليم الولاء والطاعة والاستقامة التي تشكِّل المبادىء الاساسية في الحياة اليومية للمواطن الصيني، وحامل عَلَم نُصرة اللأخلاق والحياة المعنوية التي مارست تأثيراً عميقاً في تشكُّل وتطوّر الثقافة الصينية، ودعوتها إلى “حُكم الأخلاق”.
وختاماً، ترى الصين، ورؤيتها ثاقبة، أن الانضباط ليس نقيضاً للحرية، خاصةً أن الحرية دون انضباط هي الفوضى، بينما الانضباط هو الجِسر الرابط بين الاهداف والانجازات، والتجربة الصينية هي خير دليل على ذلك.
يقول الرئيس شي جين بينغ قائد الدولة والحزب: “ان الانظباط الصارم هو الضمانة لمواصلة حزبنا تقدّمه من نصر الى نصر”.
,,,