CGTN العربية/
انتعش الاقتصاد الصيني الذي تعرض لصدمة في ظل وباء “كوفيد-19” في وقت سابق، من التداعيات وسط السيطرة الفعالة على الوباء والسياسات المستهدفة للحكومة.
ومع نمو الناتج المحلي الإجمالي وصل إلى 3.2% و4.9% على التوالي في الربعين الثاني والثالث للعام الجاري، أكمل ثاني أكبر اقتصاد في العالم المرحلة الصعودية من الانتعاش على شكل حرف “V” من الإغلاق الناجم عن الوباء الذي أدى إلى انكماش نادر بنسبة 6.8% في الربع الأول.
وفي نهاية العام، حصل أداء الاقتصاد الصيني على درجة عالية من قبل العديد من المنظمات الدولية: قدر البنك الدولي أن الاقتصاد الصيني سيشهد نموا بنسبة 1.6% بينما سينكمش الاقتصاد العالمي بنسبة 5.2%. وفي أحدث تقرير لها عن التوقعات الاقتصادية، توقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن تكون الصين الاقتصاد الرئيسي الوحيد الذي يسجل أداء إيجابيا في عام 2020 بنمو 1.8%.
وقال ديفيد إيكمان، كبير الممثلين والمدير العام لمكتب الصين التابع للمنتدى الاقتصادي العالمي: “كان انتعاش الصين مذهلا في مواجهة التحديات الهائلة للاقتصاد العالمي”.
بالنظر إلى بداية العام، أدى تفشي “كوفيد-19” إلى الضغط على “زر الإيقاف” للعمليات الاجتماعية في الصين بشكل مؤقت. عانى الاقتصاد الصيني من انتكاسة غير مسبوقة، حيث انخفض معدل النمو الاقتصادي في الربع الأول بنسبة 6.8% على أساس سنوي، وهو أدنى رقم منذ أن أصدرت الصين بيانات الناتج المحلي الإجمالي الربعية في عام 1992.
وفي مواجهة تفشي “كوفيد-19” ووقف العمليات الاقتصادية والاجتماعية، أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ من منظور شامل على أهمية التركيز على الوقاية من الوباء ومكافحته مع تعزيز استئناف العمل والإنتاج لتحفيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وفي يوم 23 فبراير، عقدت الصين مؤتمرا غير مسبوق عبر الفيديو شارك فيه 170 ألف مسؤول على مختلف المستويات في جميع أنحاء البلاد. خلال المؤتمر، أشار شي إلى أن وباء “كوفيد-19” يمثل أزمة واختبارا كبيرا للحكومة والشعب.
وأجرى شي 13 جولة تفقدية في جميع أنحاء البلاد للتعرف على الظروف المعيشية لأبناء الشعب الصيني وقام بصياغة إستراتيجيات طويلة الأجل للتنمية عالية الجودة.
وفي مواجهة الظروف القاتمة المعقدة، قامت الحكومات المحلية بعمل قوي لضمان الاستقرار في التوظيف والعمليات المالية والتجارة الخارجية والاستثمار الأجنبي والمحلي والتوقعات، مع التنفيذ الكامل لمهام ضمان التوظيف، واحتياجات المعيشة الأساسية، وعمليات كيانات السوق، وأمن الغذاء والطاقة، وسلاسل التصنيع والإمداد المستقرة، والوظائف العادية للحكومات المحلية.
وتم تخصيص سندات خزانة خاصة بقيمة تريليون يوان (153 مليار دولار أمريكي) لجهود مكافحة الوباء لحكومات المحافظات والمدن لفائدة الشركات والسكان المحليين بشكل مباشر. بالإضافة إلى ذلك، تم اعتماد سلسلة من الأساليب لتحقيق الاستقرار في التوظيف وخاصة لضمان توظيف الشركات الرئيسية والفئات الرئيسية مثل الخريجين الجامعيين والعمال المهاجرين.
وقال ليو تشياو، عميد كلية قوانغهوا للإدارة بجامعة بكين: “وافقت الحكومة على سياسات مالية معنية لاتخاذ تدابير هادفة لخفض الضرائب وتخفيف الأعباء عن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، بدلا من اعتماد سياسات تحفيز قوية أو ببساطة تعزيز الانتعاش الاقتصادي بالاستثمار. إن السياسات بأكملها فعالة للغاية”.
دعا الرئيس شي الدولة بأسرها إلى البحث عن الفرص في الأزمات وتحويل الأزمات إلى فرص.
وقال وانغ تشانغ لين، رئيس أكاديمية أبحاث الاقتصاد الكلي التابعة للجنة الوطنية للتنمية والإصلاح: “يجب أن نرى التحديات التي نواجهها في تنميتنا الاقتصادية، وكذلك هذه الفرص غير المسبوقة. ثم نحتاج إلى اتخاذ إجراءات استباقية وتحويل الضغوط إلى قوة دافعة لإعادة تشكيل المزايا الجديدة للصين في التنمية”.
بتحويل الأزمات إلى فرص، ترسم الصين أوضاع إنمائية جديدة بالابتكار والتنمية. ساهم التطور السريع لأشكال الأعمال الجديدة مثل الرعاية الطبية عبر الإنترنت والتعليم عبر الإنترنت والاقتصاد الرقمي كثيرا في انتعاش الاقتصاد الصيني.
وبتعميق الإصلاح والانفتاح على نطاق أوسع، عززت الصين نظام اقتصاد السوق الاشتراكي ذا الخصائص الصينية، وعززت الإصلاح الموجه نحو السوق، وإصلاح نظام التسجيل التجريبي لسوق الأسهم “تشينكست” (ChiNext). وتم إنشاء مجموعة من مناطق التجارة الحرة التجريبية في مقاطعة هاينان ومدينتي شنتشن وشانغهاي للتعامل مع عوامل عدم اليقين في البيئة الخارجية وتعزيز التنمية عالية الجودة للاقتصاد الصيني.
وقال دونغ يوي، النائب التنفيذي لعميد المعهد الصيني لتخطيط التنمية بجامعة تسينغهوا: “في الرحلة نحو التحديث، أصبح الإصلاح قوة دافعة مستمرة لتنميتنا، حيث يوفر أساسا أكثر ديناميكية، حتى يتمكن اقتصادنا من الارتقاء إلى مستوى جديد”.
شهدت الصين نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.7% على أساس سنوي في الأرباع الثلاثة الأولى من العام الجاري، ما يمثل تحولا إيجابيا من سالب 1.6% في النصف الأول من العام. ومن المتوقع جدا أن تكون الصين الاقتصاد الرئيسي الوحيد في العالم الذي يحقق نموا إيجابيا هذا العام.
وتتطلع الصين اليوم إلى تنمية اقتصادية عالية الجودة مع زخم ابتكار أقوى بشكل متزايد. يمثل الاقتصاد الرقمي ما يقرب من 40% من الناتج المحلي الإجمالي للصين ويساهم بنحو 70% في النمو الاقتصادي.
وكعلامة مشجعة أخرى، قفزت صادرات الصين بنسبة 21.1% على أساس سنوي في نوفمبر الماضي بالدولار الأمريكي، وهو أسرع نمو منذ فبراير عام 2018، وذلك بفضل الطلب القوي على الإمدادات الطبية والإلكترونيات. وفي الأشهر الـ11 الأولى للعام الجاري، وصلت القيمة الإجمالية للواردات والصادرات إلى 29.04 تريليون يوان (4.44 تريليون دولار أمريكي)، وحافظت على نمو إيجابي لستة أشهر متتالية.
علاوة على ذلك، تم تحسين معيشة الناس ورفاهيتهم باستمرار. أكملت الصين مهامها للتخفيف من حدة الفقر كما هو مقرر، مما أدى إلى انتشال ما يقرب من 100 مليون شخص من الفقر المدقع وفقا للمعايير الحالية. وبلغ إنتاج الصين من الحبوب قرابة 670 مليار كيلوغرام في العام الجاري، بزيادة 5.65 مليار كيلوغرام عن العام الماضي. يمثل هذا العام السادس على التوالي الذي يتجاوز فيه إجمالي إنتاج الحبوب في البلاد 650 مليار كيلوغرام.