شبكة طريق الحرير الإخبارية/
مسيحيو إيران.. حريات إيمانية مَصونةٌ
بقلم: الأكاديمي مروان سوداح*
تُعتبر تعاليم وتصريحات وآراء الإمام الخميني، رحمة الله عليه، حِيال المسيحيين عُموماً، مرجعاً لهم أنفسهم، ولغيرهم من المهتمين بالوقائع الإيرانية، فقد جاء في عنوان موقع “مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخميني – قسم الشؤون الدولية”، الذي مركزه العاصمة طهران، التالي لمقالةٍ وتصريحاتٍ للأمام الخميني رحمه الله، نوردها هنا: “كل شيء في السيد المسيح(ع) كان مُعجزة.. كل شيء في السيد المسيح كان معجزة.. كانت معجزة عندما ولدته عذراء بتول.. كانت معجزة عندما تكلّم في المهد صبياً.. كانت معجزة عندما جاء للبشرية بالسلام والصفاء والمعنوية. جميع الأنبياء هم معجزة، والجميع جاؤُوا لتربية البشر على الخير فقط.. يريدون أن يسير البشر على الصراط المُستقيم.. وأن يعيش البشر في سلام وصفاء وأخوَّة.. هذه هي واجبات المُرسَلين والسفراء الإلهيين والمبعوثين لهداية البشرية، الذين أرسلهم المولى عزَّ وجل إلى الكرة الأرضية، كي يَسموا الإنسان بنفسه من هذا العالم إلى العالم الأعلى”.
كذلك، قال الخميني: “لقد ابتليت شعوب العالم اليوم بالقوى العُظمى، التي هي قوىً شيطانية، تقف في وجه الأنبياء، ولا تسمح بنشر تعاليم هؤلاء الأنبياء. ويتمتع عُلماء الدين المسيحي بميزة خاصة، هي أن القوى العظمى مسيحية تدّعي المسيحية، وهذه القوى العظمى هي التي تعمل على نقض تعاليم الله – تبارك وتعالى – خلافاً لتعاليم عيسى المسيح. عُلماء الدين المسيحي مُكلَّفون بحسب تعاليم المسيح، وبحسب تعاليم الله العظيم، مكّلفون أن يكافحوا هذه القوى التي تعمل خلافاً لمسيرة الأنبياء وسبيل المسيح. يجب إرشاد هؤلاء إلى دين المسيح. يجب أن يرشدوا الشعوب المسيحية كي لا تتَّبع هذه القوى التي تعمل خلافاً للمسيح”.
“أنا، عندما التقي عُلماء الدين المسيحي يجب أن أستعرض القضايا المتعلقة بِعًلماء الدين، والقضايا الخاصّة “بكم” هي أن تدرسوا القضايا العالمية كما هي، وتتوصلوا إلى ما تتجرّعه الشعوب من أدعياء المسيحية. أنتم جئتم إلى إيران، وليس من المعلوم أن تبقوا مدّة تستطيعون فيها رؤية شهدائنا، رؤية قبور شهدائنا، أنتم ذهبتم إلى روضة الزهراء، ورأيتم عدداً من قبور الشهداء. وأينما تذهبون في إيران، فإنكم سترون هذه القبور. أنتم لم تروا معوقينا. وحيثما ذهبتم داخل إيران سترون مَن فقدوا أيديهم وأرجلهم، وجرحوا وأُقعدوا ودُمِّرت حياتهم. كم كان جيّداً لو بقيتم أنتم المسيحيين وأنتم عُلماء الدين المسيحيين مدّة أطول في إيران، وسافرتم إلى مختلف المدن الإيرانية والقرى المختلفة في إيران، وشاهدتم آثار وشواهد جرائم ذلك الرجل الذي كان يدعمه رؤساء جمهورية أمريكا، وأولئك الذين فرضتهم علينا أمريكا، وفرضهم علينا رؤساء جمهورية أمريكا”.
نقرأ أعلاه، إنه وخلال عهد الخميني، ناشد هذا الزعيم الديني والوطني المسيحيين لشجب ما يقترفه الغرب الاستعماري باسمهم كمسيحيين، فقال التالي: “انقذوا دين المسيح من الآلام الكثيرة، ولا يسمح وقتكم أنتم ولا وقتي أنا لكي أنقل لكم آلام شعب مُستضعف. أنا من خلالكم انتم علماء الدين المسيحي، بواسطتكم أنتم أنادي الشعب الأمريكي، عُلماء الدين الأمريكيين، عُلماء الدين المسيحيين في شتى أنحاء العالم، أنادي هؤلاء أن ينهضوا لنصرة المظلومين والسيد المسيح والدين المسيحي. إنّ دين السيد المسيح والسيد المسيح نفسه معرضان للأتهام، أنقذوا هذا الدين”.
ويستطرد الخميني قائلاً: “في أمريكا يقولون: إنهم جنّدوا الشعب الأمريكي علينا في هذا العيد (عيد ميلاد السيد المسيح) الذي هو عيد السلام.. ورئيس جمهورية أمريكا يُثير الحرب بين المظلومين.. يقوم بإبادة المظلومين، ومع ذلك نرى عُلماء الدين المسيحيين صامتين، لماذا يجب أن يكونوا صامتين؟ لماذا يجب أن يكونوا غير مطلَّعين على أوضاع المظلومين؟ وما دمتم مطّلعين على أوضاع المظلومين لماذا لا تتصدون للظالمين؟ وفي أقل التقادير لا تقومون بإرشادهم؟ هل الإرشاد محدود بالكنائس؟ هل الإرشاد خاصّ بجماعة من الشرائح المَسحوقة فقط؟ أو أن الإرشاد هو في الدرجة الأولى للطبقات المرفَّهة؟ الأنبياء الذين بُعثوا، بُعثوا أولًا للتصدي للشرائح المرفَّهة. النبي موسى تصدّى لفرعون. الطبقة العليا هي أولى بالتصدّي والإرشاد. أنتم عُلماء الدين عليكم إرشاد هؤلاء، فقوموا بتذكير رؤساء الجمهورية هؤلاء.. أنقذوا عيسى المسيح. أنقذوا شعب المسيح. أنقذوا دين المسيح، ولا تسمحوا بتشويه صورة المسيحية في أنظار الناس، لا تسمحوا بأن ينظر الناس إلى علماء الدين المسيحي وكأنّهم من المدافعين عن الظالمين. وقى الله إن شاء الله شرّ هؤلاء البشر، وهدى البشر الذين يقومون بمخالفة التعاليم السماوية، ويعملون خلافاً للتعاليم الملكوتية.. لينقذ الله المظلومين من مخالب الظالمين”.
ـ تعليقاً على هذه المقالة التي تتمحور حول نقاط محددة هي إيران والحريات الدينية والإنسانية التي تتمتع بها، والمقالات الأُخرى التي نشرت بقلم كاتب هذه المقالة، وبما يخص الحُكَّام الظالمين في رياح الدنيا، والخ، أبدى البعض من أصحاب القَلم والفِكر من المسيحيين والمسلمين رأيهم فيها، وفي القضايا المطروحة فيها.. وهنا نورد ما جاء من آراء وتعليقات بشأنها، ومنها تعليق السيد رأئد حنضل، الناشط الكنسي المَعروف في الأردن، الذي نوَّه إلى التالي: “هذه المقالات رائعة، إذ يتم فيها بث روح التأخي المجمتعي بين الطوائف.. وتنبيه الأُمم إلى أن الفتنة لا تجوز.. لا تجوز فتنة بين عربي وعربي، وبين عربي وغير عربي، وبين مسيحي ومسلم، وبين شيعي و سُني، لأننا منذ البدء وفي النهاية أبناء الله مهما اختلفت معتقداتنا.. والتآخي بين الأديان هو شيء مهم وأساسي في نسيج الأمة العربية والعقلاء.. وما مؤامرات الدول الأجنبية – العلمانية إلا أنَّ هدفها هو زعزعة هذا النسيج المتماسك.. ولكن الخوف هنا إنما هو من بعض النفوس المريضة التي تلعب بعقولها المؤامرات الخارجية. وهنا تكمن المشكلة.
ـ بدورها، الأعلامية الأردنية الروسية يلينا نيدوغينا، رئيسة تحرير صحيفة “الملحق الروسي” الورقي، سابقاً، والإلكتروني حالياً، قالت في مداخلتها التالي: إيران دولة شقيقة للأردن والعرب، وصديقة صدوقة لروسيا، وهي تتمتع بعلاقات طيبة مع الأردن وروسيا، وموقعها الجيوسياسي مُلتصق بالعرب والبلدان العربية، وتتداخل المصالح والرؤى العربية والإيرانية سوياً من أجل خير المنطقة. وفي المجال الديني أيضاً ومنذ عهد الخميني رحمه الله، دافعت إيران قائداً ونظاماً ودولةً وشعباً عن رفعة الدين المسيحي ومكانته العليَّة، وضرورة الدفاع عنه بوجه محاولات تهميش دوره المُنير الذي وضعه السيد المسيح، ولزوم أن يعمل قادة الدول المسيحية وِفقاً لتعاليم السيد المسيح.. ونلاحِظ هنا حرص القيادات السياسية الإيرانية، منذ الثورة التي قادها الإمام الخميني رحمه الله، على مكانة المسيحيين عموماً والديانة المسيحية في إيران والعالم، ولأجل أن يلعب المسيحي كائناً مَن كان في موقع عمله الدور الدولي المنوط به لنشر السلام والوئام بين الشعوب، ولرفض الحروب التي يقوم الغرب أحياناً بصَبغِها بصبغة دينية، وهو أمر مرفوض تماماً في المجتمعات المسيحية الملتزمة بالتعاليم المسيحية، إذ يجب على كل مسيحي أن يَحيا ويعمل وأن يسير على خطى تعاليم السيد المسيح له المجد، وغير ذلك إنما هو شر من الشرير.
بدروه، أدلى الأخ الكاتب والباحث السياسي، الأستاذ أحمد إبراهيم أحمد أبو السباع القيسي، بدلوه في القضية التي نحن بصددها، فكتب يقول: منذ قيام الثورة الإسلامية الإيرانية بقيادة الخميني رحمه الله تعالى، عام ١٩٧٩، وهو يُنَادي بوحدة الأمة والإنسانية كاملة، للسير على نهج الأنبياء والمرسلين، ونهج سيدنا عيسى المسيح عليه السلام للمسيحيين، ونهج سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين للمسلمين، وهو نهج واحد موحد، وهو التوحيد الإلهي، والأخوة الإنسانية التي آرادها الله لعباده أجمعين على وجه هذه الأرض المباركة.
ويواصل السيد القيسي قائلاً: إضافة إلى كل ما ذُكر أعلاه، فقد شهدنا محاربة ثورة الإمام الخميني رحمه الله تعالى، من قِبل الصهيوغربيين، وأولئك الذين يتَّبِعون الأفكار الشيطانية التي ليس لها علاقة بالسيد المسيح، ولا برسالته الإلهية الموحدِّة والجامعة للإنسانية والمحبة للإنسان والسلام بين كل عباد الله. لقد حُوربت ثورة الإمام الخميني رحمه الله تعالى وأدخله فسيح جنَّاته، لأنها ثورة على كل طغاة الأرض أتباع الشياطين الصهيوغربيين، وأعداء الله والأنبياء والمرسلين والأمة بمسلميها ومسيحييها والإنسانية برمتها، لأن هذه الثورة قد كشفت حقيقتهم الكاذبة التي يتشدقون بها دائماً، وهي السعي المتأصل لديهم للنيل من حقوق الإنسان والعداء للحرية.
والإمام الخميني رحمه الله تعالى أسس مدرسة من القادة لإستلام راية الثورة الإنسانية الإلهية على الطغاة والمُستكبِرين وشياطين الإنس، وقد كان هؤلاء القادة على قدر المسؤولية بحمل الرسالة ونشرها بأمانة، فكان قادة إيران الإسلامية هم المدافعون دائماً عن الدينين الإسلامي والمسيحي في كل منطقتنا والعالم أجمع، ويقفون مع كل مظلوم، وما جرى من مؤامرات ومخططات صهيوغربية قبل ١٢ عاماً، كان مخططاً له عندهم لتفتيت مجتمعاتنا وديننا الإنساني السمح بمسلميه ومسيحييه، ولإفساد عادتنا وتقاليدنا الحسنة، ونشر الرذيلة بين أسرنا وأبنائنا وبناتنا، وبمعنى أشمل، هم كانوا يحاربون نهجنا الإنساني الذي يسير وفقاً لرسالة عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام لعباد الله أجمعين، والحمد لله تعالى أن كل مشاريعهم فشلت وهُزِمت في منطقتنا، من إيران الإسلامية وسورية وإخوتنا المسيحيين الحقيقيين في روسيا والصين… وغيرها من الدول التي كانت وما تزال مع محورنا المقاوِم العربي والأعجمي الإسلامي والمسيحي العالمي.
وختم الكاتب الأستاذ أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي مداخلته بقوله: وما زال محورنا الإنساني الثوري الحقيقي الإسلامي والمسيحي يُحارب الصهيوغربيين إلى أن يتحقق النصر النهائي قريباً، بإذن الله تعالى، على كل مشاريعهم، ومخططاتهم، وفتنهم، وحروبهم، وعصاباتهم، وفيروساتهم، وفسادهم، وشيطنتهم وأكاذيبهم في منطقتنا والعالم، وعوناً لمحورنا المقاوم بجنوده، وبحَمَلَةِ راية التوحيد، والرسالة الإنسانية الموحِّدة لهذا المحور لجميع عباد الله على هذه الأرض المباركة مسلمين ومسيحيين.
*أك. مروان سوداح: عضو قديم في نقابة الصحفيين الأردنيين، وناشط مع المجموعة الروسية التي يترأسها فخامة الرئيس الروسي فلاديمير فلاديميروفيتش بوتين: “مجموعة الرؤية الإستراتيجية – روسيا العالم الإسلامي”، ورئيس منظمات دولية مع عددٍ من البلدان الحليفة والصديقة.