عن جريدة الأنباط الأردنية/
الأديان في أذربيجان (3):
المسيحيون والمسيحية في أذربيجان
بقلم: يلينا نيدوغينا*
*إعلامية وكاتبة أردنية – روسية ورئيسة تحرير جريدة “الملحق الروسي” في الأُردن سابقاً.
في خضم الاحتفالات العالمية بعيد الميلاد المجيد وعلى أبواب العام الجديد 2021، فضّلت الكتابة عن هذا العنوان اللافت للانتباه في خضم بحثي المتواصل عن وضع المسيحيين والأقليات الدينية والعِرقية في جمهورية أذربيجان، التي غالبية شعبها يدين بالإسلام.
خلال عمليات البحث المتواصل في “أطنان” المعلومات من مختلف المصادر، تبيّن لي أن العاصمة الأذربيجانية باكو هي عاصمة أممية القسمات دينياً وقومياً وفي عادات وتقاليد شعبها ويومياته ووسائل إعلامه بالرغم من الغالبية المسلمة فيها، وقرأت في العديد من المصادر المحايدة عن أن الدولة الأذربيجانية تضع الأقليات في المقام الأول، حرصاً منها على تساوي الجميع في وِحدة المواطنة والحقوق والواجبات في مختلف الفضاءات التي منها الاجتماعية والعلمية والاقتصادية والسياسية.
كمسيحية أرثوذكسية روسية يَسرني كثيراً أن أجد في هذا الواقع الأذربيجاني المُسلم إنفتاحية كاملة على الآخر الديني والحضاري والثقافي أيّا كان، ليس في منطقة بحر قزوين والقوقاز الجنوبي والشمالي فحسب، بل وعلى نطاق العالم، وفي تطبيقات السياسة الرسمية الأذربيجانية في علاقاتها الدولية مع البطريركيات والمطرانيات والطوائف المسيحية والأفراد المسيحيين في مختلف البلدان، وتَمتُع المسيحيين في أذربيجان بكامل حقوق المواطنة والعمل وتلقي الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية، ووجودهم في مناصب مهمة ومفتاحية أيضاً، عليا ووسطى، في السُّلّم الوظيفي للدولة الأذربيجانية.
أذربيجان لا تبعد بالطائرة كثيراً عن الأردن، وهي تحد روسيا من الشمال، وتُعتبر هذه الدولة (قلب القوقاز) النابض برمّته، فهي نقطة تلاقي وتلاقح الحضارات والثقافات والانسجام بين القوميات والألسن عَبر كل التاريخ الانساني، وترتبط بأرضها خطوط المواصلات الجوية والبرية الدولية لتقصير المسافات بين القارات، وتسريع الوصول إلى “أطراف المعمورة”، وضمن ذلك ارتباطها بمبادرة طريق الحرير الصيني الجديد، كما كان الأمر كذلك لطريق الحرير الصيني الموغل في التاريخ البشري.
لذلك، تُعتبر باكو “نقطة التلاقي القاري”، وجامعةً لكل هذه المَسالك التي تدلف منها التجارة والسياحة ومبادىء المساواة إلى الناس، وتنطلق الثقافات من ترابها صوب عواصم دول كثيرة، إلى حد أن الحكومات الأذربيجانية المتعاقبة والحالية على وجه الخصوص، وعلى رأسها زعيم الدولة السيد إلهام علييف والسيدة الأولى مهربان علييفا، يتابعان شخصياً وبدقة وضع حرية المُعتقد وضمان نشاطات الهيئات الدينية وأتباعها على الأرض الأذرية، سواء للمسيحيين وكنائسهم من أصل روسي أو لغيرهم من أصحاب الأديان والعقائد الدينية.
نأمل أن يَحِل علينا ذلك اليوم الذي سنتمكن فيه من الوصول سريعاً إلى باكو جواً، من خلال خط الطيران الأذربيجاني المباشر، الذي تم الاتفاق بين البلدين الأردن وأذربيجان على افتتاحه قبل جائحة كورونا، ومن خلاله أن نطلع بصورة أشمل وأدق وعلى أرض الواقع على الحقائق الدينية والاجتماعية والفكرية المزدهرة في أذربيجان المسلمة، وكل عام والجميع بخير وعافية وازدهار في أعياد الخير والآمال الكِبار الحالية.