جريدة الدستور الأردنية/
الأكاديمي مروان سوداح*
لم تتوقف السياسة الأمريكية منذ تأسيس الأنجلوسكسون لها عن انتقاد وتهديد وشيطنة مختلف الأنظمة السياسية غير الخانعة، وتلك الرافضة للتذيّل، ووصل الأمر حد غزوها وتحطيم أركانها مادياً ومعنوياً، وقتل قادتها، وتزامن كل ذلك بتكسيرها إعلامياً ومعنوياً، ومحاصرتها دولياً بشتى الذرائع الواهية، التي لا يُقرّها المجتمع الدولي وقوانينه والسلوك الإنساني.
دول عربية عديدة لم تخضع ولم تخنع، فكان التفتيت بالموت والسّحل لها بالمرصاد الأمريكي. لن يَنس العرب كل ذلك، لأنه مُخزّنٌ في ذاكرتنا الجَمعية.
واليوم، مازال «العم سام» الثقيل والهَرِم يتَقَافِز بعكازتيه بين هذه وتلك من الدول، علّه يَفوز من جديد بأرضٍ وثرواتٍ في دولٍ سيّدة على مِثال الصّين، ويَملأ مَكانة تَسند خزينته، وتُديم له مستقبلاً على قارات البسيطة بعد تخلّصه من «الحُمولات البشرية الزائدة» كما يَحلو لأصحاب الاحتكارات وَصْفَ الزيادة السكانية للفقراء والمَسحوقين بهراوات رأس المال التوسعي.
أتعبتنا أمريكا بتصريحاتٍ وفبركاتٍ تكيل الاتهامات للصين على نمط البائد (غوبلز) وزير الاعلام النازي، الذي اشتهر بمقولة خرقاء هي «أكذب وأكذب ليصبح الكذب حقيقة»، ويبدو أن واشنطن مازالت تعيش في أجواء (غوبلز) وزمن الأفيون الإنجليزي، الذي ولّى ومعه أصحابه إلى غير رجعة.
منظمة الصحة العالمية أكدت عدة مرات، وعلى لسان رئيسها بالذات، ومدرائها، أن بكين أبلغتها في حينه بتفشي الفيروس؛ بينما كرّر تشاو لي جيان، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية: «لم يحدث مطلقاً أي تعتيم بشأن تفشي فيروس كورونا في الصين.. فالحكومة لا تسمح بذلك». من ناحيته، كشف سفير جمهورية الصين الشعبية لدى المملكة الاردنية الهاشمية، السيد بان ويفانغ، في بياناته وتصريحاته التي تنشرها (الدستور)، وهو شخصية معروفة لقراء جريدتنا، إذ غدا أحد الناشرين النشطين على صفحاتها: أن الصين بادرت فور اكتشاف الفيروس للإعلان عنه، وإبلاغ منظمة الصحة العالمية به، وقد أشادت (المنظمة) بالصين مؤكدة أن القيادة الصينية بذلت جهوداً ضخمة وتدابير فعّالة في الوقت المناسب للتعامل مع الوباء.. كما ثمّن أمين عام (الصحة العالمية)، تيدروس، جهود الصين عدة مرات، وبيّن أنه من المُثير للإعجاب أن الحكومة الصينية أبدت عزمها السياسي القوي ونصبت نموذجاً جديداً للدول من حيث الوقاية والسيطرة على الوباء.. وبأن إجراءات الصين لا تحمي شعبها فحسب، بل تحمي كذلك الشعوب في العالم أجمع، مما يَعكس كفاءة الصين ومِثالها الجدير بأن يُحتذى ويتم احترامه».
بعد إعلان المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الصينية، هوا تشون ينغ، عن أن بلادها قرّرت التبرع بثلاثين مليون دولار إضافية لمنظمة الصحة العالمية، لمساندتها بتعزيز أنظمة الرعاية الصحية في الدول النامية، التي تعاني من خطر الإصابة بفايروس كورونا، لكونها تحتاج للدعم الصحي؛ عاد الرئيس وعادت وسائل أمريكية إلى جانبه لمهاجمة الصين وإخفاء أهدافها وراء الأكمة.. إن هذه الأنظمة (الأمريغربية) التي تشوّه الآن صورة الصين، هي ذاتها المُشوّهة سمعتنا نحن العرب.. فهي التي سلّمت فلسطين للصهيونية ولصوص التاريخ، وها هي تناور للهروب من الانتقادات الموجّهة إليها بعدم الشفافية في مكافحتها الجادّة للوباء، بتحميل المسؤولية للصين- الدولة التي تُعاني اليوم من هجمة ظالِمة مُطابِقة لهَجمة الأجهزة العميقة الموسادية والغربية في إغتيال الأطباء الصينيين في بلدان آسيا وأفريقيا، الذين ابتعثتهم الصين لإنقاذ شعوب القارتين من الأوبئة في ستينيات القرن المنصرم.
*رئيس الإتحاد الدولي للصّحفيين والإعلاميين والكتّاب أصدقاء الصّين.