CGTN العربية/
تجاوز عدد الإصابات بمرض فيروس كورونا الجديد على مستوى العالم عشرة ملايين حالة يوم الأحد الماضي، كما تجاوز عدد الوفيات نصف مليون شخص منذ بدء الجائحة. في ظل هذه الأرقام الصادمة، يدرك العالم كله بشكل أوضح حجم هذا الوباء وقوته التدميرية، مما يعني أيضا أن حتى الناس والفيروس قد تدخل مرحلة من الجمود أو التصادم.
فما هو وضع الوباء على الصعيد العالمي في الوقت الراهن؟ وما هي التحديات الخطيرة التي سيواجهها الانتعاش الاقتصادي العالمي؟ ومتى سينتهي وباء “كوفيد-19” يا ترى؟
ارتداد تفشي كورونا من جديد في العديد من الدول
في الوقت الحاضر، بدأت بعض البلدان التي خفت فيها حدة وباء “كوفيد-19” في تخفيف بعض التدابير الوقائية واستئناف العمل والإنتاج والحياة الطبيعية تدريجيا. ومع ذلك، عاد الوباء للتفشي من جديد في العديد من الأماكن حول العالم أثناء استئناف العمل والإنتاج، وحدثت الإصابات المجتمعية بشكل متكرر.
وفقا للإحصاءات الصادرة عن المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها يوم السبت من الأسبوع الماضي، فإنه تم تسجيل 44 ألف حالة إصابة جديدة بـ”كوفيد-19″ خلال الـ24 ساعة الماضية في الولايات المتحدة، مما يضع رقما قياسيا جديدا لعدد الحالات المؤكدة الجديدة في يوم واحد مرة أخرى. كما عاد العدد المرتفع من حالات الإصابات لعدة أيام متتالية إلى ذروة تفشي المرض في مطلع أبريل. وأشار محللون إلى أن إعادة تشغيل الأنشطة الاقتصادية بشكل مستعجل وتجاهل التدابير الوقائية وتسييس الوباء هي العوامل الرئيسية لتدهور تفشي الوباء في الولايات المتحدة.
وفي الآونة الأخيرة، كانت هناك أيضا العديد من الإصابات الجماعية في كوريا الجنوبية واليابان، مما أدى إلى عودة تفشي الوباء على نطاق صغير.
هل الموجة الثانية من وباء كورونا قادمة؟
هناك إصابات جماعية جديدة حدثت في بعض البلدان، فهل يعني أن الموجة الثانية من تفشي الوباء التي يقلق منها الناس قادمة الآن؟
قال مايكل رايان، المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ لمنظمة الصحة العالمية في مؤتمر صحفي روتيني مؤخرا، إنه لا يوجد تعريف دقيق لـ”الموجة الثانية” من تفشي الوباء، وإن الإصابات المجتمعية الجديدة المكتشفة في بعض الأماكن لا تعني بالضرورة الموجة الثانية، قد تكون مجرد “ذروة” أخرى في الموجة الأولى.
وقال أنتوني فاوتشي، خبير أمريكي في مجال الأمراض المعدية، في مقابلة أجريت معه مؤخرا: “من شبه المؤكد أن الفيروس سوف يستعر مرة أخرى. لأن انتشاره قوي للغاية وقد اجتاح العالم.” بينما حذر خبراء طبيون في المملكة المتحدة من أن الوباء قد يتكرر وأن مخاطر جولة جديدة من التفشي موجودة بالفعل.
وفي هذا الصدد، شددت ماريا فان كيركوف، المديرة الفنية لبرنامج الطوارئ لمنظمة الصحة العالمية، على أنه من أجل الوقاية من ارتداد تفشي الوباء، يجب أن تكون جميع البلدان مستعدة لتصبح “مركزا” لوباء كورونا إلى حد ما، مضيفا أنه وفقا للدراسة، هناك عدد كبير من الأشخاص لا يزالون معرضين لخطر الإصابة بـ”كوفيد-19″، فيجب أن تكون جميع الدول متيقظة.
الانتعاش الاقتصادي على صعيد العالم سيكون أكثر صعوبة
لقد تسبب الوباء الذي استمر لعدة أشهر في إحداث أضرار شديدة للاقتصاد والتجارة العالمية. يتوقع البنك الدولي أن ينكمش الاقتصاد العالمي بنسبة 5.2% هذا العام، والذي سيواجه أشد ركود منذ الحرب العالمية الثانية. من بينها، سوف يتقلص النشاط الاقتصادي في الاقتصادات المتقدمة بنسبة 7%، وستنكمش الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية بنسبة 2.5%، ويعد هذا أول انكماش منذ السنوات الـ60 الماضية.
كما ذكر صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير أن ذلك بسبب تأثير “الحصار الكبير” الناجم عن الوباء على العرض وتجاوزه للتوقعات، كما يتأثر الطلب بالحفاظ على التباعد الاجتماعي وغيرها من التدابير للوقاية من الوباء والسيطرة عليه.
ويشير تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، إلى أنه من المتوقع أن ينخفض الاستثمار الأجنبي المباشر بشكل كبير في عام 2020 بنسبة 30% – 40% مقارنة بالعام الماضي. وفي أسوأ الحالات، سينخفض المبلغ الإجمالي للاستثمار الأجنبي المباشر على صعيد العالم من 1.54 تريليون دولار أمريكي في عام 2019 إلى 924 مليار دولار أمريكي، لينخفض إلى أقل من 1 تريليون دولار أمريكي للمرة الأولى منذ عام 2005.
في الوقت الراهن، عادت جائحة كورونا من جديد على الصعيد العالمي، ما قد يفاقم المشاكل على الاقتصاد العالمي. ذكر صندوق النقد الدولي أنه بالنسبة إلى البلدان التي تواجه صعوبة في السيطرة على الفيروس، فإن فترة حصار أطول ستضر بنموها الاقتصادي أيضا.
وقال وانغ يى وي، الباحث فى أكاديمية التنمية والاستراتيجية الوطنية بجامعة رنمين الصينية، إن الوباء سيكون “نقطة تحول” فى تطور تاريخ العالم. وتحت ضغوط تفشي الفيروس وما يترتب عليه من التباعد الاجتماعي، وستعتمد التنمية الصناعية المستقبلية بشكل أكبر على إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة والحوسبة السحابية، وما إلى ذلك التكنولوجيا المتقدمة.
وإلى حد ما، فمن يتحكم في تكنولوجيا المعلومات المتقدمة ولديه تفوق في البيانات سيتحكم في الارتفاعات القيادية للمنافسة الصناعية الدولية، وسيكون قادرا على سيادة الثورة التكنولوجية العالمية الجديدة والإصلاح في مجال الصناعات.
متى سينتهي وباء “كوفيد-19” يا ترى؟
وفقا لما تنقله وسائل الإعلام الأمريكية فإن هذا الوباء سينتهي في نهاية المطاف، كما هو الحال مع جميع الأوبئة في الماضي. تنبأ موقع التكنولوجيا الأمريكي بأربع طرق ممكنة لإنهاء الوباء: إذا ما تم ردع انتشار الفيروس بشكل فعال أو طفرته، أو إذا تم تطوير لقاح مضاد فعال، أو أصبح مرضا موسميا.
ويعتقد جوشوا إبشتاين، أستاذ علم الأوبئة في جامعة نيويورك، أنه “من الصعب توقع كيفية تطور فيروس كورونا الجديد في المستقبل. ولكن حتى ولو لم يكن من الممكن توقع تطور هذا الفيروس، يمكن للناس الاستعداد له بشكل جيد. وقال فاوتشي إن فيروس كورونا الجديد لن يختفي من الأرض وقد يتغير مع الفصول.
كما قال وو هاو، خبير من لجنة الخبراء التابعة للجنة الصحة الوطنية، إنه يفهم توقعات الجمهور بـ “أمل أن ينتهي الوباء قريبا”، ولكن من منظور الوقاية من الوباء والسيطرة عليه، قد يكون البشر مستعدين حقا للتعايش مع فيروس كورونا الجديد.