أمريكا لا تحب المسلمين وفلسطين والصين
الأكاديمي مروان سوداح*
لاحَظَ العَالم بأجمعه كيف أن جمهورية الصين الشعبية ومنذ بدء عدوان الإبادة الجماعية الصهيوني لقطاع غزة بشَرًا وحَجَرًا، قد أعلت وزادت من منسوب تضامنها الشامل مع الشعب الفلسطيني وقضيته، وها هي تقف بحزم وقوة إلى جانب حقوقه المشروعة والمُقرة دوليًا في المئات من القرارات الأممية التي لم تَجد للآن أية تطبيقات لها منذ بروز القضية الفلسطينية والكفاح الفلسطيني السلمي والعسكري.
ها هو الكيان الصهيوغربي الاغتصابي نشأةً وواقعًا وسياسةً ونهجًا يواصل عملية تهويد الحرم القدسي الشريف بعد السيطرة على مفاتيحه، برغم إدانات دول وشعوب المَعمورة، ما يؤكد للمرة المليون عداء هذا التشكيل الصهيوني الطارىء لكل الإنسانية وفي مواجهته الشريرة لهِبة الحياة المقدسة للبشر التي منحها رب الكون لجميعنا. وفي هذا السياق لاحظنا تطورًا بالغًا ومحمودًا في مواقف الصين على الصعيد الإعلامي أيضًا، مِمّا أثلج صدور العرب وأحرار العالم وليس الفلسطينيين فقط، إذ ضخّت وسائل الإعلام الصينية الرئيسية، وجميعها رسمية، عددًا ضخمًا من الأخبار والمقالات والتحليلات والمتابعات التي تنتصر للأقصى والقضية الفلسطينية ولفلسطين والفلسطينيين الرازحين تحت نير حِراب المُحتل.
وفي هذا الصدد، لفتت انتباهي الانتقادات الحادة التي كالها التلفزيون الصيني الناطق بالعربية (CGTN) لأمريكا، من ((أن تجاهل إدارة بايدن لحقوق الإنسان الفلسطيني إنما ينتهك مبادئ الشرعية الدولية، بالرغم من أن “حماية حقوق الإنسان” هي راية الدبلوماسية الجديدة للحكومة الأمريكية الحالية. وبناءً على المعلومات الكاذبة والافتراءات المقصودة أعلنت إدارة بايدن أن المسلمين في شينجيانغ الصينية تعرّضوا لـ”الإبادة الجماعية”، ولكنها تتعامى عن انتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني وطرد الشعب الفلسطيني من أراضيه. هذه المعايير المزدوجة إضافة إلى مظاهر النفاق أمور غير مقنعة في هذه الأزمة)).
وأضاف التقرير الصيني: ((إن الولايات المتحدة قوة عظمى أنانية للغاية، فعند اخْتِيارها بين الأخلاق الدولية والمصلحة الذاتية السياسية الأمريكية، فإنها تختار الأخيرة بشكل صارخ، وتُجبِر المجتمع الدولي على التعوّد على وقاحتها. غالبًا ما صوتت الولايات المتحدة بشكل منفصل لصالح “إسرائيل” بشأن القضية الفلسطينية ضد الدول الأخرى الأعضاء)).
متابعات (CGTN) العربية للعدوان الصهيوني على فلسطين والتحليلات الجريئة لخبرائه السياسيين وبالذات من خلال المُعلِّق السياسي الصيني المعروف (لي) ومن خلال موقع “شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية”، تستدعي منّا نحن العرب مُلاحقتها ومُتابعتها، فقد تحدث (لي) عن “مآسي الحرم القدسي الشريف والقضية الفلسطينية”، إذ قال، إن المآسي التي شهدها الحرم القدسي الشريف أثناء عيد الفطر المبارك، لخير دليل على شرعية التساؤلات التي منها ((ألا يحق للإنسان أن يسكن ويحتفل بالعيد المبارك في أرضه؟)). واستطردَ: ((أستغربُ أن هناك دولًا مثل أمريكا وبريطانيا مثلًا “تدافع” عن حقوق الإنسان خصوصًا المسلمين، وتساءَل “لي”: لكن أين هي هذه الدول التي لم تدافع عن الفلسطينيين عندما سقط المئات منهم بين قتيل وجريح بمَن فيهم أطفال، ونتساءل: هل هي حقيقةً تحرص على حماية المسلمين؟! ويَزيد مُحدثنا مستطرداً: يَعلم أي عاقل أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية الأولى للعرب.
لن تنعم المنطقة بالسلام والأمن ولو ليوم واحد ما لم تُحل هذه القضية. لكن للأسف أن هذه القضية تعرّضت للتهميش المتزايد.. ولهذا، أشار باحثون صينيون إلى أنه يجب على الولايات المتحدة تحمل المسؤولة عَما حدث من الصراعات الأخيرة بين فلسطين والاحتلال. كيف لا يمكنها ذلك؟:
-أمريكا كوسيط تنحاز كثيرًا للاحتلال! ما هي أول دولة نقلت سفارتها إلى القدس باعتبارها عاصمة موحدة لإسرائيل؟ إنها أمريكا.
– تَعتبر بناء المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة شرعي؟
-هل نسيتم ما قاله الزعيم الراحل ياسر عرفات في الأمم المتحدة عام 1974؟: “ولأن هنا بينكم وأعني الولايات المتحدة الأميركية وغيرها، مَن يُموّن عدوّنا بطائراته وقنابله وكل أدوات الفتك والتدمير، ويقف منّا موقف العداء ويتعمّد تشويه حقيقة المشكلة، كل ذلك على حساب الشعب الأميركي)).
ويَخلص التعليق السياسي الصيني إلى أنه ((وبعد مرور أكثر من 70 عامًا من استمرار نكبة العرب، نرى أن أراضي فلسطين تقلّصت من قطعة كبيرة كاملة إلى ما توصف بـ”قطعة جبنة سويسرية” من دون تواصل جغرافي. فهل نستطيع فعلًا العودة إلى عام 1967؟)).
*كاتب متخصص بالشؤون الصينية.
…
تحليل ووصف رائع ودقيق لواقع الحال الراهن للقضية الفلسطينية، وموقف الصين المؤيد والمساند والداعم للحق الفلسطيني والقضية العادلة للشعب الفلسطيني، واتفق تماما مع حضرتك فيما يتصل بموقف الإعلام الصيني القوي تجاه الحق الفلسطيني، وهو ما يحتاج منا إلى التركيز عليه وتبيان وتحليل مضامينه وأبعاده، لاسيما وأن الإعلام الصيني بكافة قنواته ووسائله يمتلك تأثيرا كبيرا على المستوى الدولي، ومن ثم، يمكنه التأثير على رؤى وتوجهات الرأي العام الغربي، المنحاز – من خلال وسائل إعلامه غير المحايدة، للكيان الصهيوني. تحياتي لحضرتك أستاذ مروان، وما تطرحه من رؤى وأفكار تصب في صالح خدمة قضايا الأمة، ولاسيما قضيتها المركزية، القضية الفلسطينية.