شبكة طريق الحرير الاخبارية/
يحتفل الصينيون بعامين جديدين كل سنة، الأول في 1 يناير، مثل شعوب كثيرة عبر العالم، والآخر العام الصيني الجديد ويُعرف باسم عيد الربيع، الذي يعد أهم يوم في التقويم الصيني. كما أنه الاحتفال الأكثر أهمية في الصين والعديد من الدول الآسيوية الأخرى، بما في ذلك ماليزيا وسنغافورة. ويتميز الاحتفال بظهور العناصر الثقافية والطقوس المختلفة يومياً على مدار المهرجان الذي يستمر لمدة أسبوعين، والذي عادة ما يبلغ ذروته عشية عيد الربيع.
يصادف عيد الربيع لهذا العام يوم 10 فبراير. ووفقًا لدائرة الأبراج الصينية، وهي دورة مدتها 12 عامًا يمثل كل عام فيها حيوانًا معينًا، فإن عام 2024 هو عام التنين!
وبالنسبة لمعظم الصينيين، يمثل “والملبس والمأكل والمسكن والنقل والترفيه” بشكل كامل احتياجاتهم الأساسية وآمالهم في حياتهم المستقبلية. وفيما يلي بعض الحقائق المثيرة للاهتمام التي ربما لا تعرفها عن هذا المهرجان الكبير!
الملبس– ملابس عيد الربيع الجديدة
يعد ارتداء الملابس الجديدة تقليدًا تاريخيًا لعيد الربيع. ووفقاً لـمذكرات ” أحلام روعة العاصمة الشرقية” كتبها منغ يوان لاو (حوالي 1090-1150)، والتي تحتوي على صور موثوقة للثقافة الصينية الغنية، فإن الشعب الصيني يرتدي ملابس جديدة في اليوم الأول من عيد الربيع، حيث يعتبر التقليد بمثابة بداية جديدة، وحظا سعيدا للعام الجديد.
في الماضي، كانت العائلات النبيلة ترتدي الفساتين والأردية الحريرية، بينما العائلات الفقيرة تستخدم الأقمشة الخشنة لصنع ملابس جديدة. كما أن معظم الملابس كانت باللون الأحمر، حيث كان الناس يعتقدون أن هذا اللون يمكن أن يطرد الأرواح الشريرة ويحميهم منها. وبالنسبة للأطفال، يتم ايضاً استخدام زخارف على شكل نمر على القبعات والأحذية لحمايتهم من الأرواح الشريرة، مما يسمح لهم بالنمو بشكل أقوى وأكثر صحة.
لقد كان ارتداء ملابس جديدة لعيد الربيع من طقوس المهرجان المهمة للغاية. في العصور القديمة، لم يكن لدى الشعب الصيني الفقير ما يكفي من المال لشراء ملابس جديدة بانتظام كما يفعل اليوم. وقد منحهم مهرجان الربيع فرصة للاستمتاع بأنفسهم وتحقيق رغبتهم في السعي وراء الجمال. وعلى الرغم من أن الناس في العصر الحديث يمكنهم بسهولة الحصول على ملابس جديدة وقتما يريدون، إلا أن ارتداء ملابس جديدة يظل تقليدًا مهمًا لعيد الربيع ويمثل بداية جديدة لسنة سعيدة.
المأكل – عشاء لم شمل العائلة في عيد الربيع
يعد عشاء لم شمل العائلة في عيد الربيع حدثًا ذا أهمية ثقافية كبيرة، وهو تقليد عمره 4000 عام انتقل عبر الأجيال في الصين. وعادة ما يتضمن عشاء لم شمل العائلة في عيد الربيع وليمة دسمة، كما انه سجل تاريخي للتقاليد والثقافة الصينية، حيث يحتوي كل طبق على رمزية ميمونة خاصة به.
ووفقًا لـسجلات جينتشو، وهي الموسوعة الصينية للعادات الشعبية خلال القرنين السادس والسابع، فإن عشاء لم شمل العائلة يقام عادة في أو بالقرب من منزل أكبر عضو في الأسرة، في حين يعمل جميع أفراد الأسرة معًا لتحضير وليمة. وبالنسبة للعائلات الصينية، تعتبر الأسماك جزءًا لا غنى عنه على طاولة عشاء لم شمل العائلة، لأن هناك تشابها بين نطق كلمتي سمك وفائض في اللغة الصينية.
وبالنسبة للشعب الصيني، من الجيد دائمًا أن يكون هناك فائضا من الخيرات لينعم بها الفرد في السنة القادمة. كما ان اختيار النوع المناسب من الأسماك مهم ايضاً. حيث غالباً ما يتم استخدام سمك الشبوط(鲫鱼, jiyu) والكارب الطيني الصيني(鲤鱼,liyu)في تحضير عشاء لم شمل العائلة، حيث أن نطق أول حرف من كلمة سمك الشبوط يعني “البركة” (吉,ji)في اللغة الصينية، والذي يعني الحظ السعيد، في حين أن نطق الحرف الأول من كلمة الكارب الطيني الصيني يعني “هدية”(礼,li)في اللغة الصينية.
ومع تحسن مستويات معيشة الشعب بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، يفضل المزيد من الصينيين تناول عشاء ليلة السنة الجديدة في الخارج بدلاً من الطهي في المنزل، كما أتاحت تقنيات الإنترنت الأكثر تقدمًا للأشخاص طلب أطباق غير مكتملة عبر الإنترنت، أو حتى دعوة أحد الطهاة للمساعدة في المنزل. وقد يكون شكل عشاء لم شمل العائلة تغير كثيرا، لكن جوهر الحب العائلي لا يزال يدفئ قلب كل صيني.
المسكن- ملصقات عيد الربيع
كما ذكرنا سابقًا، يمثل عيد الربيع بداية جديدة ومنعشة. تقليديا، يعد المنزل أهم مكان للشعب الصيني، لذا فإن الحفاظ عليه نظيفا ومرتبا يعد جزءا حاسما من الاستعدادات لعيد الربيع. وسواء كانت فيلا جميلة أو كوخًا صغيرًا في القرية، فإن ربة الأسرة تأخذ زمام المبادرة دائمًا في إجراء تنظيف شامل للمنزل قبل عيد الربيع، كما يساعد أفراد الأسرة في الأعمال المنزلية ايضاً، مع التأكد من أن يتم التخلص بشكل صحيح من القذارة والغبار لمدة عام، بحيث يتم توفير مساحة للحظ السعيد. وبعد التنظيف، يتم تزيين كل المنزل بعقد صينية حمراء زاهية، وقصاصات ورق نافذة، وصور عليها كلمة “السعادة”(福) في المنتصف، بالإضافة إلى الفوانيس والملصقات الحمراء.
كما يعد لصق الملصقات الحمراء على الأبواب تقليدًا نشأ خلال الأسر الخمس (907-960)، ولا يزال يمثل جانبًا مهما من الثقافة الصينية. ففي العصور القديمة، كان الناس يعلقون أغصانًا قصيرة من شجرة الخوخ على الأبواب لطرد الأرواح الشريرة. وفي وقت لاحق، تم استبدال الفروع بألواح خشبية عليها حروف صينية، والتي أصبحت فيما بعد قطعة من الورق الأحمر مع سطر من كلمات الترحيب بالعام الجديد. كما أصبحت مسابقة لعبة الملصقات الأدبية ذات الشعبية لدى المتحدثين الصينيين، وتتطلب مهارة لفظية وفكرية، بينما ينبغي أن يكون الكاتب متمتعا بمهارات متقدمة في الخط لجعل المقاطع أكثر جاذبية.
النقل- ذروة السفر لعيد الربيع
يخصص اليوم الأول من عيد الربيع لأفراد الأسرة على وجه التحديد. وبعد ذلك يقوم الناس بزيارة أقاربهم وأصدقائهم، ويتبادلون التهاني والهدايا، ويُعرف هذا باسم “زيارة العام الجديد”.
وفي العصر الحديث، يعيش جيل الشباب عادةً في المدن الكبرى بعيدًا عن مسقط رأسهم. ما يعني أن اقتراب عيد الربيع يمثل بداية أكبر هجرة سنوية في العالم، والمعروفة باسم تشونيون، حيث تجمع أفراد الأسرة معًا على الرغم من المسافات الطويلة.
وسوف تستمر ذروة السفر، وهي عادة فترة ارتفاع الطلب على وسائل النقل مع عودة الناس إلى ديارهم للم شمل الأسرة، سوف تستمر من 26 يناير الى 5 مارس من هذا العام، بينما سيوافق عيد الربيع، أكبر مهرجان في الصين يوم 10 فبراير الجاري.
وحسب ما ذكرته وزارة النقل الصينية يوم 16 يناير، فإنه من المتوقع أن تشهد البلاد رقما قياسيا يبلغ 9 مليارات رحلة ركاب خلال ذروة السفر السنوية لعيد الربيع هذا العام.
وقال لي يانغ، نائب وزير النقل الصيني، إنه من المتوقع أن تصل رحلات الركاب عبر السكك الحديدية والطرق السريعة والممرات المائية والطيران المدني إلى 1.8 مليار خلال هذه الفترة.
وستكون حوالي 80% من الرحلات عبارة عن رحلات ذاتية القيادة، والتي من المرجح أن تصل إلى مستوى جديد.
لقد جعل حجم السفر الثقيل من الصعب جدًا شراء تذاكر القطار. وقد قامت سلطات النقل بالفعل بتطوير تطبيقات الهاتف المحمول ومواقع الويب لمساعدة الأشخاص في الحصول على التذاكر، في حين يمكن للأشخاص الذين ليسوا على دراية بالتقنيات الحديثة أيضًا استخدام وسائل أكثر تقليدية لشراء التذاكر، بما في ذلك زيارة الأكشاك أو طلب التذاكر عبر الهاتف.
وفي محاولة لتجنب الاندفاعات خلال السفر، تخلت العديد من العائلات عن الطريقة التقليدية للاحتفال بالعيد في المنزل. حيث اختار بعض أفراد الأسرة الذين يعيشون في مدن مختلفة موعدًا أقل ازدحامًا، مثل القرى الصغيرة أو المواقع السياحية، للاحتفال بالمهرجان على الطريق، ويُطلق على هذا الاتجاه الجديد اسم “اندفاع السفر العكسي في مهرجان الربيع”.
الترفيه- حفل عيد الربيع لمحطة تلفزيون الصين المركزي (CCTV)
قد تكون مشاهدة حفل عيد الربيع الذي تبثه محطة تلفزيون الصين المركزي (CCTV)أحدث تقليد لعيد الربيع في الصين، حيث تم عرض الحفل الأول في عام 1983. وعلى الرغم من انخفاض نسبة المشاهدة في السنوات الأخيرة، إلا أنه لا يزال يمثل أهمية كبيرة للعديد من الناس. ويتميز البث المباشر لمدة 4.5 ساعة بالموسيقى والكوميديا والرقص والأوبرا والعروض البهلوانية، كما أن جرس العام الجديد في الحفل التلفزيوني هو الإعلان الرسمي عن بداية العام الجديد.
تقليديا، يعد الحصول على مصروف الجيب ” العيدية” في مظروف أحمر هو أبرز ما يميز المهرجان بالنسبة للأطفال. وبفضل التقنيات الجديدة، يمكن للأشخاص الآن إرسال بطاقات تهنئة إلكترونية وميمات ممتعة وأموال من خلال تطبيقات المراسلة الفورية، بينما تقوم العديد من منصات التسوق عبر الإنترنت، مثل تاوباو، بتصميم ألعاب محمولة ممتعة للمستخدمين، وحثهم على جمع المظاريف الحمراء الإلكترونية للحصول على أموال حقيقية.
كما اغتنمت العديد من شركات الإنترنت الصينية الفرصة لمشاركة سعادة المهرجان مع مستخدميها. ووفقًا لإحصائيات غير كاملة من ويتشاد، أرسل مستخدمو الإنترنت الصينيون أكثر من 4 مليارات مظروف أحمر من خلال التطبيق خلال العام الصيني الجديد في عام 2023.
http://arabic.people.com.cn/n3/2024/0202/c31656-20130297.html