عرف العرب منذ القدم التمر وفوائده، وشاعت زراعة نخيل التمر بسبب توفر المناخ الملائم، بالإضافة إلى ارتفاع الطلب عليه. وتنمو أشجار نخيل التمر بشكل جيد حاليا في قاعدة لزراعة نخيل التمر في مدينة ونتشانغ بمقاطعة هاينان جنوبي الصين. وبعد كل بضعة أيام، يأتي باحثون زراعيون صينيون إلى هنا لمراقبة نمو هذه الأشجار وتسجيل ملاحظاتهم.
وتوصلت الصين والإمارات العربية المتحدة عام 2019 إلى توافق تبرّعت من خلاله الإمارات بـ100 ألف شجرة من نخيل التمر للصين. وفي ديسمبر عام 2021، تم بشكل رسمي تسليم الدفعة الأولى المكونة من 1500 شتلة من تسعة أصناف واختبار زراعتها في معهد بحوث جوز الهند التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الزراعية الاستوائية بمدينة ونتشانغ. والجدير بالذكر أنه بفضل الرعاية الدقيقة من جانب الباحثين الصينيين، بلغ معدل بقاء هذه الشتلات 92.87 في المائة، ومن المتوقع أن تؤتي أشجار النخيل ثمارها لأول مرة في العام المقبل.
ويساعد إدخال شتلات نخيل التمر في تنوع المحاصيل بالصين، ويجلب المزيد من الفرص للتعاون العلمي والتقني بين الصين والدول العربية في مجالات الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي والبيئة الإيكولوجية.
وقال شيوي تشونغ ليانغ، مدير مكتب أبحاث نخيل التمر بالمعهد المذكور، “إن نخيل التمر مقاوم للتربة القاحلة والجفاف، ولذلك له قيمة ترويجية في المناطق ذات الظروف الطبيعية القاسية مثل الوديان الجافة والحارة بالصين”، مشيرا إلى أن صناعة التمر لا تحقق فوائد اقتصادية فحسب، بل يمكنها أيضا دفع زيادة دخل المزارعين وتحسين البيئة الإيكولوجية المحلية.
وبالنسبة إلى الصين، فإن تحديد أصناف نخيل التمر التي سيتم إدخالها ومناطق تطوير صناعة التمر أمر بالغ الأهمية. وبهذا الصدد، خططت الصين لإدخال 100 ألف شجرة من نخيل التمر على ثلاث مراحل. وفي المرحلة الأولى، سيتم اختبار الزراعة في مناطق مختلفة وتسجيل سمات الجودة والصفات الاقتصادية للأصناف المختلفة من نخيل التمر. وفي المرحلة اللاحقة، سيتم توسيع نطاق الزراعة التجريبية، وإجراء بحث شامل حول مكافحة الآفات والأمراض وإدارة المياه والأسمدة والمعالجة عالية القيمة وغيرها من التقنيات لنخيل التمر، بما يشكل نظام تكنولوجيا إنتاج موحدا. وفي المرحلة النهائية، سيتم تطوير صناعة التمر على نطاق واسع في مناطق مختارة.
وكذلك، تساعد التكنولوجيا الصينية على الارتقاء بنوعية وكفاءة صناعة التمر المحلية في الدول العربية. وأرسلت الأكاديمية الصينية للعلوم الزراعية الاستوائية فريقا تقنيا إلى الإمارات عام 2015 لتبادل خبرات رصد سوسة النخيل الحمراء والوقاية منها والسيطرة عليها. وفي مارس العام الجاري، وقعت الأكاديمية المذكورة ووزارة التغير المناخي والبيئة الإماراتية ومجلس أمناء جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي على مذكرة تفاهم بشأن التنمية المستدامة لزراعة نخيل التمر في أبو ظبي، حيث يعمل الجانبان الصيني والإماراتي على بحث علمي مشترك حول أنظمة إعادة إحياء نخيل التمر والتحول الوراثي، والتربية البيولوجية الحديثة، والوقاية من الآفات والأمراض الرئيسية والسيطرة عليها.
وبدورها، قالت تشانغ نينغ، نائبة مدير مكتب أبحاث نخيل التمر بالمعهد المذكور، إن تربية شتلات نخيل التمر التقليدية تعتمد على تكاثر الأشطاء، ولكن كل شجرة لا يمكنها إنبات إلا من 15 إلى 25 شطء، وكذلك من الصعب ضمان الصفات الممتازة لنخيل التمر، مضيفة إلى أن التكنولوجيا الأكثر تقدما حاليا هي تكنولوجيا استزراع الأنسجة النباتية التي طورتها بعض الدول الغربية، أي تربية الشتلات عبر أخذ خلية جسدية من شجرة النخيل الأم من خلال التكاثر اللاجنسي، ولكن التكاليف العالية لهذه الطريقة قد حدت من القدرة الإنتاجية على تربية الشتلات في الدول العربية الكبرى المنتجة للتمور.
وفي السنوات الأخيرة، قام فريق أبحاث نخيل التمر بالمعهد المذكور بتطوير نظام تكنولوجيا استزراع الأنسجة النباتية لتربية شتلات نخيل التمر. وقالت تشانغ “يعمل فريقنا على خفض التكاليف بشكل أكثر وتحسين تكنولوجيا استزراع الأنسجة النباتية على أساس خصائص الأصناف المختلفة لنخيل التمر. وبناء على ذلك، نقوم بالتعاون التقني مع الدول العربية مثل الإمارات ومصر”.