CGTN العربية/
إن التفشي المفاجئ لوباء فيروس كورونا الجديد هو “اختبار لحقوق الإنسان” تواجهه البلدان في جميع أنحاء العالم. ويعد اتخاذ تدابير علمية للوقاية من الأوبئة ومكافحتها وبذل كل الجهود الممكنة لحماية حياة الشعوب وصحتهم هي مسؤولية حقوق الإنسان التي يجب أن تتحملها الحكومات في جميع البلدان. ومع ذلك، فإن استجابة الحكومة الأمريكية غير الفعالة للوباء تسببت في إصابة أكثر من مليوني أمريكي بفيروس كورونا الجديد وأكثر من 110 ألف حالة وفاة. وعلاوة على ذلك، فإن المشاكل الاجتماعية والاستقطاب بين الأغنياء والفقراء والتمييز العنصري والحماية الغير كافية لحقوق ومصالح الفئات الضعيفة في الولايات المتحدة كشفت بشكل واضح عن تلك الحقيقة، مما تسبب في سقوط المواطن الأمريكي في “انتكاسة” خطيرة لحقوق الإنسان.
في مواجهة الحياة، المال “يقرر” الحياة والموت
في بداية تفشي فيروس كورونا الجديد، تباطأت الحكومة الأمريكية في اتخاذ إجراءات الوقاية من الوباء ومكافحته، حتى الـ13 من مارس الماضي حين أعلنت الولايات المتحدة حالة الطوارئ بسبب الوباء، وكانت تكلفة ذلك عشرات الآلاف من الوفيات. هذه بلا شك مفارقة محزنة للولايات المتحدة التي تمتلك أقوى اقتصاد وتكنولوجيا عالميا وكذلك أكثر البلاد وفرة في الموارد الطبية.
في الولايات المتحدة، هناك تفاوتات خطيرة في المجتمع. يعود تشكيل نظام عدم المساواة المترسخ إلى أن الحكومة الأمريكية والأحزاب السياسية قد تم التلاعب بها منذ فترة طويلة من قبل “مجموعات المصالح”، وأصبحت غير قادرة على صياغة أو تنفيذ سياسات الضرائب والصناعة والضمان الاجتماعي التي تعزز العدالة الاجتماعية. ليكشف الوباء بشكل أكبر عن عدم المساواة بين الطبقات الاجتماعية والاقتصاد في المجتمع الأمريكي.
يمكن لأبناء الطبقة الغنية الحصول على مجموعات اختبار كوفيد-19. العدوى الفيروسية لا تفرق بين الأغنياء والفقراء، ولكن مجموعات الاختبار المحدودة والموارد الطبية لا يمكن أن يتمتع بها الجميع بشكل عادل في الولايات المتحدة. أفاد موقع نيويورك تايمز في الـ19 من مارس الماضي أن العديد من الأمريكيين الأثرياء يمكنهم الحصول على مجموعات اختبار كوفيد- 19 على الرغم من نقص مجموعات الاختبار حتى لو لم يكن يظهر عليهم أعراض الإصابة.
على العكس، يواجه أبناء الطبقة الفقيرة مخاطر أكبر من ذلك. فقد زاد الوباء من صعوبة ظروفهم المعيشية، مما عمق الاستقطاب الاجتماعي بين الأغنياء والفقراء. وفقًا للتقرير الصادر عن قناة سي بي إس الأمريكية في عام 2019، كان هناك ما يقرب من 40% من الأمريكيين لا يستطيعون تحمل 400 دولارًا من النفقات غير المتوقعة، ويتعين على 25% من الأمريكيين التخلي عن تلقي العلاج اللازم لهم لعدم قدرتهم على تحمل نفقات العلاج.
يضع معدل البطالة الآخذ في الارتفاع الطبقة العاملة في أزمة بقاء. فوفقا للبيانات الصادرة عن وزارة العمل الأمريكية في الـ28 من مايو الماضي، فإن العدد التراكمي لمطالبات البطالة لأول مرة في الولايات المتحدة في الفترة ما بين الـ15 من مارس و الـ23 من مايو وصل نحو 40.8 مليون. في مواجهة ارتفاع معدل البطالة الناجم عن الوباء، وبسبب التمييز الطبقي طويل الأمد بين الأغنياء والفقراء والتمييز الهيكلي، تضاءلت قدرة الطبقة العاملة الأمريكية على مقاومة المخاطر بشكل كبير.
حقوق الإنسان في الولايات المتحدة “آيلة للسقوط”
التمييز العنصري هو مرض مزمن يتفشى في أطراف المجتمع الأمريكي. منذ عام 2016، انتعشت سيادة البيض في الولايات المتحدة، وازداد التمييز العنصري. أدت التوترات الاجتماعية التي جلبها وباء فيروس كورونا الجديد وخاصة التوزيع غير المتكافئ للموارد المحدودة لمكافحة الوباء وغيرها من المشاكل إلى تعميق شروخ التمييز ضد الأقليات مثل الآسيويين والأفارقة واللاتينيين من قبل “الأغلبية” في الولايات المتحدة.
في الـ25 من مايو الماضي، قام أربعة من رجال الشرطة في ولاية مينيسوتا بتطبيق القانون باستخدام “العنف المفرط” وقتلوا رجلا أسود. كان هذا الحادث مثل الشرارة التي اشعلت نيران استياء وغضب الشعب الأمريكي ضد التمييز العنصري ووباء فيروس كورونا الجديد، وأثار بسرعة موجة من الاحتجاجات في الولايات المتحدة. في الواقع، لم يكن هذا الحادث هو الأول من نوعه في الولايات المتحدة، فالتمييز العنصري ضد الأقليات مثل الآفارقة وغيرهم منتشر في المجتمع الأمريكي. والآن، إلى جانب الوباء، أصبح وضع الأمريكيين من أصحاب الأصول الأفريقية أكثر صعوبة.
لقد تسبب الوباء بالفعل في جعل حياة الطبقة الفقيرة في الولايات المتحدة أكثر صعوبة، وأشعل تطبيق القانون باستخدام “العنف المفرط” من قبل الشرطة غضب الجمهور، وخاصة الأمريكيين من أصول أفريقية. الوباء والاحتجاجات مرآتان، يعكسان للعالم أجمع الجانب “الأسود” للولايات المتحدة في قضايا حقوق الإنسان.