CGTN العربية/
ضربت جائحة كورونا الاقتصاد العالمي بشدة، وألقت بظلال من الشكوك وعدم الثقة للعالم، حتى أنها أدت إلى تعطيل نظام سلسلة التوريد العالمي وخلقت فجوات جديدة للعولمة الاقتصادية. في الوقت الراهن، ينتظر العالم بأسره اللقاح المضاد لـ”كوفيد-19″، الذي يعد أداة حاسمة لإنهاء الحجر الصحي وإنعاش الاقتصاد ومكافحة الوباء.
كيف تتم عملية تطوير اللقاح؟ ما هي الصعوبات التي تواجهها هذه العملية؟ متى ستظهر اللقاحات “الآمنة والفعالة” في أقرب وقت ممكن؟ كم عدد اللقاحات المطلوبة على وجه الإجمال؟ هل يمكن إنتاج اللقاح بكمية كافية؟
أهمية اللقاح.. ركيزة للعودة إلى فترة “ما قبل الجائحة”
يعد تطوير اللقاح ضد فيروس كورونا سباقا مع الزمن يشارك فيه العالم كله.
قال شيونغ سي دونغ، خبير علم المناعة الصيني: “إذا لم يكن هناك اللقاح، فكل ما يمكننا فعله هو السيطرة على مصدر الفيروس ومنع انتشاره. في الوقت الراهن، التدبير الذي يثبت فعاليته هو العزلة الاجتماعية بشكل صارم”.
وقال هوانغ يان تشونغ، خبير الصحة العامة الأمريكي إن السياسة العامة الجيدة يجب أن تحقق التوازن بين حماية صحة الشعب ومحاولة تخفيف تأثير الجائحة على المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية عندما تسمح الظروف بذلك. ولكن الآن لا يوجد لقاح مضاد للمرض وأدوات للسيطرة على خطر انتشاره، ويجب أن يكون تعديل إستراتيجيات الوقاية من الوباء والسيطرة عليه حذرا للغاية.
لذلك، يرى الكثيرون أن اللقاح هو الأمل الوحيد في عودة الحياة الطبيعية. من أجل تحقيق هذا الهدف، تعمل جميع البلدان ومختلف المنظمات في أنحاء العالم بالفعل معا. وفقا للبيانات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، يتم تطوير أكثر من 120 لقاحا مرشحا، وعشرة لقاحات مضادة لـ”كوفيد-19″ هي قيد التجربة السريرية، وخمسة منها تم تطويرها من قبل الشركات والمؤسسات الصينية.
من المرجح أن يكون الطلب على اللقاحات موجودا لفترة طويلة. في الوقت الحاضر، يعتقد معظم علماء الأوبئة أنه من غير المرجح أن يختفي فيروس كورونا الجديد فجأة مثل السارس، ولكن سيظل موجودا بين الجموع لفترة طويلة. سيكون هناك صراع طويل الأمد بين البشر وفيروس كورونا الجديد. حيث يعد اللقاح آمالا للجميع لمكافحة هذا الفيروس شديد العدوى والذي ينتقل بسهولة بين الناس. لا يمكن تحقيق الاستقرار بكل معنى الكلمة إلا من خلال اللقاحات لتحقيق “مناعة القطيع”.
الصعوبات أمام عملية تطوير اللقاحات
يتساءل معظمنا: “متى يمكننا الحصول على اللقاح المضاد لـ”كوفيد-19″؟”
من وجهة نظر علمية دقيقة، فإن الإجابة العامة التي يقدمها المجال الطبي هي أنه لا أحد يعرف الوقت المحدد. حتى ولو أن “رواد” في تطوير اللقاحات بدأوا التجارب السريرية، لكنهم ما يزالون في مرحلة مبكرة للغاية.
قال أحد الخبراء أنه وفقا للإجراءات التقليدية، يستغرق اللقاح للانتقال من مرحلة إجراء الاختبارات عليه في المختبرات إلى مرحلة الاستخدام من ثمانية إلى 17 عاما.
إن تطوير اللقاح المضاد لـ”كوفيد-19″ سريع جدا بالفعل، حيث منذ أن أعلنت الحكومة الصينية عن تسلسل الجينومات الكامل لفيروس كورونا الجديد في 10 يناير بالعام الجاري حتى الآن، دخلت عشرة لقاحات مرحلة التجارب الإكلينيكية خلال ما يقارب أربعة أشهر. فيما يتعلق بالوضع الحالي للتطوير، هناك تخمين شائع نسبيا في صناعة المستحضرات الصيدلانية الطبية هو أن تطوير لقاح آمن وفعال قد يستغرق من 12 إلى 18 شهرا.
وتتمثل الصعوبة الأكبر في أنه بالإضافة إلى السعي إلى السرعة، يجب أن تكون آمنة وفعالة. وأكد مسؤول من منظمة الصحة العالمية مرة أخرى أنه لا يمكن تقليل أهمية أي خطوة أو إجراء إلا بموجب معايير آمنة وفعالة.
وفي الوقت نفسه، يعني ذلك استثمارا ضخما، ووفقا لتقديرات المنظمات الدولية، فإن حجم الاستثمار العالمي في تطوير اللقاحات سيتجاوز ملياري دولار أمريكي خلال السنة القادمة.
ما هي الكميات المطلوبة؟
على عكس الأدوية الأخرى، يعد تطعيم اللقاح إجراء من إجراءات الصحة العامة، ولا يمكن تحقيق الهدف المطلوب بوقف انتشار الوباء إلا من خلال التعطيم على نحو واسع.
قال يانغ شياو مينغ، رئيس المعهد الوطني للقاحات والأمصال، إنه إذا لم يكن من الممكن إنتاج اللقاحات بكميات كبيرة، فلا يمكن أن يتوقف انتشار الفيروس بين الجموع، كما لا يمكن يمنع انتشار الوباء.
تلعب اللقاحات دورا حاسما في الوقاية من الأمراض المعدية والسيطرة عليها، لتمكين نسبة كبيرة من الناس من الحصول على المناعة اللازمة، وبالتالي تقليل معدل انتشار الوباء. يتوقع الخبراء أن المتطلبات الأساسية لتحقيق هذا الهدف هي أن يغطي اللقاح أكثر من 70% من السكان. بالنظر إلى أن مرض “كوفيد-19” انتشر في جميع أنحاء العالم وهو يستهدف جميع السكان بسب سهولة انتقال العدوى، فإن عدد اللقاحات المضادة له التي يحتاجها العالم سيكون عددا كبيرا.
يعتقد بيل غيتس أن العالم يحتاج إلى ما لا يقل عن سبعة مليارات جرعة من اللقاحات في النهاية. في هذا الصدد، يفضل المتخصصون في المجال الطبي اعتبار أن ما قاله غيتس ” نظرية”. وفقا لإحصاءات عام 2019، يبلغ إجمالي عدد سكان العالم حوالي 7.6 مليار نسمة. حيث إن الحالة المثالية هي أنه يمكن تلقيح الجميع وأن يصبح الجميع محصنين ضد مرض “كوفيد-19”.
التعهدات الصينية بأن يكون اللقاح منفعة عامة عالمية
كما أصبحت مسألة العدالة في تطوير اللقاحات قضية مهمة. ففي 24 أبريل، أطلقت منظمة الصحة العالمية والشركاء العالميون مبادرة مشتركة لهذا الغرض: أي الالتزام باستخدام اللقاحات للحد من سرعة انتشار فيروس كورونا الجديد وتقليص معدل الوفيات، وتسريع عودة المجتمع إلى طبيعته، ولا ينبغي أن يتركز في أيدي دول قليلة فقط.
وكانت الصين من أوائل الدول التي استجابت للمبادرة، وخلال انعقاد الدورة الـ73 لجمعية الصحة العالمية في 19 مايو، وعدت الصين أنه ستجعل لقاحها المضاد لـ”كوفيد-19″ منفعة عامة عالمية عندما يكون جاهزا للتطبيق بعد تحقيق النجاح في البحوث والتطوير ووضعه قيد الاستخدام، لتقديم مساهمة الصين في تحيقيق توفير اللقاح في البلدان النامية.