شبكة طريق الحرير الاخبارية/
بقلم: كونول نوراللهييفا
عضو البرلمان الأذربيجاني، عضو الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا
عضو المجلس التنفيذي للاتحاد الرياضي للتضامن الإسلامي
ممثلة أذربيجان في منظمة القيادات السياسية النسائية
دشنت زيارة الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد إلى أذربيجان، والمناقشات التي دارت في باكو مع الرئيس إلهام علييف وكبار المسئولين الأذربيجانيين، والوثائق الموقعة بين البلدين، كل ذلك شكل مرحلة جديدة في العلاقات المتنامية بين البلدين، وأعطت أسبابًا منطقية للقول إن فرصًا جديدة قد تم تهيئتها لتطوير علاقات التعاون بين العراق وأذربيجان.
كما هو معروف، أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين العراق وأذربيجان منذ عام 1992، وكان العراق من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال أذربيجان. وحظيت زيارة الرئيس عبد اللطيف جمال رشيد بأهمية كبيرة باعتبارها أول زيارة رسمية لرئيس عراقي إلى أذربيجان منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. صحيح أن الرئيس العراقي قد زار أذربيجان في وقت سابق من هذا العام، إلا أنها كانت زيارة للمشاركة في قمة حركة عدم الانحياز.
خلال هذه الزيارة، عقد الرئيسين جمال رشيد، وإلهام علييف، مناقشات موسعة ومعمقة ومثمرة حول التعاون المتبادل، وخاصة في مجالات التجارة والاقتصاد والطاقة، فضلا عن التعاون في مختلف القضايا المتعلقة بالوضع السياسي في منطقتي الشرق الأوسط وجنوب القوقاز.
أما علي مستوي العلاقات الثنائية، فقد كان الهدف الرئيسي لزيارة الرئيس العراقي إلي أذربيجان، هو زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، ومواصلة وتنمية علاقات التعاون في قطاعات البنية التحتية والنفط والغاز الطبيعي والمشاريع العابرة للحدود الوطنية، إلي جانب الاستثمارات، وكذلك السياحة والتعليم وغيرها من المجالات المهمة للبلدين.
تركزت المناقشات حول كيفية توفير أفضل بيئة جديدة للأعمال التجارية بين العراق وأذربيجان. وساهمت المناقشات في الاتفاق علي عقد اجتماع اللجنة العليا المشتركة للتعاون الاقتصادي والسياسي والثقافي والفني في بغداد الشهر المقبل. حيث تهتم كل من باكو وبغداد بمواصلة تعزيز العلاقات فيما بينهما. وخلال زيارة الرئيس عبد اللطيف جمال رشيد إلى أذربيجان ومباحثاته مع الرئيس إلهام علييف، أظهر الرئيسين مرة أخرى الإرادة القوية في هذا الصدد. وفي الوقت نفسه، تم تحديد الاتجاهات الرئيسية للتعاون المستقبلي، وذلك من خلال مجموعة الاتفاقيات والوثائق التي تم توقيعها بين البلدين في مختلف المجالات، وأهمها، مذكرة تفاهم بين وزارة خارجية جمهورية أذربيجان ووزارة خارجية العراق بشأن المشاورات السياسية والتنسيق في المحافل الدولية، واتفاقية في قطاع الاتصالات بين حكومة جمهورية أذربيجان وحكومة جمهورية العراق. واتفاقية بشأن تدشين خطوط طيران مباشر بين كركوك وأربيل والبصرة في العراق من جهة وبين مدن أذربيجان المختلفة من جهة أخري خلال الأسابيع المقبلة، والتي من شأنها أن تفتح آفاقًا جديدة للتعاون في مجال السياحة. وفي الوقت نفسه، تعد عملية تبسيط إصدار التأشيرات لمواطني البلدين أحد القضايا الرئيسية التي تم طرحها على جدول الأعمال وحظيت باهتمام خلال زيارة الرئيس العراقي إلي باكو.
يمكن ملاحظة أن باكو وبغداد يدعمان بعضهما البعض ويظهران التضامن ويدافعان عن سيادة بعضهما البعض ووحدة أراضيهما في المؤسسات الدولية، وفي مقدمتها الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، وحركة عدم الانحياز ومنظمة التعاون الإسلامي. وخلال المناقشات التي دارت بين الرئيسين، ركز الرئيس إلهام علييف على مناقشة الصراع الأرميني- الأذربيجاني، الذي استمر نحو 30 عامًا، والحقائق الجديدة التي ظهرت على مدى السنوات الثلاث الماضية بعد الحرب التي استمرت 44 يومًا عام 2020، وآفاق السلام والأمن في المنطقة خلال الفترة المقبلة. كما تحدث الرئيس إلهام علييف عن المخاطر المحتملة التي تشكلها بعض الدوائر الغربية، والتي تقوم بتشجيع أرمينيا على عرقلة عملية السلام. ولكن باكو علي المستوي الرسمي تعلن دائمًا أنها جاهزة لعملية السلام وتطبيع العلاقات. ومع ذلك، كما قال الرئيس إلهام علييف، فإن أذربيجان تتحدث عن سلام عادل وشامل، على أساس الاعتراف بالوحدة الإقليمية وسيادة كلا البلدين. حيث تؤيد أذربيجان السلام على أساس الفطرة السليمة والعدالة التاريخية في المنطقة، والاحترام المتبادل لسيادة الدول. وقد أكدت بغداد من جهتها أنها تؤيد الحوار الثنائي المباشر بين أذربيجان وأرمينيا بهدف التوصل إلي اتفاق للسلام وتهيئة الظروف الملائمة للسلام في المنطقة.
لقد عاني العراق الكثير من آلام وويلات الصراعات والحروب علي مدار سنوات عديدة، ولذلك فهو يقدر أهمية وقيمة السلام، ويؤيد مبدأ حل جميع المشاكل على أساس الحوار والتفاهم المتبادل وتنمية سبل التعاون. وكما قال الرئيس عبد اللطيف جمال رشيد خلال زيارته إلي باكو، “لا يمكن للحروب والصراعات إلا أن تؤدي إلى تفاقم الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولا يمكن للحروب حل أي مشكلة، فالحوار هو أفضل السبل لحل جميع المشكلات”. لذلك، تميزت الزيارة الرسمية للرئيس العراقي إلى أذربيجان بأهمية كبيرة نظرًا للمناقشات المثمرة التي تمت خلال هذه الزيارة، ووجود مساحات كبيرة من التفاهم وتلاقي الرؤي بين العراق وأذربيجان. وتوفر مثل هذه الأفكار التي عبر عنها الرئيسين إلهام علييف وعبد اللطيف رشيد خلال اللقاء، أن هذه الزيارة من شأنها تعزيز العلاقات الودية بين البلدين الشقيقين. ولا شك في أن تعميق العلاقات بين الدولتين تنعكس آثارها ونتائجها ويجني ثمارها شعبي البلدين الشقيقين.