هونغ كونغ ومختبرات الانقلابية الغربية
ما جرى ويجري في هونغ كونغ الصغيرة، لا يعدو كونه مختبراً تُصنِّع فيه المؤسسات الانقلابية الغربية، وفي طليعتها الاستخباراتية، البروبوغاندا الإعلامية – الاستخباراتية، ومن ورائها تقف مؤسسات على شاكلة “المجتمعات المفتوحة”، لتخليق أنظمة حُكم جديدة، ولتصعّد من خلال الغوغاء جيلاً جديداً من الشباب أو جزءاً منه، لقيادة الحركات الإنقلابية في أنحاء أخرى من الصين والعالم، وبغية تجذير رفض النظام السياسي الصيني برمّته، ومحاصرته في شرقي ووسط آسيا بداية، والعمل من خلال ذلك على إجهاض المعادلة الناجحة للحكم الرشيد بالصين (دولة واحدة ونظامان)، وطعن النهضة الصناعية والثقافية والحضارية الصينية في خاصرتها، ومحاصرتها، ذلك أنها أخذت مؤخراً بالسيادة على تلك الغربية لتتركها لوحدها تكابد وتعاني من انتقادات عالمية بالغة، خلّفت فيها الجروح والقروح التي مرّغت أنف النظام الرأسمالي الامبريالي في تراب الأرض.
وعلى هامش كل ذلك، كان اعتقال دبلوماسيين وغير دبلوماسيين غربيين في هونغ كونغ خلال أوج الأزمة الداخلية، مؤشرات بالغة الأهمية على تورّط أجهزة أجنبية عالية الكفاءة في الغرب، في عمليات التدخل السافر في شؤون الصين الداخلية، خلافاً للقوانين الدولية والشرائع المتفق عليها للعلاقات بين الدول، وخلافاً لمبادئ المساواة بين الشعوب واحترام خياراتها الوطنية وسيادتها وأمنها ونظام الحكم فيها وطريقها الخاص للنمو.
ولقد كشفت تقارير عالمية متوافرة على الانترنت، أن أحداث هونغ كونغ ليست بريئة، فرفع أعلام الولايات المتحدة وبعض أنظمة الغرب، كان مؤشراً على وجود عناصر شغب أجنبية بين الشباب المندفع والخالية جعبته من أية خبرات سياسية، وعلامةً على وجود تضامن وتوحّد استخباري وإعلامي غربي في تلك الأحداث، التي خضعت لقيادة واحدة لتوجيه المتظاهرين، ولحرف مطالبهم نحو العداء الكامل لوطنهم، باستقدام أنماط سياسية وثقافية وسلوكية غربية غريبة في بيئة الصين والصينيين الشرقية.
ويقينا أن قلة من مواطني منطقة هونغ كونغ قد شاركوا في أعمال العنف، فهذا هو حال مختلف الانقلابات على أي نظام في العالم، ذلك أن الأغلبية لا تتحرك بل تقبع عادة في بيوتها ملتصقة بالمذياع وشاخصة أنظارها نحو شاشات التلفاز ومنتظرة الجديد من التطورات، دون أن تعي دورها التاريخي في التصدي النشط للانقلابيين، المندفعين لنهش الوطن بأعلام وأموال خارجية. لكن في هونغ كونغ خرج عدد كبير من المواطنين إلى الشوارع، رافعين الأعلام الصينية الحمراء، ومستنكرين زُمر الردة الذين يستوردون أساليب العنف التي جرى تخليقها غربياً ضد المعسكر الاشتراكي في شرقي أوروبا في سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية، بغية إخراج القوات السوفييتية والنمط السوفييتي للحكم من تلك البلاد وإعادة الغرب وأزلامه إليها، وفي هونغ كونغ نرى ذات الأساليب التي طبّقها عملاء الغرب وواشنطن في الدول الاشتراكية السابقة والاتحاد السوفييتي.
هونغ كونغ تتميز بمنسوب ديمقراطي كبير قل نظيره حتى في أعتى ديمقراطيات الغرب، وما الادعاءات المخالفة لذلك سوى محاولة لابتزاز الصين وتشويه الواقع لتحقيق نقاط في صالح الأجهزة الخاصة الغربية، التي بدأت بالعمل منذ عشرات السنين لإعادة المنطقة للسيادة البريطانية والأمريكية، بهدف محاصرة طرق المواصلات الصينية ومشروع الحزام والطريق الصيني الدولي العملاق، وضرب النجاحات الصناعية والحضارية في شرقي الصين – المنطقة التي تعتبر فخر جمهورية الصين الشعبية والمثال الوحيد من نوعه في التاريخ في تسريع العمليات المتميزة للتطور التاريخي المادي والروحي، وهي نقلات فاقت التطور الغربي كما ونوعاً، ناهيك عن سرعة الانجاز التي اختصرت الانجاز العالمي مئات المرات.
الوضع في هونغ كونغ يعود إلى سابق عهده، ويسير نحو تطبيع الحالة، وتعود الحياة إلى عادتها القديمة للشوارع والأماكن العامة، وتجري على قدم وساق عمليات ترميم ما تم تحطيمه على أيدي حشود الغوغاء والزعران الباحثين عن حياة سهلة من خلال تحطيم الآخرين ووطنهم، ويقيناً أن من عمل على تدمير بلده أن يدفع الثمن غالياً، فالجريمة تستلزم عقاباً صارماً بكل القوانين والقِيم والشرائع الدينية والوضعية.
ـ #يلينا_نيدوغينا: إعلامية ورئيسة تحرير “ملحق الرؤية #الروسية” في صحيفة “ذا ستار” الأردنية، وعضو اتحادي مؤسس، ومستشارة الرئيس ورئيسة الفرع الأردني في الهيئة الإدارية العربية والمجلس القيادي التنفيذي للاتحاد الدولي للصحافيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء (وحُلفاء) #الصين.