صحيفة الشعب اليومية أونلاين/
في 11 مايو بالتوقيت المحلي، أعلن الرئيس الأمريكي ترامب في مؤتمر صحفي روتيني بأن “الولايات المتحدة قامت باختبارات أكثر من أي دولة”. ولما وجهت له مراسلة شبكة سي بي إس التي هي من أصول صينية سؤالا قالت فيه: “لا يزال بعض الناس في الولايات المتحدة يفقدون حياتهم يوميا، لماذا تعتبرونها منافسة دولية؟”، فرد عليها ترامب: “الناس يفقدون حياتهم في كل مكان في العالم، ربما يجب عليك أن تسألي الصين”. وبعد “اصطدامه بالصين” من دون أي سبب مقنع، وفي مواجهة المزيد من تساؤلات “الصحفية التي لم تعجبه”، أنهى الرئيس ترامب بشكل مفاجئ المؤتمر الصحفي وغادر المكان وهو غاضب.
بعد تفاقم الوباء تدريجيا على أراضيها، نفذت الولايات المتحدة العديد من الحملات السياسية لمكافحة الوباء، وعندما فشلت في ذلك، بدأ سياسيّوها في نشر نظرية مؤامرة فيروس كورونا المستجد، ولم ينفكوا مطلقا عن الكذب والعمل على زرع فكرة أن الصين هي التي أنتجت الفيروس وهي مصدره، واتهموها بأنها أدلت بـ “معلومات غير صحيحة”، كما حثوا الدول الأخرى على المطالبة بأن تقدم لهم الصين تعويضا، مدّعين أنها هيالمسؤولة عن تفشي الوباء العالمي.
لا يمكن فضح الكذب والخداع إلا بمساعدة العلم
بحسب منطق السياسيين الأمريكيين، فإن سبب تفشي هذا الوباء يرجع لأن دولة ما لم تتحكم بشكل فعال في انتشاره على أراضيها، مما تسبب في خروجه متسببة في ذلك في خسائر في الأرواح والممتلكات لبلدان أخرى. إذن ما هي الأشكال المحددة التي تؤدي إلى انتشار الوباء إلى بلدان أخرى؟ كم عدد الحالات المؤكدة في الولايات المتحدة ودول العالم الأخرى التي أتتهم فيها حالات من الصين؟
تؤكد البيانات أن اتهامات الولايات المتحدة التي لا أساس لها من الصحة تتعارض بوضوح مع الحقائق. وفي الوقت نفسه، بذلت الصين جهودا متواصلة لمكافحة الوباء. في 4 مايو نشرت المجلة الأكاديمية الكبرى “الطبيعة” بحثا لفريق البحث العلمي في الصين وبريطانيا والولايات المتحدة. وقد وجدت الدراسة من خلال المقارنة بين النماذجبأن التدخلات غير الدوائية الرئيسية الثلاثة المستخدمة في الصين (قيود السفر بين المدن، والتحديد المبكر والعزلة، وقيود التباعد الاجتماعي) حققت نتائج مهمة.
وتشير الدراسة إلى أنه بدون تنفيذ الإجراءات الصارمة غير الدوائية، فإن عدد المصابين في الصين كان سيزداد بنسبة 67 مرة. وفي الوقت نفسه، تحدثت ثلاث مجلات أكاديمية “الطبيعة “، “العلوم”، “ذي لانسيت” بشكل إيجابي عن فعالية جهود الصين لمكافحة الوباء، وقالت إن التحقيق في مصادر الفيروسات يجب أن يكون “مُركّزا على العلم”.
يمكن ملاحظة أن “نظرية مطالبة التعويضات” التي نشرها السياسيون الأمريكيون لأغراض سياسية لا أساس لها من الصحة، وممارسة رش الصين بالمياه القذرة والتهجم والتآمر عليها أمر مثير للاشمئزاز. إن حياة الناس ليست ورقة للمساومة عليها، وينبغي أن يحظى أصحاب السلطة بثقة الجمهور.
الاستجابة الأمريكية السيئة للوباء وسرعة ترحيل المهاجرين من أراضيها سرّعت في انتشار الفيروس في دول أمريكا اللاتينية
لنُلقِ مرة أخرى نظرة على كيفية تأثير الاستجابة الأمريكية السيئة للوباء على البلدان الأخرى. والأهم من ذلك، يُخشى أن تُلام الحكومة الأمريكية على انتشار الفيروس في أمريكا اللاتينية. وعلى أساس منع الوباء من التفشي والسيطرة عليه كثّف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جهوده لترحيل المهاجرين غير الشرعيين من المكسيك ودول أمريكا الوسطى إلى بلدانهم.
وفقا لتقارير وسائل الإعلام الأمريكية، فإن الوضع الوبائي في الولايات المتحدة خطير، حيث لا يزال العديد من المهاجرين غير الشرعيين من أمريكا الوسطى يتقدمون بطلب للحصول على الملاجئ، وظروفهم المعيشية سيئة ولم يكن لديهم فترة مراقبة طويلة بما فيه الكفاية قبل عودتهم إلى أوطانهم. وإلى غاية 14 مايو، كانت البلدان الرئيسية للمهاجرين غير الشرعيين العائدين إلىأوطانهم – المكسيك وغواتيمالا والسلفادور وهندوراس لديها ما مجموعه أكثر من 45 ألف إصابة مؤكدة.
من 15 مارس إلى 24 أبريل، قامت إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) بـ 21 رحلة إلى غواتيمالا، و18 إلى هندوراس، و12 إلى السلفادور، و3 إلى هايتي وجمهورية الدومينيكان، وواحدة إلى جامايكا، وكانت هناك رحلات إلى غواتيمالا حتى الأسبوع الماضي. وقالت شبكة فوكس نيوز الأمريكية إن جلسة محكمة الهجرة ومعالجة طلبات اللجوء توقفت، لكن الترحيل مازال مستمرا.
قال وزير الصحة في غواتيمالا، هوغو مونروي يوم 14 أبريل، إنه على متن رحلة جوية من الولايات المتحدة تقل مهاجرين غير شرعيين تم ترحليهم، تبين أن 75 بالمائة ممن كانوا على متن الطائرة ثبتت إصابتهم بالفيروس، وأن متوسط عدد المهاجرين المُرحّلين من الولايات المتحدة المصابين تتراوح نسبتهم بين 50 و75 بالمائة. وبحسب وكالة أسوشيتد برس، فقد أخبر نائب وزير الصحة البرلمانيين في بلاده بأن 71 شخصا ثبتت إصابتهم من أصل 76 مُرحّلا في رحلة 13 أبريل. وفقا للإحصاءات في غواتيمالا، تمثل نسبة العائدين المصابين بالفيروس حوالي 19 بالمائة من إجمالي الإصابات في البلاد.
في الوقت نفسه، هناك حالات مماثلة في العديد من الأماكن في المكسيك. في 20 أبريل، أعلنت الحكومة المكسيكية أنه تم تشخيص 20 مهاجرا عادوا إلى وطنهم في ولاية تاماوليباس الحدودية في الشمال الشرقي. وفي مدينة نيو لاريدو، تسبب مهاجر غير شرعي أعادته الولايات المتحدة إلى الوطن في إصابة 14 شخصا آخر في الملجأ. وبحسب تقارير إن بي آر، حث المسؤولون الأمريكيون والشركات الأمريكية حكومتهم على إعادة تصنيف بعض المصانع الأمريكية في المكسيك على أنها مصانع مهمة، ويأملون في أن تظل هذه المصانع وسلسلة التوريد بين الولايات المتحدة والمكسيك مفتوحة خلال فترة حظر التنقل بين البلدين.
وكفئة عالية الخطورة مهددة بالإصابة، فإن إعادة هؤلاء المهاجرين إلى بلدانهم سيشكل تهديدا خطيرا على سلامة الآخرين وسيعيق جهود مكافحة الوباء في أوطانهم مما يجعل النظام الطبي الهش ببلدان أمريكا اللاتينية أسوأ.
لنأخذ هايتي كمثال، لا تزال البلاد غير مجهزة بشكل كامل بقدرات الكشف عن الفيروسات. لا يوجد بها سوى 100 جهاز تهوية متاح لـ 11 مليون نسمة. إلى جانب الأضرار طويلة المدى التي تسببها الكوارث الطبيعية مثل الزلازل فإن انتشار الوباء فيها سيكون كارثيا.
بالإضافة إلى ذلك، وفقا لمقالة الجارديان في 13 مايو، فإن معظم المهاجرين من أمريكا الوسطى هم من الأطفال الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة بمفردهم. وبموجب القانون الأمريكي عندما يتم تقديم القضايا إلى محاكم الهجرة يسمح لهؤلاء الأطفال عادة بالعيش مع أقاربهم، ولكن ترامب أصدر الآن بيانا طارئا لطردهم على أساس الوباء وفي شهر أبريل وحده تم ترحيل 600 قاصرا.
في 8 أبريل، أصدرت 60 مؤسسة بما في ذلك معهد واشنطن لدراسات أمريكا اللاتينية ومركز حقوق الأطفال والشباب المهاجرين، بيانا مشتركا يدين استمرار حكومة الولايات المتحدة في ترحيل المهاجرين غير الشرعيين خلال تفشي المرض العالمي. وقال البيان إن الولايات المتحدة تحتل حاليا المرتبة الأولى في العالم من حيث عدد الحالات المؤكدة، وعندما يتم تقييد السفر العالمي وتنفيذ سياسات العزل الصارمة في كل مكان، فإن الترحيل المستمر للمهاجرين غير الشرعيين من قبل الولايات المتحدة سيعرض العالم للخطر.
لذا فإن السؤال الآن هو: من هو المسؤول عن الوباء العالمي؟
اسأل الولايات المتحدة!