CGTN العربية/
في ظل تفشي جائحة كورونا في العالم، أصبحت التوقعات للاقتصاد العالمي كئيبة. أشار صندوق النقد الدولي مؤخرا إلى أن الانكماش الاقتصادي هذا العالم سيكون خطيرا إلى درجة أن يواجه عدد قليل فقط من الناس في العالم حوادث مماثلة.
على هذه الخلفية، تباطأت أجزاء البنى التحتية لمبادرة “الحزام والطريق” الضخمة لعدة أسباب. أولا، مع أزمة الصحة العامة المستمرة، وضعت البلدان المشاركة في مبادرة “الحزام والطريق” تطوير البنى التحتية في آخر أولوياتها.
ثانيا، أدى الحجر المفروض على المناطق بالجملة وإغلاق المصانع إلى تعطيل سلاسل التوريد المهمة لمبادرة “الحزام والطريق”، بما في ذلك الشركات التي تزود بالآلات ومواد البناء الصينية.
ثالثا، غالبا ما كان العمال الصينيون يعملون للمشاريع المعنية بمبادرة “الحزام والطريق” خارج الصين سابقا يضطروا للحجر الصحي (كما هو الحال في سنغافورة)، أو أعيدوا إلى الصين (كما هو الحالة في إيران)، أو تم منعهم مؤقتا من دخول البلاد (كما هو الحال في إندونيسيا) لأسباب تتعلق بالصحة العامة.
مبادرة “الحزام والطريق” هي مبادرة الصين الاقتصادية الخارجية التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ لذا لن تتخلى الصين عنها. في الواقع، تبنت الصين طريقتين من مرحلتين لإحياء مبادرة “الحزام والطريق”.
أولا، مع تباطؤ المبادرة ماديا، تركز الصين على المكونات غير المادية لها، وهي “طريق الحرير الصحي” و”طريق الحرير الرقمي”. خلال فترة تفشي “كوفيد-19″، بات”طريق الحرير الصحي” و”طريق الحرير الرقمي” العلامتين التجارتين لمبادرة “الحزام والطريق” حيث إن متطلبات التمويل لهاتين المبادرتين أقل نسبيا من متطلبات بناء البنى التحتية المادية الكبيرة عبر الحدود.
“طريق الحرير الصحي” هو مصطلح صاغه الرئيس شي خلال زيارته لجنيف في يناير 2017 عندما وقع مذكرة تفاهم مع منظمة الصحة العالمية، ملتزما بأن “طريق الحرير الصحي” سيسعى لتحسين الصحة العامة على البلدان الواقعة على طول “الحزام والطريق”.
لمكافحة “كوفيد-19″، قامت الصين بتسريع تحركاتها بشكل كبير لإحياء مبادرة “الحزام والطريق”. على سبيل الذكر لا الحصر، في حين أن حظر السفر يمنع معظم وسائل النقل الجوي والبحري في العالم، فإن قطار الشحن الصيني – الأوروبي يقوم بشحن الأدوية والمعدات والإمدادات الوقائية إلى بلدان أوراسيا، مما يوفر لهم قوة محركة لمكافحة “كوفيد-19”.
جلبت الشركات الصينية التي تنفذ مشاريع “الحزام والطريق” خارج الصين مثل شركة هواوي وشركة تينسنت الإمدادات للإغاثة من الصين، بصفتها أكبر منتج للإمدادات الطبية في العالم، للالتزام بمسؤولياتها الاجتماعية تجاه السكان المحليين.
مثل “طريق الحرير الصحي”، سوف يتألق “طريق الحرير الرقمي” أثناء تفشي الوباء. هناك سببان لهذا. أولا، ضاعفت العديد من البلدان الحلول الرقمية المختلفة من الصين لمكافحة “كوفيد-19”. تستخدم الصين تطبيقات (رمز الاستجابة السريعة الخضراء الذي يشير إلى صحة أصحابه) لمراقبة صحة الأفراد واتصالاتهم وحركتهم هو مثال على ذلك. يتم نسخ هذا التطبيق من قبل البلدان المتضررة الأخرى في العالم. مثلا، طرحت سنغافورة تطبيقا مشابها يسمى TraceTogether في مارس.
ثانيا، يتسبب “كوفيد-19” في تحويل الاقتصادات في الوقت الراهن، ويعيد التوازن بين التجارة الإلكترونية وتجارة التجزئة لصالح للأول. مع اندلاع جائحة كورونا وإجراءات العزلة الاجتماعية المستمرة في تعزيز النشاط الاقتصادي عبر الإنترنت، من المتوقع أن ترفع الصين مرتبتها لطريق الحرير الرقمي بشكل تدريجي.
بمجرد إعادة ربط سلاسل التوريد وحل المشاكل الصحية العالمية، ستعيد الصين والدول المشاركة في مبادرة “الحزام والطريق” مرة أخرى لإطلاق المبادرة المادية لبناء شبكات النقل والمجتمعات الصناعية ومحطات توليد الكهرباء عبر القارة الأفروآسيوية الكبرى.
في قمة المائدة المستديرة للدورة الثانية لمنتدى “الحزام والطريق” عام 2019، تعهد الرئيس شي بإصلاح مبادرة “الحزام والطريق”. كان من المقرر إجراء التعديل الدقيق ومراقبة الجودة مع التركيز على مشاريع البنى التحتية “عالية الجودة” كما تم التعهد بالتعاون الأخضر والنظيف.
في هذا السياق، أوصى عدد من الدراسات بوضع برامج السياسة لكل من الصين والدول المشاركة في مبادرة “الحزام والطريق” للعمل من أجل تحسين تنفيذها.
تركز الصين حاليا على “طريق الحرير الصحي” و”طريق الحرير الرقمي”، كما تنظر في تنفيذ مقترحات الإصلاح خلال المرحلة الثانية لإحياء مبادرة “الحزام والطريق” المادية.