شبكة طريق الحرير الاخبارية/
بقلم: دكتورة كريمة الحفناوى
كاتبة مصرية، عضو الاتحاد الدولى للصحفيين والإعلاميين والكتاب العرب أصدقاء وحلفاء الصين.
أشارت مجلة النيوزويك الصادرة فى أول يونيو 2023، إلى أن “توسع بريكس يعجل بتراجع نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية، وأنه سيتم الموافقة على انضمام عدد من الدول إلى المجموعة خلال القمة القادمة، والتى ستنعقد فى ديربان بجنوب إفريقيا فى شهر أغسطس القادم. كما أشارت المجلة إلى زيادة النفوذ السياسى للمجموعة وذلك بعودة العلاقات السعودية الإيرانية بوساطة من الصين، فى ظل رغبة البلدين للانضمام إلى تجمع البريكس”.
كما جاء فى جريدة الأهرام المصرية فى يوم السبت 1 يوليو 2023 فى مقال للكاتب محمد عبد القادر تحت عنوان التوسع الأول مزيد من الاستقلالية والخيارات، “إن دولاً جديدة من إفريقيا وأسيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية، يتوقع إنضمامها إلى مجموعة البريكس، وهو ما يعنى ضخ دماء جديدة فى شرايين التجمع الذى يهدف إالى عالم متعدد الأقطاب، من أجل ضمان تأثير أكبر عملية صنع القرار على المستوى الدولى، وأشار المقال إلى أن 20 دولة طلبت الانضمام”.
وفى سياق آخر رحب الرئيس الصينى شى جين بينج بانضمام الجزائر إلى مجموعة البريكس وذلك أثناء زيارة الرئيس الجزائرى عبد المجيد تبون إلى الصين فى 18 يوليو 2023.
فى الوقت الذى تزداد فيه الأزمات الاقتصادية، ويتباطىء النمو العالمى، ويزداد عدد الفقراء، نجد سعى الدول إلى الشراكات والتعاون، من أجل التغلب على الأزمة الاقتصادية. وفى الوقت الذى تحاول فيه الولايات النتحدة الأمريكية الحفاظ على هيمنتها، كقطب واحد يسيطر على العالم، والحفاظ على نفوذها عبر أجزاء شاسعة من دول الجنوب فى العالم، نجد أن التجمع الذى تقوده الصين وروسيا “مجموعة البريكس”، يتلقى طلبات من عدد من الدول للانضمام له، مما يشير إلى تحول قريب فى النظام العالمى.
ومن الملاحظ أن مجموعة البريكس والتى تضم خمسة دول (الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا)، تسعى إلى التبادل التجارى بين أعضائها بالعملة المحلية كاليوان الصينى والروبل الروسى و الروبية الهندية وذلك لتقليص الهيمنة العالمية للدولار، والتخلص من إرهاب العملة والعقوبات التى تفرضها أمريكا وحلفائها من الدول الأوروبية، ومن أجل توافر شروط تجارية عادلة ونفوذ اقتصادى أكبر لدول البريكس فى مواجهة الغرب.
مع بداية القرن الواحد والعشرين بدأت فكرة إنشاء مجموعة اقتصاية من الاقتصادات الناشئة فى المجتمع الدولى بهدف الخروج من السيطرة الغربية، وبعد الأزمة المالية فى 2008 تأسست مجموعة من أربعة دول “البريك” تضم أربع اقتصادات قوية هم الصين وروسيا والهند والبرازيل وذلك فى عام 2009، وفى عام 2010 انضمت لهم دولة جنوب إفريقيا وأصبح اسم المجموعة “البريكس” وهى الأحرف الأولى للخمسة دول والتى تمثل مساحتها 27% من مساحة كوكب الأرض و41% من سكان العالم، ووصلت مساهمة دول البريكس الآن 31،5% من الناتج الإجمالى العالمى، ومن المتوقع أن تنتج مجموعة البريكس 50% من الناتج الإجمالى العالمى عام 2030. وتستعد المجموعة للتوسع وانضمام دول عديدة من أجل التعاون بينهما على أساس المنفعة المتبادلة والمصلحة المشتركة.
ولم تكن البريكس هى المجموعة الأولى، لمواجهة الهيمنة الاقتصادية الغربية، حيث سبقها إنشاء “منظمة شانغهاى الخماسية” فى إبريل 1996، والتى تحتوى على خمسة دول (الصين وكازاخستان وقرغيزستان وروسيا وطاجيكستان)، وفى بداية القرن الواحد والعشرين وبالتحديد فى الخامس عشر من شهر يونيو 2001، انضمت دولة أوزبكستان للدول الخمسة السابقة وأصبحت “منظمة شانغهاى للتعاون” منظمة دولية سياسية واقتصادية وأمنية أوراسية، وفى يونيو 2002 تم توقيع ميثاق المنظمة، ودخلت حيز التنفيذ فى 2003.
انضمت الهند وباكستان للمنظمة كعضوين فى 9 يونيو 2017، ويحضر العديد من الدول كعضو مراقب اجتماعات المنظمة ومنهم أفغانستان وبيلا روس وإيران، ومنغوليا. كما استجد منصب آخر داخل المنظمة وهو انضمام عدد من الدول تحت اسم “شريك الحوار” وهى الدول التى تتشارك أهدافها ومبادئها مع أهداف المنظمة وترغب فى إقامة علاقات شراكة معها، ومن هذه الدول أرمينيا وأذربيجان وكمبوديا ونيبال وسريلانكا وتركيا. وفى 29 مارس من هذا العام 2023 وافق مجلس الوزراء فى المملكة العربية السعودية على منح السعودية صفة شريك الحوار فى منظمة شنغهاى للتعاون.
وتتلخص أهداف المنظمة فى تعزيز سياسات الثقة المتبادلة وحسن الجوار ومحاربة الإرهاب وتدعيم الأمن ومكافحة الجريمة وتجارة المخدرات ومواجهة حركات الانفصال والتطرف الدينى والعرقى، والتعاون فى جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والتكنولوجية وقطاعات النقل والتعليم والطاقة حماية البيئة وتوفير الأمن والسلام فى المنطقة.
لقد عقدت منظمة شنغهاى قمة افتراضية تحت رئاسة الهند فى أوائل شهر يوليو من العام الحالى 2023، ناقشت من خلالها زيادة التعاون التجارى فيما بينها بالعملة المحلية لبلدانها وذلك فى إطار مواجهة الهيمنة الأمريكية والغربية وتقليص الاعتماد على الدولار، وأيضا لمواجهة العقوبات الأمريكية الاقتصادية الجائرة المفروضة على روسيا والعديد من البلدان. كما وضعت آليات لمواجهة الحركات الانفصالية والإرهابية لدعم السلم والاستقرار.
هل تنظر دول العالم للمتغيرات التى تحدث فى السنوات الأخيرة وبوتيرة متصاعدة وعلى رأسها صعود أقطاب عالمية على المستوى الاقتصادى والعسكرى والسياسى. إننا نأمل فى قيام عالم متعدد الأقطاب يقوم على تحقيق التقدم والنمو والمساواة والخير والسلام.
إن من مصلحة دول الجنوب النامية أن تتعاون مع الأقطاب الصاعدة الصين وروسيا على أساس المصلحة المشتركة، والتعاون القائم على المنفعة المتبادلة لصالح الشعوب، بدلا من التبعية للقطب الواحد الأمريكى الذى يفرض الهيمنة والشروط التى تؤدى إلى إفقار البلاد وتزايد الفجوة الطبقية بين الطبقة الحاكمة صاحبة السلطة ورأس المال وبين غالبية الشعب، بجانب إغراق البلدان بالقروض المشروطة من صندوق النقد الدولى والتى تتسبب فى مزيد من الديون والإفقار ومعاناة الشعوب من الفقر والبطالة وغلاء الأسعار وعدم القدرة على تلبية الاحتياجات المعيشة الضرورية.