تطورت علاقات التعاون بين الصين والدول الخليجية في السنوات الأخيرة، كما يعمل الطرفان بشكل نشط على تعزيز الالتحام في استراتيجيات التنمية، وإفساح المجال كاملاً للمزايا التكميلية، وتطوير زخم التنمية، ومواصلة تعميق التعاون في الابتكار والتكنولوجيا، والترويج المشترك للبيانات الضخمة، والحوسبة السحابية، وبناء المدن الذكية وغيرها بشكل مشترك لإنشاء “طريق الحرير الرقمي” للقرن الحادي والعشرين وضخ حيوية جديدة في تعزيز بناء مجتمع صيني عربي ذي مستقبل مشترك في العصر الجديد.
الحوسبة السحابية تفتح آفاقًا جديدة للتعاون
استقبل جناح الشركة السعودية للحوسبة السحابية في معرض LEAP التكنولوجي الذي استضافته وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في المملكة العربية السعودية منذ وقت ليس ببعيد، 83000 زائر، مما جعله واحدا من أكثر المقصورات شعبية. وقد شهدت الشركة السعودية نشاطا واسعا خلال المعرض، حيث عرضت حلولاً لـ 15 سيناريو تطبيقيًا بما في ذلك حيادية الكربون، والإدارة الحضرية، والأتمتة الصناعية، وتجارة التجزئة الجديدة، والخدمات اللوجستية، وميتافيرس، كما وقعت اتفاقيات تعاون مع 27 شركة محلية. وقال مسؤول شركة جيديا لتكنولوجيا مالية، أحد الشركاء للشركة السعودية للحوسبة السحابية، إنهم سيستخدمون الأخيرة لتقديم حلول دفع رقمية أفضل.
الشركة السعودية للحوسبة السحابية، هي مشروع مشترك بين الصين والسعودية تأسست في مايو 2022 بشراكة بين كل من شركة الاتصالات السعودية، صندوق إى دابليو تي بى أرابيا كابيتال (eWTP Arabia Capital)، وشركة علي بابا لخدمات الحوسبة السحابية، والشركة السعودية للذكاء الاصطناعي والشركة السعودية لتكنولوجيا المعلومات. وفي الوقت الحاضر، شغلت الشركة مركزين للبيانات في العاصمة الرياض، وهما أكبر سحابة عامة في المملكة العربية السعودية. وفي اعتماد اللجنة السعودية للاتصالات والفضاء والتكنولوجيا، حصلت الشركة السعودية للحوسبة السحابية على أعلى مستوى وهو الفئة C، مما يعني أن أمانها وموثوقيتها قد تم الاعتراف بهما من قبل المنظمات الرسمية، ولديها أعلى سلطة خدمة في السوق السعودي.
قال ما شياويو، الرئيس التنفيذي للاستراتيجية في الشركة السعودية للحوسبة السحابية، إن الشركة السعودية للحوسبة السحابية ستزود العملاء بأفضل التقنيات السحابية الرائدة في العالم وأفضل الممارسات، مما يساعد المملكة العربية السعودية على تحقيق هدف تسريع التحول الرقمي في “رؤية 2030″. وتناقش العديد من الإدارات، بما في ذلك هيئة السياحة السعودية، التعاون مع الشركة في التحول الرقمي. قال عليان محمد، الرئيس التنفيذي لشركة الاتصالات السعودية، إن المملكة العربية السعودية ملتزمة بتحقيق التحول الرقمي، وخلق بيئة جيدة للاستثمار التجاري، وضمان أمن البيانات. وأن الشركة السعودية للحوسبة السحابية ستدعم مشاركة المؤسسات السعودية العامة والخاصة في الثورة الصناعية الرابعة.
تعد الشركة السعودية للحوسبة السحابية أحدث مثال على تعزيز التعاون بين الصين والمملكة العربية السعودية في الاقتصاد الرقمي. حيث يشهد التعاون بين الطريفين في مجال الاقتصاد الرقمي تعميقاً مستمراً في السنوات الأخيرة. وفي يونيو من العام الماضي، أطلقت هواوي والمجلس السعودي للفضاء أول مركز تجربة تكنولوجة – ” فضاء المستقبل”، مع التركيز على التقنيات المتقدمة مثل القيادة الذاتية والطباعة ثلاثية الأبعاد والروبوتات التي يتم التحكم فيها عن طريق الموجات الدماغية. وفي ديسمبر من العام الماضي، وقعت مجموعة عجلان واخوانه السعودية القابضة عقدًا مع 15 شريكًا صينيًا للتعاون، سيعزز الهبوط السلس للمؤسسات ذات الصلة في مجالات الخدمات اللوجستية والتمويل والرعاية الطبية والاستهلاك وغيرها من المجالات في المملكة العربية السعودية. وصرح محمد بن عبدالله الجدعان، وزير المالية السعودي مؤخرًا، أن تطور الاقتصاد الرقمي في المملكة العربية السعودية ينطوي على إمكانات كبيرة، وأن التعاون بين المملكة العربية السعودية والصين في الاقتصاد الرقمي واعد.
التخزين الذكي يساعد في تطوير صناعة الخدمات اللوجستية
يظهر في أول مركز تخزين ذكي لشبكات الجيل الخامس في دولة الإمارات العربية المتحدة يقع في منطقة التجارة الحرة لجنوب دبي ــ مركز التوريد التابع لشركة هواوي في دبي، مكوك الروبوت الخفي AGV المرن يتحرك ذهابًا وإيابًا في ساحة الشحن، ووفقًا للتعليمات التي قدمها الموظفون من خلال الجهاز المحمول، تم نقل السلع إلى الموقع المحدد في الوقت المناسب وبطريقة دقيقة. وفي الوقت نفسه، يعمل روبوت صندوق متعدد الطبقات CTU على إكمال خطوات الانتقاء المستقل، والمعالجة والتفريغ الذكي.
“يكون عملنا أكثر كفاءة مع هذه الأجهزة الذكية”. قال محمد شناص، عامل مستودع يدير جهاز تحكم محمولا، إنه بمساعدة هذه المجموعة من معدات وأنظمة التخزين الذكية، لم تعد هناك حاجة للتعامل مع البضائع يدويًا، وهو ليس آمنًا ودقيقًا فحسب، ولكنه يوفر الوقت والجهد أيضًا، كما زادت كفاءة دورة معالجة تداول الطلبات بنسبة 50٪.
ولا يمكن فصل مشاريع التخزين الذكية عن دعم بيئة الشبكة عالية السرعة. وبالمقارنة مع الخدمات اللوجستية والتخزين التقليدية، تتطلب بيئة شبكة 5 Gالمستخدمة من قبل مراكز التخزين الذكية موثوقية قوية لتجنب الآثار الضارة بشكل فعال مثل تداخل الإشارات وتخفيف الإشارة، وبالتالي تقليل معدل فقدان الحزمة أثناء المناولة ومعدل فصل المعدات غير المأهولة عن الانترنت. وفي عام 2022، تم تشغيل مركز التخزين الذكي 5G رسميًا بالتعاون بين شركة هواوي الصينية ومشغلي الاتصالات المحليين في الإمارات العربية المتحدة، مما سيعزز بشكل فعال التحول الرقمي لصناعة الخدمات اللوجستية في دولة الإمارات العربية المتحدة.
قال ليو جياوي، الرئيس التنفيذي لشركة هواوي في الإمارات، إن صناعة الخدمات اللوجستية لها أهمية كبيرة في التنمية الاقتصادية لدولة الإمارات العربية المتحدة، كما تزايد الطلب على الحلول الرقمية مع تطور صناعة التخزين والخدمات اللوجستية. وسيساعد الجمع بين تقنية 5G وصناعة الخدمات اللوجستية على تقليل تكاليف التشغيل وتحسين الكفاءة التشغيلية وخلق المزيد من الفرص والقيمة لتطوير صناعة الخدمات اللوجستية في الإمارات العربية المتحدة.
طورت دولة الإمارات العربية المتحدة بقوة صناعة الخدمات اللوجستية في السنوات الأخيرة، من أجل تعزيز بناء القدرات الرقمية والتنافسية الاقتصادية والتنمية المستدامة. ومن المتوقع أنه بحلول عام 2026، يتوقع أن يتطور سوق الخدمات اللوجستية في الإمارات بمعدل نمو سنوي مركب يزيد عن 8.4٪، ليصل إلى مستوى 31.4 مليار دولار أمريكي. قال فاسيك منصور، خبير تكنولوجيا الاتصالات في الإمارات وأستاذ بجامعة دبي، إن التخزين الذكي 5G هو تطبيق رائد يجسد الإمكانات العظيمة للتكنولوجيا المتقدمة كمحرك رئيسي للتحول الصناعي. وسيؤدي نجاح تطبيقات 5G من قبل الشركات الإماراتية والصينية إلى تحسين كفاءة الخدمات اللوجستية والتخزين بشكل فعال، وتحسين نموذج تطوير صناعة الخدمات اللوجستية في الإمارات العربية المتحدة، والمساعدة في تحقيق رؤية “الإمارات العربية المتحدة 2031”، وبالتالي تعزيز القدرة التنافسية العالمية لدولة الإمارات العربية المتحدة.
الطريق السريع للمعلومات يقود التحول الرقمي
أعلنت نقطة وصول خدمة شبكة أنشأتها شركة تشاينا موبايل إنترناشيونال في سلطنة عمان عن بدأ التشغيل بنجاح في مارس من هذا العام. ويقع المشروع في مدينة برقة في سلطنة عمان المجاورة لخليج عمان وهي ثاني نقطة وصول أنشأتها شركة تشاينا موبايل العالمية في عمان. وبعد تشغيل المشروع، سيعزز بشكل كبير اتصال الشبكة العمانية في الشرق الأوسط ويجعلها مركزًا إقليميًا، مما يوفر اتصالات شبكة سلسة للأسواق التجارية الرئيسية والعملاء في جميع أنحاء العالم.
“ستصبح نقطة الوصول هذه واجهة مهمة للكابل البحري “2Africa” القيد الانشاء للهبوط في سلطنة عمان”. وقال وانغ ييتشو، المدير العام لشركة تشاينا موبايل إنترناشيونال في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، إن الطول الإجمالي للكابل البحري” 2Africa”، الذي تشارك في انشاءه شركة تشاينا موبايل إنترناشونال يبلغ 45000 كيلومتر، وسيصبح أطول مشروع كابل بحري في العالم بعد اكتماله وتشغيله في عام 2024، كما أنه يشبه طريق المعلومات السريع الذي يربط بين ثلاث قارات في آسيا وأفريقيا وأوروبا، تخدم 36٪ من سكان العالم، وتجلب تجربة اتصال دولية أكثر كفاءة وملاءمة. وفي ذلك الوقت، سيعمل المشروع على تعزيز الاتصال بالإنترنت بين عمان ودول الخليج الأخرى ومناطق أخرى، وسيوفر الدعم الأساسي لتطوير اقتصادها الرقمي. وقد أكمل الكابل البحري 26 عملية إنزال إلى حد أبريل من هذا العام.
صاغت عُمان استراتيجية عُمان الرقمية في السنوات الأخيرة، بدمج أهداف التنمية للاقتصاد الرقمي في “رؤية عمان 2040” لتعزيز تنويع الاقتصاد الوطني. قال طلال بن سعيد المعمري، الرئيس التنفيذي للشركة العمانية للاتصالات، إن تعزيز التعاون في البنية التحتية الرقمية بين عمان والصين سيساعد في تعزيز تطوير صناعة تكنولوجيا المعلومات في عمان، ويلعب دورًا حيويًا في تحقيق أهدافها في التحول الرقمي والنمو الاقتصادي والابتكار. وتتمتع الصين بخبرة غنية في تطوير وتنفيذ مشاريع البنية التحتية الرقمية، ويمكن أن يساعد تعزيز التعاون بين الجانبين عمان على تحسين الاتصال بالإنترنت وخلق بيئة رقمية متقدمة لتطوير الشركات، وخاصة الشركات الناشئة.
وفقًا لتوقعات لمؤشر الاتصال العالمي للهاتف المحمول التابع للنظام العالمي للاتصالات المتنقلة GSMA، فإنه بحلول عام 2025، ستشكل شبكات 5G ما يقرب من نصف اتصالات البيانات المتنقلة في دول الخليج. وفي السنوات الأخيرة، تعاونت شركة تشاينا موبايل إنترناشيونال مع دول الخليج بما في ذلك عمان لتعزيز التعاون في مجال موارد الشبكة العالمية والحلول الشاملة. كما تم تنفيذ عدد من مشاريع التعاون، مثل الأساور الذكية لعمال الصرف الصحي في الإمارات العربية المتحدة، ومواقف السيارات الذكية في الشارقة، والتعاون في مجال الوسائط الرقمية في المملكة العربية السعودية، واحدة تلو الأخرى، مما يساعد المشغلين والمؤسسات الإقليمية على اغتنام فرص تطوير الجيل الخامس 5G.
يصادف هذا العام الذكرى السنوية العاشرة للبناء المشترك لمبادرة “الحزام والطريق”، حيث يواصل التعاون في مجال الابتكار والتكنولوجيا بين الصين ودول الخليج تحقيق تقدم جديد، مما أدى إلى ضخ زخم جديد في التحول الرقمي المتسارع لدول المنطقة. “يجب على الصين والدول الخليجية، والصين وعُمان العمل معًا لتعزيز الترابط بين البنية التحتية الرقمية الإقليمية والعالمية”. وقال طلال بن سعيد المعمري، إنه يتوقع أن تشارك الصين المزيد من الخبرة والتكنولوجيا، وسيواصل الجانبان تعزيز تدريب المواهب الرقمية ولتعاون من أجل تحسين معايير حوكمة البيانات ونظام الإشراف، والتشجيع المشترك لبناء “طريق الحرير الرقمي” بين الصين ودول الخليج، والصين وعُمان بطريقة مستقرة وطويلة الأجل.
