شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية/
يلينا نيدوغينا*
لم يجف حِبر السيد ترامب، الذي دان زوراً وبهتاناً الصين وألصق بها كل الموبقات والخطايا، حين عادت المصانع والمستثمرين وأغنياء العم سام وورشاتهم وشركاتهم التجارية للاستثمار الواسع في الصين، بمليارات الدولارات، دون أعلان أو اعتراف أمريكي بهذا السر الدفين.. الذي أفشته الصحافة الصينية، كاشفة بذلك عن تناقضات الغرب الأمريكي وطبائعه وألوانه!
قبل شهور، وفور إعلان الصين عن تفشي كوفيد-19 في (ووهان)؛ إدّعت فيديوهات مزورة طبعاً ولم يُعلن عن الجهات التي تقف خلفها(!)؛ أن “الحكومة الصينية” وراء تخليق الفيروس، هادفة من ورائه شراء الاستثمارات الأمريكية والغربية على أرض الصين “بأبخس الأثمان!”. وبالفعل، صدّق عدد غير قليل من “بسطاء” و “غشيمي” البشر بِحِيل الإعلام السياسي الثعلبي هذه الإدِّعاءات دون تمحيص فيها ودون دراسة صدقيتها، وبادروا في إعادة توزيعها ونشرها والنّدب بسببها، وكأنها استثماراتهم الشخصية وأموالهم وأطيانهم.. فيا لهم من “بسطاء” العقل!!!
“شبكة القدس الإخبارية” نقلت عن مسؤولين صينيين، اليوم الأحد (26 نيسان 2020م)، أن كافة مستشفيات مدينة (ووهان) الصينية، أصبحت خالية من أي إصابة بفيروس كورونا المستجد، منذُ ظهور الوباء فيها أواخر ديسمبر الماضي (2019م). وأكدت، نقلاً عن مسؤولين صينيين، “أن مستشفيات (ووهان) أضحت خالية من الإصابات بالفيروس العالمي”. وهكذا تزامنت عودة الاستثمارات الأمريكية والغربية كذلك إلى الصين مع هذا الإعلان، بل حتى قبيل توزيعه بفترة، مما يكشف عن تناقضات عميقة في السياسات الغربية عموماً من الصين. فحيناً تنبري هذه ضد بكين، وفي أخرى تتراجع لتتخذ موقف الوسط، وفي حين ثالثة تؤكد تطبيع الوضع وعودة الأعمال وتأكيد نجاح العملية التوعوية وانضباطية الصينيين ودولتهم التي “سمحت بعودة سريعة للاستثمار من أوسع أبوابه”…
قبل أيام، بتاريخ الأربعاء 22 أبريل 2020م، نُظم احتفال كبير على الانترنتيوم، في قاعة الشعب الكبرى بالعاصمة الصينية بكين ومدينتي هويتشو الصينية ودلاس الأمريكية في آن واحد، بمناسبة افتتاح مشروع شركة إكسون موبيل (ExxonMobil)، في منطقة هويتشو داياوان الصناعية للبتروكيماويات في مقاطعة قوانغدونغ جنوبي الصين. وقالت إذاعة الصين الدولية(CRI) الناطقة بلغات عديدة منها العربية، أن هذا المشروع لإكسون موبيل هويتشو يُعد أول مشروع بتروكيماويات واسع النطاق تقيمه شركة أمريكية خالصة في الصين. ويضم المشروع، الذي تبلغ استثماراته حوالي 10 مليارات دولار .. (فقط).. !!!، كسارة إيثيلين بقدرة 1.6 مليون طن سنوياً.
هذا الاحتفال الكبير بهذه الاستثمارات الضخمة، التي تعجز عنها دول عديدة في العالم، ولا تعجز عنها شركة أمريكية واحدة، تكشف عن أن الهجمة الأمريكية على الصين هي مجرد كذبة كبرى، وعبارة عن هجوم مُنظّم من ألفه إلى يائه، يعمل على النيل من المكانة السياسية والاقتصادية الرائدة للصين كونها غدت (مصنع العالم) بامتياز وباعتراف جميع الشعوب وعالم الأموال والاستثمار ومجاميعه.
إذاعة الصين الدوليةCRI ، كشفت أيضاً عن أسرار هذا الاستثمار، والذي أعادت (شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية) الشهيرة بالجزائر والعالم العربي نشرها، برغبة مديرها العام الاستاذ عبد القادر خليل، فقالت: “تجدر الإشارة إلى أن العملاقة العالمية للبتروكيماويات أطلقت هذا المشروع على خلفية مكافحة العالم تفشي مرض كوفيد-19 ومعاناة الاقتصاد الدولي من الانكماش، خاصة بعد وصول سعر برميل النفط الأمريكي لسالب 37.63 دولار هذا الأسبوع، ما يظهر ثقتها الثابتة وتوقعاتها المتفائلة لمستقبل الصين، ما أثار اهتمام المجتمع الدولي كله، وتساءلت: من أين تأتي ثقتها وتوقعاتها؟”..
أجابت الإذاعة على هذا التساؤل بقولها: “في حقيقة الأمر، تأتي ثقة المؤسسات الأمريكية وتوقعاتها المتفائلة إزاء الصين من “القوة الصلبة” في البلاد التي تشكلها البُنية التحتية الكاملة والسلسلة الصناعية المثالية، وكذلك من “القوة الناعمة” التي تملكها الصين من خلال تعزيز الانفتاح وتحسين بيئة أعمال بشكل مستمر..”.. وكشفت أنه، و “في ظل تفشي وباء الالتهاب الرئوي الناتج عن فيروس كورونا الجديد (كوفيد19)، استغرق مشروع إكسون موبيل ما مجموعه 18 شهراً فقط من مراحل الاستعداد والتخطيط والانتهاء من الموافقة إلى إطلاقه رسمياً، ويرجع ذلك إلى وضع مقاطعة قوانغدونغ خططاً شاملة لتعزيز الوقاية من الوباء والسيطرة عليه والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ما قدّم ضمانات قوية لإطلاق المشروع في الموعد المحدد وأظهر “سرعة الصين” المذهلة”.
وتستمر الاذاعة الصينية ذاتها بإماطة اللثام عن الحقائق بالقول: إلى ذلك أيضاً، في 8 أبريل2020م، أعلنت شركة أمريكية أخرى، هي Wal-Mart، أنها ستوسّع استثماراتها في (ووهان) بمقدار 3 مليارات يوان (حوالي 420 مليون دولار أمريكي). كما وأصدرت غرفة التجارة الأمريكية في الصين وغرفة التجارة الأمريكية في شنغهاي وبرايس ووترهاوس كوبرز الصين تقرير التحقيق المشترك في 17 إبريل، وجاء فيه: أن أكثر من 70٪ من الشركات الأمريكية التي تم إجراء مقابلات معها في الصين قالت إنها لن تنقل عمليات الإنتاج أو التوريد أو الشراء إلى الخارج بسبب تأثير مرض كوفيد-19..!
لقد لفت انتباهي منذ شهور عدة، تواصل تسريب أنباء موثقة من الصين حول الشركات الأمريكية واستثماراتها هناك، برغم هجمات ترامب الحادة وتهديداته غير الواقعية وبلاغاته اللاموضوعية عن الصين دولة وشعباً واقتصاداً ونظاماً صحياً. هذه الهجمات يبدو أنها ترمي إلى التستّر على حقيقة تواصل الاستثمارات الأمريكية في الصين بمبالغ فلكية لا نهاية لها. وما استمرار الولايات المتحدة بجمع الأرباح من السوق الصيني سوى دلالة على مخطط جهنمي واسع لتحييد أوروبا الغربية عن الصين، وحصر الاستثمار في الصين بالأمريكان!
وجلي أن تضخيم الحملة الأمريكية على الصين تهدف إلى منع وصول الاستثمارات الأوروبية للصين، وفي نشر الخوف في أوروبا تحقيق هذا الهدف على أوسع نطاق، وبالتالي تُحقّق واشنطن واحتكاراتها الصناعية والاقتصادية إشغالاً واسعاً في نسبة استثماراتها المتنامية في الصين، دون غيرها من دول أوروبية وآسيوية وأفريقية، ودون مستثمرين غير أمريكيين!!!
وبرغم ما يُشاع عن الوباء من أخدار صحية، لا يزال المستثمرون الأجانب عموماً حريصين على الاستثمار في الصين، لأنهم لا يستطيعون التخلي عن سوق كبيرة يبلغ عدد سكانها ملياراً ونصف المليار نسمة على الأقل. ومثال على ذلك، تتوقع شركة “إكسون موبيل” أن تدر 39 مليار يوان (5.5 مليار دولار أمريكي) من الدخل التشغيلي كل عام بعد اكتمال المرحلة الأولى من المشروع. هذا هو بالضبط كما قال خبراء الاستثمار في شركة “بيري للاستثمار”، ” أكبر سوق في الصين هي الصين نفسها”..
وتستطرد إذاعة الصين الدولية (CRI)، أنه برغم ضبابية الموقف الأمريكي قيادة وشركات واستثمارات، بدأ مشروع شركة “إكسون موبيل” الاستثماري في الصين كما هو مُقرّر، هذا الأمر الذي سيؤدي إلى تعزيز ثقة جميع الأطراف للتغلب على المرض و تعميق التعاون الاقتصادي والتجاري الدولي.
ووفقاً لتوقعات محللي JP Morgan، ستكون الصين أول من يخرج من التباطؤ الاقتصادي الناجم عن المرض. في الواقع، تتمتع الصين بمزايا نظام صناعي كامل، وبنية تحتية سليمة، وموارد بشرية وموارد عمل، ولا يمكن تغييرها عن طريق المرض المفاجئ هذا.
واستشهد هنا بتحليل الإذاعة، أن أساسيات تحسن النمو الاقتصادي الصيني لن تتغير على المدى الطويل، ولم يتغير وضع الصين كجزء مهم من السلسلة الصناعية العالمية ووجهة الاستثمار العالمية الشهيرة. وفي المستقبل، سيفتح باب الانفتاح الصيني “المزيد والمزيد”، ومن المؤكد أن تلك الشركات متعددة الجنسيات التي تستثمر في الصين ستكسب فوائض أخرى من الأموال والفرص للحصول على المنفعة المتبادلة، و “الفوز المشترك” في عملية المشاركة في الانتعاش الاقتصادي والتنمية في الصين، التي هي في الواقع تنمية للعالم كله.
*يلينا_نيدوغينا: كاتبة وإعلامية روسية – أردنية؛ ورئيسة تحرير “الملحق #الروسي” في جريدة “ذا ستار”/ “الدستور” اليومية سابقاً؛ وعضو مؤسس وقيادي في الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء (وحُلفاء) #الصين.
*التدقيق اللغوي والتحرير الصحفي: الأكاديمي مروان سوداح.
*المراجعة والنشر: أ. عبد القادر خليل.
ـ – مقالة يلينا نيدوغينا/ الأحد/ 26 نيسان/ أبريل/2020م