شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية/
يلينا نيدوغينا*
ترّكز وسائل الإعلام العالمية والأطباء المتخصصين، على خطورة فيروس كوفيد-19 على كبار السن، الذين يسهل تقبّلهم للوباء وتضررهم منه بأقصى درجة، ما يعني موتهم في حال تمكّنه منهم. يتفق عدد كبير من العلماء على أن أصحاب السن المتقدم هم الأكثر تعرضاً لخطر الوفاة بالفيروس القاتل، لأن مناعتهم أكثر ضُعفاً. لكن، وبرغم ذلك، لا توجد قاعدة محدّدة.. فالفيروس خطر على الجميع، ضمنهم الاطفال والشباب، وما زال الفيروس طور دراسة عالمية لكشف طبائعه التي تتطور – للأسف -، ويتخذ أشكالاً جديدة، تتيح له تجديد هجماته على البشر من مختلف الأعمار، وفي مختلف البلدان، وفي أجوئها الطبيعية الباردة شمالاً والحارة جنوباً أرضياً.
وتأكيداً على نسبية خطورة الوباء على كبار السن، تلكم النتائج التي توصّل العُلماء الصينيون إليها، ونطالع قصصها يومياً في التقارير الطبية الصينية. حيث استطاع بعض كبار السن، ومنهم أولئك الذين وصلت أعمارهم إلى مئة عام وأكثر، هزيمة فيروس كورونا والتعافى منه، وغيرهم وصلت أعمارهم أو تخطت الستين والسبعين عاماً. وهنا بالذات تؤكد الصين أنه “لا توجد قاعدة ثابتة في إصابة البشر بالوباء”.
بالمقابل، نشاهد دولاً غير قليلة في أوروبا الغربية، أضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وكوريا الجنوبية، تعاني من ارتفاع مستمر في نسبة كبار السن من مواطنيها المصابين بالوباء، وسبق أن نشرت منظمة الامم المتحدة مقالة بعنوان “العالم يَشيخ”، وضّحت من خلاله أن الاحصائية البيانية للامم تشير، إلى أن نسبة كبار السن في ارتفاع وتزايد مستمر، وستصل النسبة الى 25% بحلول العام 2050م.. الأمر الذي سيترتب عليه مشاكل اقتصادية وعسكرية ستواجه هذه الدول!!! وفي قصص كبار السن الذين تم شفاؤهم من الفيروس اللعين، أعادت شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية بالجزائر، نشر مواد تناولتها الصحافة الصينية عن هذا الأمر المُثير للانتباه والبحث، فأحدها وأسمه موقع “standard” ، تحدث عن تعافي رجل صيني عمره 100 عام، خرج من المستشفى بعد شفائه من الفيروس التاجي. وكشفت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا)، أن هذا الرجل كان دخل مستشفى في مدينة (ووهان)، في 24 فبراير، أي في ذروة تفشي الوباء، واستطاع هذا المواطن التعافي، وخرج من (مستشفى هوبى للأمومة ورعاية صحة الطفل)، يوم السبت 7 مارس/آذار، مما جعله من أكبر المرضى سناً الذين نجحوا في العودة إلى الحياة الطبيعية.
وكشفت وسائل الاعلام الصينية، أن هذا الرجل، الذي لم يتم الكشف عن اسمه، تعافى برغم أنه كان يعاني من أمراض مزمنة عديدة، بما فيها قصور القلب؛ وارتفاع ضغط الدم؛ والزهايمر. وقام المستشفى باستدعاء مهنيين طبيين من الجيش الصيني، الذين عرضوا على هذا المريض مجموعة من العلاجات بسبب حالته الحرجة، وقد تلقى المريض مجموعة من العلاجات، ما بين الطب الصينى التقليدي والعلاج ببلازما الدم، وأدوية مضادة للفيروسات. وفي هذا الصدد، قال البروفيسور كريس ويتي، كبير الأطباء في بريطانيا: “حتى في الفئات الأكثر ضعفًاً وكبار السن، ووفقاً للبيانات في مقاطعة هوبى بالصين، فإن الغالبية العظمى ممن أصيبوا بهذا الفيروس استطاعوا التعافي، ولكن ليس الجميع، وبلغت نسبة التعافي أكثر من 90 %. وأوضح قائلاً: “أعتقد أنه من السهل أن تتصور أنه إذا كنت أكبر سنًا وكنت مصابًا بهذا الفيروس فأنت قد تتعرض للموت أو لا تستطيع التعافى – بالتأكيد لا، فإن الغالبية العظمى من الناس ستتعافى من هذا الفيروس، حتى لو كانوا في الثمانينيات من عمرهم”.
وفي مجال آخر، يرى بعض المحليين وعلماء السياسة، أن فيروس كورونا هو سلاح تم توليده مخبرياً باتفاق بين دول غربية للقضاء على كبار السن لكونهم؛ بعددهم الكبير؛ يشكلون “عالة” على المجتمع الغربي، بينما أخرون يرون أن حل هذه المشكلة يكمن في زياد التعداد السكاني في تلك الدول، وجعلها أكثر انتاجاً للسلع والخدمات والرفاهية. واتصالاً بهذا المجال، نشرت “وكالة دنيا الوطن الفلسطينية”، تقريراً موسّعاً على موقعها، حول أسرار انحسار كورونا في الصين، وتفشيه بدول أخرى. ورداً على إدعاءات بعض التصريحات والمقالات الغربية والامريكية حول تقاعس الصين تجاه كورونا على أراضيها، وأنها ضلّلت العالم والمنظمات الصحية العالمية، وأخفت معلومات حول طبيبة (فيروس) كورونا.. فهل ضللت الصين العالم بخصوص (كورونا)، ولِمَاذا استطاعت السيطرة على الفيروس، بينما تفشى دون سيطرة عليه في دول غربية أخرى؟
وفي الرد على إدعاءات وغثبرة وتهويشات الغرب السياسي إتجاه الصين، قال الدكتور المختص في علم الأوبئة، أديب الزعبي: لا أعتقد أن الحديث عن تضليل الصين للعالم، وإخفائها للمعلومات صحيح، لأن بإمكان أي جهة الآن أن تقوم برسم جيني له لمعرفة مكوناته، والصين كانت منذ البداية واضحة وشاركت العالم بالخريطة الجينية التي أخذوها من الفيروس. وأضاف الزعبي لـ”دنيا الوطن”: “الخريطة الجينية تحتوي على جينات تختص بفيروسات (كورونا)، وهناك جزء من الجين يكون مسؤولاً عن الانتقال من شخص لآخر، وهذا الجزء من الجين كان جديداً وغريباً على الفيروسات السابقة، فكان هناك بعض التساؤلات عن أصل هذا الجين الخاص بالانتقال، ومن هنا خرج الحديث عن كونه مصنعاً أو غير مصنع”.
وأكمل: باعتقادي أنه تحوّل فيروسي سريع، والفيروس يتحول مرتين، هذا ما أدى إلى إخراج سلالتين من الفيروس، تنتقل بين الناس، السلالة الأولى والثانية، والثانية أكثر هجومية من الأولى، وهي الموجود في إيطاليا وأوروبا، ويعتقد أنها من السلالة الثانية، والسلالة الأولى موجودة في أمريكا وأجزاء من أوروبا. وأوضح أن الصين، تغلبت على فيروس (كورونا) بعد تفعيلها للنظافة الشخصية، وغسل اليدين، ولبس الكمامات، متمماً: “وجد العلماء أن الفيروس ينتقل بصورة كبيرة ما بين فضلات الإنسان والفم، فعندما يدخل الإنسان الحمام ولا ينظف يديه بعد ذلك، ثم يصيب الأسطح والأبواب، وعندما يأتي شخص سليم يلمس ذات الأسطح، ويلمس وجهه ينتقل المرض، في الصين كسروا دورة الانتقال هذه، عبر حث المواطنين على غسل اليدين بعد الحمام بشكل مستمر، بالإضافة إلى لبس الكمامات للحد من انتشار الفيروس، ونجحوا في ذلك خلال أسبوعين”.
ـ لماذا حاصرت الصين الوباء وانتصرت عليه بزمن قياسي؟
ونشرت “دنيا الوطن” الفلسطينية بشرى من الدكتور المتخصص في علم الأوبئة، أديب الزعبي، لفلسطين والأردن والدول العربية بشكل عام، إذ أنه أكد أن الفيروس لن ينتشر بقوة وإتساع كبيرين في الوطن العربي، بسبب انتشار ثقافة النظافة والوضوء والطهارة، مردفاً أن ثقافة غسل اليدين غير موجودة لدى الأوروبيين؛ لذلك سيستمر المرض بالانتقال من شخص لآخر في أوروبا. وأشار إلى أن (كوريا الجنوبية) التزمت بالخطة الصينية، بإضافة نقطة، وهي عزل كبار السن في منتجعات خاصة لفترة قصيرة هي ثلاثة أسابيع، ومنعت عنهم الزيارات، لذلك حصدت كوريا على أقل نسبة وفيات في العالم، وهي أقل من 1% ..
ـ الانضباط الصيني والاستهتار الإيطالي
وفي دنيا الوطن أيضاً، نقرأ تأكيد الأستاذ الدكتور عبد الرؤوف المناعمة، أستاذ علم الميكروبات بكلية العلوم الصحية بالجامعة الإسلامية، أن البيانات التي تم نشرها في مجالات علمية محكمة، توافقت مع البيانات التي خرجت من الصين منذ البداية. وأوضح الدكتور المناعمة، خلال حديثه مع “دنيا الوطن” أن فيروس (كورونا) يصيب الإنسان من عمر صفر إلى ما لا نهاية، والجميع قد يصاب به، لكن نسبة الوفاة الأعظم هي في كبار السن، وخاصة من هم فوق الـ 70 عاماً، وكلما تقدم الشخص بالسن كلما كانت فرصة الأعراض والوفيات أعلى، والرجال معرضون للإصابة أكثر من النساء بنسبة 50%. وحول سبب انحساره في الصين وتفشيه بدول أخرى، قال الدكتور المناعمة: التجربة الصينية كان بها انضباط شديد جداً من قبل السكان، ورقابة شبه عسكرية من قبل النظام الصحي الصيني، بينما إيطاليا تعاملت باستهتار مع الموضوع، حتى وزير الصحة الإيطالي كان مستهتراً في بداية الموضوع، ولم يأخذ المسألة على محمل الجد، وبعد انتشار (كورونا) تم انتقادهم، الأصل أن يكون لدى كافة الدول التزام صارم وحديدي، مثلما حدث بالصين. ونفى أن تكون الصين قد ضلّلت العالم، مؤكداً أنها زوّدت كل دول العالم بالصفة الوراثية، والتسلسل الجيني للفيروس للتعرف عليه، بالتالي أصبح لدى كل علماء الأوبئة بالعالم القدرة على التعامل مع هذا الفيروس، من حيث فحصه والتعرف عليه. وأوضح، أن التطعيم الخاص بالفيروس لا يمكن الوصول إليه دون معروفة التسلسل الجيني للفيروس، والصين قد مدّت العالم بهذا التسلسل.
ـ وفي الخلاصة: الصين تنتصر، والصين تؤكد طليعتها في الفضاء الطبي والعلاجي، واستعدادها لهزيمة أي وباء مفاجىء. أما العالم الغربي فهو في ورطة كبيرة وحقيقية، ونظامه الصحي لا يرتقي إلى مستوى التحدّي لمقارعة كورونا، وربما غيره من الأمراض والأوبئة، مما يؤشر الى تغيّرات كبرى في جوهر الأنظمة الغربية، قد تكون مؤلمة وجذرية.
#*يلينا_نيدوغينا: رئيسة تحرير “الملحق #الروسي” في جريدة “ذا ستار”/ “الدستور” اليومية سابقا؛ وعضو مؤسس وقيادي في الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء (وحُلفاء) #الصين.
*التدقيق اللغوي والتحرير الصحفي: الأكاديمي مروان سوداح.
*المراجعة والنشر: أ. عبد القادر خليل.