في بداية هذا الأسبوع، لفت خبر مأساوي أنظار العالم يفيد بوقوع زلزالين مدمرين بقوة 7.8 درجة في جنوب تركيا بالقرب من الحدود السورية، قد تسببا في سقوط أكثر من 20 ألف شخص في تركيا وسوريا حتى الآن. يمثل هذا الزلزال أخطر كارثة شهدتها المنطقة منذ أكثر من 80 سنة، وقد يصل عدد المنكوبين إلى 23 مليونا وفقا للبيانات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية.
في الوقت الحالي، تبذل تركيا وسوريا قصارى جهدهما في عمليات الإنقاذ. لا شك أن شعبي البلدين يعيشان الآن أياما صعبة للغاية، إذ عانت منطقة الشرق الأوسط من الحروب والاضطرابات لسنوات عديدة قبل أن ضربها الزلزال المدمر، مما عرضها للأزمة الإنسانية الخطيرة. إن سوريا تعاني من الوضع الأكثر صعوبة نظرا لتعرضها للعقوبات الأحادية الجانب منذ فترة طويلة.
بعد وقوع الكارثة، بعث الرئيس شي جينبينغ ببرقيتي التعزية إلى كل من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس السوري بشار الأسد، معبرا عن خالص المواساة لذوي الضحايا والمصابين نيابة عن حكومة الصين وشعبها. وقررت الحكومة الصينية تقديم المساعدات الإنسانية الطارئة بقيمة 40 مليون يوان صيني لتركيا و30 مليون يوان صيني لسوريا، وتوفير إمدادات الإغاثة العاجلة للبلدين. قدمت جمعية الصليب الأحمر الصينية المساعدات الإنسانية النقدية الطارئة بقيمة 200 ألف دولار أمريكي إلى الهلال الأحمر لكلا البلدين، وقد وصلت إلى دمشق الدفعة الأولى من المواد الطبية الموجهة للمناطق المنكوبة في سوريا والتي تكفي لـ5000 شخص. كما تسرع الصين في تنفيذ مشروع المساعدات الغذائية لسوريا، منها 220 طنا من القمح الذي يكون في طريقه إلى سوريا، وأكثر من 3 آلاف طن من الأرز والقمح الذي سيتم شحنه على دفعتين في الأيام القريبة. وقد وصل فريق الإنقاذ الصيني وعدد من الفرق الاجتماعية الصينية للاستجابة للطوارئ إلى المناطق المنكوبة، وتكون بعضها في طريقها إلى هذه المناطق، لتنفيذ عمليات الإنقاذ، حيث ساعدت في إنقاذ عديد من الأشخاص ومنهم امرأة حامل.
أشادت وسائل الإعلام التركية والسورية بعملية الإنقاذ التي قامت بها الصين. قالت صحيفة “حريت” وصحيفة “ملييت” التركيتان إن الصداقة الحقيقية تعرف عند الشدائد، والمساعدات الإنسانية التي قدمتها الصين تعكس بشكل واف المشاعر المخلصة للتضامن في مواجهة الكوارث. قامت صحيفة “مورنينغ بوست” بالتغطية الواسعة النطاق عبر تويتر ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، حول انطلاق فريق الإنقاذ الصيني وتعاونه مع فرق الإنقاذ التركية في إنقاذ امرأة حامل والمنكوبين الآخرين. وقالت صحيفة “أنقرة” إن الصين جلبت الأمل لتركيا، معربة عن شكرها للشعب الصيني على مد يد العون. كما تناقلت منصات التواصل الاجتماعي التركية مقطع الفيديو المثير للجماهير التركية التي صفقت بشكل عفوي لاستقبال فريق الإنقاذ الصيني في المطار. أشاد مستخدمو الإنترنت الأتراك بالصين، معربين عن شكرهم للصين على تقديم المساعدات الإنسانية، وثنائهم على روح التضامن والحرص على مساعدة الآخرين التي تحملها الثقافة الصينية.
قامت وكالة الأنباء السورية وغيرها من وسائل الإعلام الرئيسية في سوريا بالتغطية المفصلة حول المساعدات الصينية لسوريا، مشيدة بمطالبة الصين الولايات المتحدة برفع العقوبات المفروضة على سوريا بشكل فوري، وبإعلانها عن الإجراءات لمساعدة سوريا، ومعربة عن شكرها للصين على مد يد العون لسوريا في اللحظة الحاسمة، بما فيها التبرع بالمواد الطبية لمساعدة سوريا في الإغاثة من كارثة الزلزال.
إن الكارثة تعرض أمامنا مدى هشاشة الحياة، بينما هي خير تجسيد تطلع فيه نور الإنسانية. وفي نفس الوقت، تم إطلاق نداء قوي من الكارثة مرة أخرى يدعو إلى التضامن بين البشرية، إذ أن البشرية تشارك في السراء والضراء، ومصالح دول العالم تترابط ترابطا وثيقا، والعالم هو مجتمع مستقبل مشترك لا يمكن تجزئته. نحن على استعداد للعمل مع دول الشرق الأوسط بالتساند والتآزر على تجاوز الصعوبات، وبذل جهود مشتركة لدفع العملية العظيمة لبناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.
