شبكة طريق الحرير الإخبارية/
جرائم الحكومة اليمينة المتطرفة فى فلسطين
بقلم: دكتورة كريمة الحفناوى.
عضو الاتحاد الدولى للصحفيين والإعلاميين والكتاب العرب أصدقاء وحلفاء الصين.
هدد اليمينى المتشدد إيتمار بن غفير وزير الأمن القومى بإسقاط حكومة بنيامين نيتانياهو فى غضون ثلاثة أشهر، إذا لم يتم تنفيذ شروطه بخصوص إعدام الأسرى الفلسطينيين، وتشكيل قوة مسلحة من المدنيين الإسرائيليين، وتمرير قوانين تقضى باستخدام عقوبة إعدام الأسرى وإبعاد عائلاتهم، ومعاقبة من يثبت تلقيه أموالا من السلطة الفلسطينية، ومن يحتفل بقتل اليهود، وأيضا توزيع الأسلحة على المستوطنين الذين يريدون الدفاع عن أنفسهم، وإذا لم يتم إحداث تغيير فى ملفات خاصة بالعدوان على غزة، وطرد أهالى الخان الأحمر، واقتحام المسجد الأقصى.
ترتكب الحكومة اليمينية المتطرفة بقيادة غلاة التشدد (وعلى رأسهم إيتمار بن غفير وزير الأمن القومى) مجازر يومية ضد الفلسطينيين مع الاقتحامات المتكررة لباحات المسجد الأقصى، بجانب الإعدامات اليومية للشباب الفلسطينى والأطفال.
وها هى حكومة الاحتلال تتخذ خطوات وإجراءات عقابية جماعية، بالمخالفة للقوانين الدولية، ومن هذه الخطوات هدم منازل الفدائيين، وحرمان عائلات منفذى العمليات الفدائية من حقوق الضمان الاجتماعى والعلاج والعمل بل وتهجيرهم خارج مدنهم وقراهم. كما تعهد وزير الأمن القومى بن غفير بالسماح “للإسرائيليين” بحمل السلاح للرد على الفلسطينيين مما يزيد من سفك الدماء، وأيضا تعهد بهدم المنازل وطرد سكان الخان الأحمر وتدمير البنية التحتية واقتلاع أشجار الزيتون.
وإذا انتقلنا إلى الداخل “الإسرائيلي” نجد مظاهرات حاشدة وصلت إلى 130 ألفا من “الإسرائيليين” الرافضين لسياسات الحكومة اليمينية المتطرفة، ويرفضون ماتقوم به هذه الحكومة من محاولات تدخل السلطة التنفيذية فى السلطة القضائية (بزعم الإصلاح القضائى) مما يحرر اليمين المتطرف المهيمن على الحكومة والكنيست من أى رقابة قضائية على التشريعات والقوانين التى يقرها، وأيضا يُمكِّن الكنيست من إعادة العمل بتشريعات القوانين التى تم إلغاؤها من قبل المحكمة العليا.
وبالطبع يدعم نتنياهو خطة وزير العدل فى إضعاف جهاز القضاء وتكبيله، وذلك ليحصل هو وبعض أعضاء الكنيست المتهمين فى قضايا فساد جنائية على طوق النجاة، والهروب من مواجهة مع القضاء.
وبجانب التظاهرات نجد ازدياد الهجرة العكسية لليهود من الداخل إلى بلدان أوروبية، ونجد أيضا أن الرئيس التنفيذى لبنك “هبوعليم دوف كوتلر” يؤكد أن البنوك بدأت تشهد تدفق الأموال للخارج فى الأيام الأخيرة، حيث تم نقل العديد من حسابات التوفير من إسرائيل إلى دول أخرى، وأن مناخ استقرار الاقتصاد على وشك الانتهاء. وتقود شركات التكنولوجيا (التى تمثل 15% من إجمالى الناتج الاقتصادى للبلاد) مظاهرات كبرى منذ عدة أسابيع اعتراضا على قرارات وإجراءات الحكومة اليمينية المتطرفة.
إن مايقوم به العدو يشعل المقاومة الشعبية الفلسطينية فى كل أراضى فلسطين، وها هم شباب فلسطين وأطفالها، يهبون للتصدى للعدو شباب عرين الأسود وشباب القدس وغزة والضفة، وها هى الشعوب العربية تنتفض لمساندة ودعم المقاومة الفلسطينية، وتلوح فى الأفق رايات الانتفاضة الثالثة وها هم شباب مخيم جنين يسطرون بدمائهم فصلا جديدا فى ملحمة النضال الفلسطينى.
على طول تاريخ المقاومة الفلسطينية تبرز مدينة جنين بصمود أبطالها ومقاومتهم المستمرة ضد العدو الصهيونى المحتل منذ وعد بلفور 1917 وحتى الآن مرورا بتنظيم أول مقاومة مسلحة بقيادة عز الدين القسام عام 1935، وفى عام 2002 إرتكب العدو المجرم أبشع مجزرة بحصار مخيم جنين لمدة عشرة أيام ومنع عن سكانه الفلسطينيين المياة والكهرباء والغذاء والدواء وقصف المخيم بطائرات إف 16 مم أدى لاستشهاد 52 فلسطينيا، وتدمير 150 منزلا بالكامل، واستمرت المقاومة ضد جنود الاحتلال وأسفرت عن مقتل 33 جنديا “إسرائيليا”.
وحتى هذه اللحظة لا يتوقف نهر العطاء والتضحية داخل جنين ونابلس والقدس وغزة وأراضى 1948، ولا تتوقف المقاومة داخل كل الأراضى الفلسطينية لتبث الرعب فى نفوس العدو وتجعله يفكر فى الرحيل مثلما تشير تحليلات بعض قيادات الاحتلال.
وفى نهاية شهر يناير 2023 اقتحمت حكومة الكيان المحتل مخيم جنين واعتدت بوحشية على سكانه الصامدين الأبطال وصوبت رصاصها تجاه أهالى المخيم فسقط تسعة شهداء كما أصيب العشرات وصبغت دماؤهم الطاهرة أرض فلسطين وسط صمت العالم الرأسمالى المتوحش والمساند للعدو الصهيونى،ووسط صمت الدول العربية التى قامت بالتطبيع مع العدو المجرم بلا مقابل بل أعطى هذا التطبيع غطاءً للجرائم التى تُرتَكب كل يوم فى حق الشعب الفلسطينى وفى حق المقدسات الإسلامية والمسيحية.
وعندما تحرك الشباب الفلسطينى للرد على مجزرة جنين، وهذا حق مشروع ومكفول وفقا للمواثيق الدولية، التى تنص على حق مقاومة الغاصب المحتل، إنقلب العالم الذى يكيل بمكيالين ويتعامل بمعايير مزدوجة، وندد بقتل عدد من أفراد العدو الصهيونى وأدان واستنكر، ومن المؤسف والمخزى فى زمن الانبطاح، أن هناك دولاً عربية أدانت واستنكرت ما قام به الشاب الفلسطينى البطل بل ووصفت عمليته الفدائية بالإرهاب!!.
ويجدر بنا أن نشير إلى أنه فى العام الماضى اعتبرت منظمات حقوق إنسان غير حكومية (منها منظمة العفو الدولية، ومنظمة بتسيلم الإسرائيلية ومنظمة هيومن رايتس ووتش) الكيان الصهيونى كياناً عنصرياً يقوم بالتطهير العرقى للفلسطينيين ويعمل على إقامة دولة يهودية، كما أنه فى الفترة الأخيرة تبحث محكمة العدل الدولية فى لاهاى الآثار المترتبة على احتلال الأراضى الفلسطينية والقدس، وهذا معناه ان المحكمة الدولية ستنظر فى مشروعية الاحتلال الصهيونى للأراضى الفلسطينية.
إن الأمل فى المقاومة الشعبية الشاملة وفى الشعوب العربية وشعوب العالم الحر الواقفة بجانب حقوق الفلسطينيين فى التحرير والعودة وحقهم فى بناء دولتهم على كامل التراب الفلسطينى وعاصمتها القدس.
إننا نوجه التحية لكل الدول التى تقف مع حقوق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته وعاصمتها القدس ومن هذه الدول جمهورية الصين الشعبية التى أكد رئيسها شى جين بينج على وقوفه ودعمه لحق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ونوجه التحية لجمهورية فنزويلا البوليفارية، التى إستقبل رئيسها نيكولاس مادورو سفيرة فلسطين فى أول الشهر الحالى عقب مجزرة جنين وقال “إننا نتفق مع الشعارات التى يتم ترديدها، (فلسطين واصلى، قاومى، دعى العالم ينتفض)، نسأل باسم ربنا أن تكون هناك عدالة مع قتلة الشعب الفلسطينى، لتوقف حكومة إسرائيل المذبحة التى لا مبرر لها، توقفوا عن حرب الإبادة، ندعو للسلام لكل شعوب العالم، هذه القضية الأكثر عدالة، قضية حق الشعب الفلسطينى فى الحياة، وفى أرضه، وفى العيش بسلام على الأرض التى عاشوا عليها لآلاف السنين”.
المجد والخلود للشهداء والنصر للمقاومة والحرية للأسرى والبقاء للشعوب والخزى والعار للمطبعين مع العدو الصهيونى.