حقق النمو الاقتصادي الصيني طفرات كبيرة خلال العقد الماضي، مع تحقيق إنجازات في التنمية المنسقة والخضراء والمبتكرة وتحسين مستويات معيشة المواطنين.
ارتفع الناتج المحلي الإجمالي للصين بنسبة 8.1% على أساس سنوي بقيمة 114.37 تريليون يوان (16.4 تريليون دولار أمريكي) خلال عام 2021، أو ما يقرب من ضعف ما كان عليه في عام 2012.
وكانت الوتيرة أعلى بكثير من الهدف المحدد المتمثل في 6% ومتوسط معدل النمو لمدة عامين متتاليين والذي بلغ 5.1%، على خلفية جائحة “كوفيد-19” التي وضعت ضغطا هائلا على الانتعاش الاقتصادي العالمي. واحتل قطاع الخدمات، جزء مزدهر لاقتصاد الصين، 53.3% من الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2021، ما يمثل زيادة قدرها 7.8 نقطة مئوية عن عام 2012.
ولذلك، أصبح الهيكل الصناعي للاقتصاد الصيني أكثر تنسيقا وتوازنا. وخلال عشر سنوات، أصبحت الصين أكبر محرك للنمو الاقتصادي العالمي، حيث قفز متوسط مساهمتها في الاقتصاد العالمي إلى 38.6% خلال عام 2021، أعلى من مجموع دول مجموعة السبع.
ولا يزال من الممكن الشعور بالتأثير المضاعف للأزمة المالية العالمية بين عامي 2007 و2008 في عام 2012، عندما دخلت الصين فترة من التنمية السريعة، مع ظهور التناقضات الهيكلية المتراكمة خلال فترة طويلة من الزمن تدريجيا. وفي هذا المنعطف الحرج، أصدرت القيادة الصينية حكما هاما مفاده أن “التنمية الاقتصادية للصين دخلت مرحلة طبيعية جديدة”.
وقال دونغ يوي، نائب العميد التنفيذي لمعهد الصين لتخطيط التنمية بجامعة تسينغهوا “أصدرت القيادة الصينية حكما علميا للوضع الاقتصادي واتجاه التنمية في ذلك الوقت. وبتوجيهاته، اتحد الحزب الشيوعي الصيني بأكمله في التفكير والعمل وفقا لقرار اللجنة المركزية للحزب الذي عزز بشكل كبير مبادرة تسريع التحول في نمط التنمية الاقتصادية”.
خلال السنوات العشر الماضية، حقق الإصلاح الهيكلي لجانب العرض للصين تنمية ملحوظة. وفي عام 2021، كان المتوسط الوطني لمعدلات الميكنة الإجمالية في زراعة الأرز والذرة والقمح أعلى من 90%. وبلغ معدل استخدام الطاقة الصناعية للبلاد 77.5% في عام 2021، ارتفاعا من 73% في عام 2012، مما يظهر سلاسل تصنيع وتوريد أكثر قابلية للتحكم.
وتلعب الصناعات الجديدة وأشكال الأعمال الجديدة ونماذج الأعمال الجديدة دورا متزايد الأهمية في تنشيط الاقتصاد، حيث تدر عائدات تصل إلى 20 تريليون يوان (2.87 تريليون دولار أمريكي).
وفي أواخر عام 2017، أشارت الصين إلى أن اقتصادها كان ينتقل من مرحلة النمو السريع إلى مرحلة التنمية عالية الجودة في المؤتمر الوطني الـ19 للحزب الشيوعي الصيني. واقترحت فكرا تنمويا جديدا يتميز بالتنمية المبتكرة والمنسقة والخضراء والمفتوحة والمشتركة.
ومع بذل الصين جهودا كبيرة في إستراتيجيتها التنموية القائمة على الابتكار، ارتفعت مساهمة التقدم العلمي والتكنولوجي في نموها الاقتصادي خلال السنوات العشر الماضية من 52.2% إلى أكثر من 60%، وفقا لإحصاءات اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح، أكبر مخطط اقتصادي للبلاد.
كما حدثت تحولات هائلة في التنمية المنسقة بين المناطق الحضرية والريفية للصين. وبلغ معدل التحضر للبلاد 64.7% في عام 2021، ارتفاعا من 53.1% في عام 2012، مع زيادة تضييق فجوة الدخل بين المناطق الحضرية والريفية.
وخلال العقد الماضي، نما استهلاك الطاقة للصين بمعدل سنوي متوسط قدره 3%، بمتوسط معدل نمو اقتصادي سنوي يبلغ 6.5%. وبحلول عام 2021، انخفضت كثافة استهلاك الطاقة للبلاد بنسبة 26.2% عن عام 2012. وتمثل الطاقة المتجددة مثل الطاقة الكهرومائية والطاقة النووية وطاقة الرياح الآن أكثر من ربع إجمالي استهلاك الطاقة.
وفي عام 2012، بلغ حجم التجارة الخارجية للصين 4.4 تريليون دولار أمريكي، بينما ارتفع إلى 6.9 تريليون دولار أمريكي في عام 2021. وزادت حصتها للصادرات في السوق العالمية من 11% إلى 15% خلال السنوات العشر الماضية. ومع مبادرة “الحزام والطريق” التي تفيد مناطق في أفريقيا وأمريكا اللاتينية، أنشأت الصين نوعا جديدا من الانفتاح الشامل عالي الجودة.
وتوفر تنمية الصين أيضا شعورا قويا بالأمن لمواطنيها العاديين. وفي أوائل عام 2021، أعلنت الصين أنها قضت على الفقر المدقع، ما يمثل إنجازا غير مسبوق في تاريخ البشرية. وتشير مجموعة الدخل المتوسط المتزايدة باطراد والمساواة في الحصول على الخدمات العامة للسكان الحضريين والريفيين إلى تحسن في رفاهية الناس.
وحددت الدورة الكاملة الخامسة للجنة المركزية الـ19 للحزب الشيوعي الصيني في أكتوبر عام 2020 مرحلة التنمية الجديدة بأنها المرحلة نحو بناء دولة اشتراكية حديثة على نحو شامل وتحقيق الهدف المئوي الثاني. ومع تداخل الجائحة والتحولات الكبيرة التي لم يشهدها العالم منذ قرن، قامت الصين بتعويم النمط التنموي الجديد.
وتم تعريف النمط الجديد على أنه سياسة “تأخذ كأساسها الدورة الاقتصادية الكبرى المحلية وتتميز بالتعزيز المتبادل بين الدورات الاقتصادية المحلية والدولية”، وتهدف إلى الاستفادة من الطلب المحلي للنمو المستقبلي وتسريع إنشاء سوق محلية موحدة. وظلت حصة الاستهلاك في النمو الاقتصادي فوق 50% لسنوات، مما يجعل الاستهلاك قوة دافعة رئيسية للاقتصاد.
وقال شي يوي لونغ، خبير اقتصادي “تمتلك القيادة الصينية نظرة ثاقبة للوضع المتغير وفهما للقوانين التي تحكم الممارسات وتوجيه الصين للبقاء ملتزمة بشؤونها وأخذ زمام المبادرة في عملية التحول، وبالتالي كتابة فصل جديد للنمو الاقتصادي في العصر الجديد وإحداث قفزة تاريخية إلى الأمام”.