شبكة طريق الحرير الإخبارية/
بقلم: باسم فضل الشعبي
*كاتب يمني، رئيس مركز مسارات للاستراتيجيا والاعلام، وعضو الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتاب العرب أصدقاء وحلفاء الصين.
اجادت دولة قطر صناعة العظمة، بالاعداد والتنظيم للمونديال العربي العالمي الكبير، ووجهت صفعة كبيرة لكل المشككين والمتعاليين، لتقدم رسالة عريضة للعالم بان العرب قادرون على الانجاز والابداع والابهار، اذا ما سنحت لهم الظروف، وتوفرت لهم الامكانات.
اثناء عشر عاما منذ اعلنت الفيفا فوز قطر باستظافة كاس العالم 2022، وخلال هذه السنوات المحدودة انجزت قطر ما لم يكن بالحسبان، لقد تحولت الدوحة وما جاورها الى ورشة عمل كبيرة في البناء والتشييد، لتتجلى في الأخير الروعة والعظمة لاستقبال اكبر حدث رياضي عالمي، سيكون بكل تأكيد الأنجح والافضل منذ انطلق لأول مرة العام 1930.
المونديال اصبح ايضا مناسبة كبيرة لتقديم العرب من جديد للعالم، عبر ثورة ثقافية عظيمة للتعريف بالحضارة والتاريخ وانجازات الانسان العربي على مر العصور، انها رسالة مميزة لربط الاصالة بالمعاصرة، وفيها الكثير من الثقة والاعتزاز بالنفس، والقدرة على تخطي الصعاب لجعل الحاضر عربيا مشرقا والمستقبل اكثر اشراقا على كافة المستويات، ومواجهة الخطاب والثقافات المتعالية باللغات البسيطة التي تفهمها، باننا لسنا الادنى واننا لقادرون على النهوض من جديد.
الاسلام كدين عظيم، وكثقافة وهوية نعتز بالانتماء اليها، كان حاضرا بقوة في هذا الحدث المونديالي الابرز، من خلال استحضار التعاليم والقيم التربوية والانسانية الواردة في القرآن الكريم والسنة المحمدية المشرفة، ووضعها على الجدران واللافتات في الشوارع والاماكن العامة باللغات العالمية المختلفة، ليتعرف الناس على هذا الدين العظيم، وعلى الرسالة السماوية العظيمة، التي تحث على السلام والتعايش والمحبة والاخلاق النبيلة، فضلا عن ذلك ايضا جعل المناسبة فرصة للدعوة الى الله والى الاسلام، من خلال توجيه الدعوة للدعاة والوعاظ لحضور هذا المحفل العالمي الكبير.
رسائل عظيمة من قلب الأمة النابض قطر الى العالم، حيث دعت جميع الحضور لاحترام التقاليد والثقافة العربية والاسلامية والذوق العام، وبرهنت ذلك بمنع كل المظاهر الدخيلة والشاذة التي تتصادم مع الثقافة العربية والإسلامية، ومع الفطرة السليمة، وابرزها منع الترويج لمجتمع الميم الشاذ كما حدث مع المنتخب الالماني الذي اراد ان يخترق انظمة المونديال، وقيم البلد المضيف، لكنه فشل في ذلك، وهزم اخلاقيا ثم هزم رياضيا وكرويا وغادر البطولة غير مأسوف عليه.
الرسالة الانسانية كانت حاضرة ايضا، لقد برهنت للعالم ان الحضارة العربية والاسلامية انما هي حضارة انسانية في الاساس، وهي رسالة للانسانية والبشرية اجمع، حيث صاغها حفل الافتتاح المبهر للمونديال في صورة جميلة ومعبرة ” لقد خلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم…” هذا هو كلام الله، وهذا هو الاسلام العظيم، الذي يتجاوز الافاق والحدود، و الذي ينبعث من جديد من دوحة الخير في ثورة ثقافية قيمة الى العالم والبشرية كلها.
نجحت قطر، و أفشلت كل الرهانات الخاسرة، ونجح معها العرب جميعهم، الذين عليهم اليوم ان يستعيدوا الثقة بانفسهم من جديد، بانهم قادرون على النجاح والبناء والتقدم، واستعادة الامجاد، وان يكون المونديال مناسبة اخرى ايضا على التقارب والوفاق العربي، وما حققته المنتخبات العربية من اداء، يعتبر شي مشرف ومبهر ، يجعل النجاح نجاحات كثيرة، ويؤكد ان المستقبل مشرق باذن الله لهذه الأمة العظيمة.